في الذكرى 29 لاغتيال علولة

الباهية تعيد حكاية صاحب أدوار البطولة

الباهية تعيد حكاية صاحب أدوار البطولة
  • القراءات: 981
مريم. ن مريم. ن

يحيي المسرح الجهوي بوهران، هذا الخميس، الذكرى 29 لاغتيال عبد القادر علولة؛ من خلال وقفة تعيد أمجاد هذا الفنان الرمز، الذي كان علامة في مسار المسرح في الجزائر وخارجها. وسيتمكن الجمهور، بهذه المناسبة، من اكتشاف محطات مهمة في حياة الشهيد علولة، وفي المسرح الجزائري عموما.

يتضمن برنامج اليوم التكريمي معرضا للصور، خاصا بالراحل علولة، وبأعماله المسرحية التي حققت الانتشار الذي تعدى حدود الوطن، ولاتزال حية إلى اليوم، منها "القوّال" (1980)، والأجواد (1985)، واللثام (1989) إضافة إلى مسرحيات "التفاح" (1992)، و"أرلوكان خادم السيدين" (1993)، و"العملاق" (1994) التي لم يكمل كتابتها بسبب رحيله التراجيدي برصاصات إرهابية غادرة.

وتُعرض، أيضا، تجربة عبد القادر علولة الإبداعية التي فتحت الآفاق واسعة أمام البحث والاستثمار الفني؛ سواء على المستوى التنظيري، أو على مستوى الأداء.

ومن أقواله التي تدل على فلسفته الفنية: "بإمكاني تقديم مسرحياتي وحيدا داخل علبة شمّة.. لكن ذلك لا يستهويني".

اِستُدعي علولة عام 1963 لينضم لفرقة المسرح الوطني الجزائري، فشارك مع كبار الفنانين في صياغة بيان المسرح الوطني الجزائري، وكان منهم محمد بودية، وجون ماري بويجلين، ومحمد بن قانة، وعبد الرحمن كاكي، وكان هذا البيان مؤيّدا للواقعية الثورية، ومنددا بالرجعية، ويؤسس للمستقبل.

ومن 1963 إلى 1965 أدى علولة أدوارا في مسرحيات "أبناء القصبة"، و«حسن طيرو"، و"الحياة حلم"، و"القسَم"، و"الدون جوان"، و«وردة حمراء لي"، و«الشريرة المروّضة". كما ساعد علال المحب في إخراج مسرحيتيه الأخيرتين في 1964. وفي السنة نفسها أخرج علولة "الغولة" لرويشد، وألحقها بـ«السلطان الحائر" لتوفيق الحكيم، ولم يكن يتعدى السابعة والعشرين من العمر لما أصبح مديرا للمدرسة الوطنية للفنون الدرامية والكوريغرافيا ببرج الكيفان.

وعند رجوعه إلى المسرح الوطني الجزائري في 1967، قام باقتباس وإخراج مسرحية "النقود الذهبية" بمشاركة فرقة شابة لا يتعدى معدلها العمري اثنين وعشرين سنة، كان طموحها تأدية مسرح تجريبي، ونشر ثقافة الركح وسط جماهير البلد العميق؛ فقد كانت جولات المسرح الوطني تقتصر على خمس ولايات؛ هي وهران، والعاصمة، وعنابة، وقسنطينة وسيدي بلعباس.

يُذكر أن علولة نظم نقاشات في مختلف المسارح بحضور كل الشرائح السوسيومهنية من جهة، والمديرين من جهة أخرى، وكان أساسها إيجاد صيغة للتسيير الفعال والعقلاني للشأن الثقافي، وتحديد أهدافه، فاقترح "مخططا شموليا للنهوض". وبالموازاة مع زياراته لمسارح الدولة، كان يزور مختلف الفرق الناشطة، ويلتقي بالفنانين والكتّاب. وبادر باقتراح تأسيس ثلاثة مهرجانات؛ منها مهرجان مسرح الطفل والناشئة، ومهرجان المسرح الهاوي، ومهرجان المسرح المحترف. كما اقترح مسرحا وطنيا للناشئة، ومسرحا للفنون التجريبية، ومركزا وطنيا للأرشيف والتوثيق المسرحي. ويُذكر أن الراحل علولة نشّط المشهد الثقافي لمدينة وهران، فأنشأ بمعية كل فناني وهران ومثقفيها، جمعية "إبداع" التي رأت النور في 1988، واهتمت بشتى الفنون؛ كالرواية، والقصة، والشعر، والنقد والدراسات الأدبية، والفنون البلاستيكية، والسينما، والتقنيات السمعية البصرية، والمسرح، والموسيقى والأغنية. 

وظل علولة على اتصال مستمر بالفرق المسرحية الهاوية، يحضر إعاداتهم، ويناقشهم، ويوجّه مواهبهم، وينقِّح أعمالهم، وهو ما سيتجلى في مناسبة هذه الذكرى؛ على اعتبار الراحل اهتم بالشباب الهاوين، وأخذ بيدهم. كما أشرف على تهيئة الفضاءات الثقافية. وتابع، عن كثب، إصلاح قاعتين للسينما. وسُخّرت القاعة الأولى لاحتضان النشاطات المتعلقة بالطفولة والشبيبة، والثانية للمسرح التجريبي وتنظيم اللقاءات والمعارض. 

علولة عضو مؤسس لجمعية مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان، وقف، يوميا، على أشغال ترميم مركز ما بعد العلاج (النقاهة) للأطفال المصابين بالسرطان الكائن في منطقة الرأس الأبيض المعروفة، وكان يزورهم دائما وغالبا وحده، "ويظل يكلّمهم إلى غاية أن ترتسم ابتسامة على وجوههم، فيضع يده الضخمة على رؤوسهم التي أفقدتها حصص العلاج الكيميائي، الشعر".

وفي رمضان 1994 أهدى الراحل ملابس جديدة لبنات وحدة الطفولة المسعفة. كما أهداهن الحنّاء ليخضبن أكفهن، وقال لهن: "إن الحناء فأل حسن". ويومان قبل عيد الفطر، وذات خميس من العاشر مارس 1994، وعلى الساعة التاسعة والنصف مساء، اغتالت رصاصات الإرهاب علولة على بعد أمتار من مسكنه.

للإشارة، يقدَّم، بالمناسبة، كتاب "النشاط المسرحي في الجزائر 1945-1980..دراسة للمقاربة السوسيولوجية" للهجات لمحمد جليد (أطروحات ماجستر)، وكذا عرض فني تكريمي لشباب المسرح.