الدكتورة بتول عمور تصدر أول كتاب لها
"البوقالة الجزائرية تعود أدراجها إلى بلاد الأندلس"

- 1159

أصدرت الدكتورة بتول عمور أول كتاب لها بعنوان "البوقالة الجزائرية تعود أدراجها إلى بلاد الأندلس"، عن دار جودة للنشر والتوزيع. ويتضمن الكتيّب أكثر من عشرين بوقالة بالعربية العامية الجزائرية، مرفقة بترجمتها إلى اللغة الإسبانية، تم تقسيمها إلى أربعة مواضيع، وهي المال، والصحة، والعاطفة، والسعد. وكل موضوع يحتوي على ثلاث بوقالات؛ بوقالتان منها موجهة إلى العنصر الأنثوي، وبوقالة إلى العنصر الذكري، من أجل إتاحة فرصة التمني لكلا الفئتين بدون استثناء، إضافة إلى شق تعريفي تأريخي بالبوقالة؛ مفهومها، وعلاقتها بالموروث الشعبي الجزائري، وبُعدها الحضاري المشترك مع بلاد الأندلس.
ما يميّز هذا الكتيب عن غيره من الأعمال المشابهة، أن البوقالات المجمّعة تم إعدادها من طرف المؤلف، وضبط شعريتها بنسق إبداعي جديد يحترم النظم الشعرية، بدارجة جزائرية مهذبة تشبه إلى حد ما الشعر الملحون. ومن خصوصية الكتاب أيضا، ترجمة البوقالات المكتوبة إلى اللغة الإسبانية؛ سعيا قدر المستطاع، إلى الحفاظ على جماليات النص الهادف، وكذا تصدير المنتوج الجزائري ذي الصلة الأندلسية، إلى العالم الأجنبي، والإسباني تحديدا؛ للربط بين المعالم الحضارية والتاريخية المشتركة.
وأوضحت الدكتورة بتول أن سر اهتمامها بالبوقالة الجزائرية يكمن، أساسا، "في الترويج للموروث الشعبي الجزائري؛ بالعمل على تجديده بنسق إبداعي ممنهج ذي أبعاد بحثية وثقافية، يرمي إلى الحفاظ على الهوية الجزائرية عن طريق البوقالة، التي تحمل في طياتها خلفيات حضارية، تروي أحزان وأفراح وجموع النساء الجزائريات كلما أتيحت لهن فرصة السمر والسهر في المناسبات، بحلّة شعرية منمّقة، تأخذ المتلقي إلى عوالم ساحرة، تنبع من خصوصيات الواقع الجزائري بكل ما يحمله من خبايا تاريخية دفينة".
وعن علاقة البوقالة الجزائرية ببلاد الأندلس، أكدت الدكتورة بتول على أنها استُمدت من الموشحات الأندلسية المنتشرة في بلاد الأندلس. ثم توسعت بعد ذلك إلى بلاد المغرب الكبير، والجزائر تحديدا، حيث سميت بالبوقالة نسبة إلى البوقال الأمازيغي؛ حيث كانت توضع قصاصات صغيرة تحتوي على أمنيات شعرية، تختارها النساء الجزائريات بعد أن يعقدن قطعة من ثيابهن بنيّة تحقيق أمانيهن، على أن تُكتب هذه الأمنيات بإبداع شعري، وإلقاء سلس وممتع. وعن واقع البوقالة في الوسط الجزائري في ظل عصر التكنولوجيا، ترى الدكتورة بتول أن البوقالة تعاني من غياب تأطير لكتابة وإلقاء البوقالة؛ إذ يقتصر ظهورها على بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بدون تحديد ملامح هوية البوقالة، بل في معظم الأحيان يتم تناولها بدون دراسة قافيتها بانتظام، وهو ما يشوّه صورتها الحضارية. وفي هذا الصدد، حبذا لو يتم تشديد الرقابة الإلكترونية على الموروث الشعبي الجزائري، والحث على التطرق له من خلال مصادر ومراجع محكمة؛ حتى يتسنى لنا حماية هذا التراث غير المادي من السرقة وشتى أشكال التهميش. تجدر الإشارة إلى أن الدكتورة عمور بتول باحثة، ومترجمة، ومهتمة بالتراث الجزائري والترويج له خارج حدود الجزائر عن طريق الترجمة، التي ترى أنها أداة استراتيجية مهمة في إبراز الموروث الشعبي، والحفاظ عليه.
أما بالنسبة لمشاريعها المستقبلية، فأعربت المتحدثة عن استكمال مسارها بنفس الخطى، وذلك بالتوجّه إلى جمع قصائد الشعر الملحون وترجمته إلى الإسبانية، بتشكيل فريق من المترجمين والمؤرخين، ليكون مشروعا واعدا ذا مصداقية؛ لأنه يعكس حضارة تاريخية جزائرية، لها دلالات عديدة لسمات رجال الجزائر في مختلف المجالات.