تخليدا لذكراه في شهر الشهداء

الباهية تستحضر تراث الأمير عبد القادر

الباهية تستحضر تراث الأمير عبد القادر
  • 1737
 خ.نافع خ.نافع

نظمت مؤسسة الأمير عبد القادر مؤخرا ندوة فكرية احتضنها فندق الميرديان بوهران حول «البُعد الفكري من أثر الأمير عبد القادر»، بحضور المفكر الفرنسي ورئيس المنتدى المتوسطي للوحدة، جون كريسكو وعدد من أحفاد الأمير عبد القادر، إلى جانب باحثين وأساتذة جامعيين وكذا رؤساء مكاتب المؤسسة عبر عدة ولايات من الوطن، منها البيض وتلمسان وعين تموشنت وسعيدة والشلف، إلى جانب طلبة ثانويتي ابن باديس وقاصدي مرباح بوهران.

أشار الأمين العام للمؤسسة السيد بوطالب شامي أن اختيار تنظيم هذه الفعالية العلمية خلال هذا الشهر المعروف بشهر الشهداء دليل على أن الأمير عبد القادر كان هو أيضا واحدا من شهداء الجزائر.

تناول المشاركون في مداخلاتهم التي أماطت اللثام عن هذه الشخصية التاريخية الفذة في السلم والحرب، فكر الأمير عبد القادر الجزائري (مثقفا وأديبا ومتصوفا)، وكذا استعراض المضامين المشتركة بينه وبين التراث الإنساني العالمي وارتباط مواقفه بقضايا العصر.

تزعم الأمير المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، ويعتبر رمز الوحدة الوطنية ورجل السلم، قاد حربا دامت 17 سنة ضد أقوى الجيوش في العالم آنذاك، بقيادة أزيد من 150 جينرالا و 16 وزير حرب و10 ماريشالات، وهو ما يعكس القوة البشرية والعتاد الحربي الذي أعدّته فرنسا في حربها ضد الأمير عبد القادر وكانت تعتبر ذلك حربا صليبية ثانية قادتها أوروبا باسمها ضد الأمير وضد الجزائر. 

أبرز أستاذ الشريعة الإسلامية وباحث في المخطوطات بجامعة وهران حسني بليل خلال مداخلته، الخصال والأخلاق النبيلة التي كان يتحلى بها الأمير عبد القادر، وأكد أن الأمير كان رجل نماذج حية وليس مجرد أفكار، كما كان يتسم بصفة المرونة والموضوعية واحترام مشاعر الآخرين ويقدم المصلحة العليا للبلاد على المصلحة الشخصية.. وراعى المقاصد الشرعية والتحرك والعمل وفق معلومات واقعية وميدانية.

وقد عُرف عن الأمير عبد القادر بطموحه وسعيه لبلوغ الكمال، فعندما تسلم الإمارة انطلق من الصفر ولم يجد الدعم من القبائل الأخرى آنذاك للمقاومة المسلحة ضد المستعمر، فاعتمد على الأسلحة القليلة التي تركها الأتراك في الغرب الجزائري، ثم قام بإنشاء مصانع لصنع الأسلحة بكل من تيسمسيلت وتلمسان ومدينة مليانة لازال البعض منها متواجد بالمتاحف الفرنسية.

كان الأمير عبد القادر يحرص على الدقة في اختيار وزراء دولته التي كانت تضم 17 قائدا من مختلف مناطق الوطن منهم القائد بن علال الذي لاتزال جمجمته بفرنسا، كذلك بوحميدي الولهاسي الذي استشهد في المغرب الأقصى، بينما أرجع الأستاذ بليل سبب بقاء فرنسا في الجزلئر طيلة هذه المدة إلى تناحر القبائل التي كانت متواجدة آنذاك طلبا للزعامة وتحالف بعضها مع فرنسا ضد بعضها البعض.

من جهته، أكد الأستاذ عبد الرحمان شارف من جامعة وهران في مداخلته أن الأمير عبد القادر كان شاعرا متصوفا وباحثا في الفكر وفي العديد من القضايا المعرفية.. وقد ترك تراثا ثريا ومؤلفات هامة منها كتاب «المواقف في التصوف»، ورسالة «ذكرى العاقل وتنبيه الغافل» الموجهة للفرنسيين، تناول فيها فضل العلم والعلماء.

للأمير جولاته في الشعر، وكتب رسائل تناول فيها مختلف القضايا التي برز فيها إبداعه ومكانته الأدبية والروحية، كما كان سعيه في العديد من المناسبات منصبا على تقريب الرؤى بين الشرق والغرب والدعوة إلى حوار الثقافات والديانات.