بحضور شخصيات تاريخية وجمعوية

الافتتاح الرسمي للمركز الثقافي"هيستوريال، العربي بن مهيدي"

الافتتاح الرسمي للمركز الثقافي"هيستوريال، العربي بن مهيدي"
  • القراءات: 1185
لطيفة داريب لطيفة داريب
افتتح المركز الثقافي "هيستوريال، العربي بن مهيدي" أبوابه، رسميا أول أمس برعاية ديوان الترقية الثقافية والفنية، حيث تمّ تكريم الشهيد العربي بن مهيدي بحضور شخصيات عرفته عن قرب وأخرى تأثرت بجهاده لأجل نصرة الجزائر ولمست حكمته وإنسانيته الكبيرتين.
بهذه المناسبة، تمّ تقديم عدة نشاطات تتمحور حول الشهيد العربي بن مهيدي، في الفضاء الثقافي الذي شيّد في الشارع الذي يحمل اسم هذا البطل والذي يُنتظر منه أن يكون في مستوى تطلّعات رجال الثقافة والفكر، والبداية بتقديم أبيات شعرية من طرف الشاعرة فوزية لارادي منها؛ الخاصة بها وبعضها استقتها من دواوين تتناول الجزائر وثورتها العظيمة مرفوقة بنغمات موسيقية هادئة.
وقدّمت فوزية أبياتا من ديوانها "قصايد للحب والوطن" (الشعر الشعبي) عن ثورة أوّل نوفمبر والثانية عن المجاهدات وأمهات المجاهدين والثالثة عن الجزائر، كما قدّمت أبياتا من قصيدتين الأولى عن العربي بن مهيدي والثانية حول مبنى مقام الشهيد.
وتأثّر الحضور بإلقاء فوزية لارادي وكذلك بالكلمات التي خرجت من كنهها بكل حماس، كيف لا والموضوع هو الجزائر وأبناؤها وبناتها الذين قدموا أرواحهم فدية لاستقلال البلد، بالمقابل قدّم رئيس بلدية الجزائر الوسطى الراعية لهذا الفضاء، السيد عبد الحكيم بطاش، كلمة قال فيها؛ إنّ اللقاء الذي تحضره شخصيات تاريخية وأخرى جمعوية وثالثة تمثّل بلدية الجزائر الوسطى، ما هو إلاّ تذكير بتضحيات الشهداء التي لا يمكن ردّ جميلها أبدا.
من جهته، تناول الكاتب الدبلوماسي خالفة معمري مراحل من حياة العربي بن مهيدي، خاصة وأنه سبق أن أصدر مؤلفا عن هذه الشخصية القيادية في الثورة الجزائرية، وقال؛ "إنّ الانفجار الذي حدث في خضم حزب الشعب الجزائري-حركة انتصار الحريات الديمقراطية، (بين المركزيين والمصاليين)، صعّب من مهمة من كانوا يدعون إلى شنّ الحرب ضدّ المستعمر الفرنسي وهذا بسبب الانقسام الحاصل بين المجاهدين وكذا غياب قائد عام يسير الثورة، إضافة إلى النقص الفادح في الموارد المالية".
وأضاف خالفة؛ أنه في هذه الظروف الصعبة برز بريق العربي بن مهيدي، خاصة بعد أن تم تفويضه رفقة خمسة من زملائه لتحضير الثورة تحت راية "لجنة التنسيق والتنفيذ" ليتم اتّخاذ قرار صعب وهو اندلاع الثورة ضد رابع أكبر قوة في العالم ألا وهي فرنسا.
كما أشار المحاضر إلى حكمة بن مهيدي الذي ترأس مؤتمر الصومام، كما تمّ إرساله من طرف عبان رمضان إلى منطقة الأوراس كي يعرف ما آلت إليه بعد اندلاع الثورة واتّجه بن مهيدي إلى زيغود يوسف الذي اخبره بخبر استشهاد مصطفى بن بولعيد من دون التأكّد من صحته وهو ما يعود إلى صعوبة التواصل بين المناطق الخمس في بداية الثورة.
وتناول خالفة، سفر بن مهيدي إلى القاهرة وعودته إلى الجزائر وهو على اقتناع بأنّ الثورة الجزائرية مضطرة للاعتماد على أبنائها وحسب، لأنها لن تحصل على دعم الدول العربية، كما أنه صاحب فكرة إضراب ثمانية أيام الذي شنه الجزائريون سنة 1957، أمّا وقائع القبض عليه من طرف المحتل الفرنسي، فذكر المتحدث ثلاثة سيناريوهات، الأولى أنه قبض عليه من طرف بيجار بعد أن استغل معلومات حوله، والثانية من خلال الاعتماد على جواسيس والثالثة حسب رواية يوسف بن خدة الذي قال؛ إنّ بن مهيدي قبض عليه في شقة قام بن خدة بإيجارها له، وتأسّف خالفة عن عدم وجود أيّ لافتة تبيّن مكان القبض على بن مهيدي ولا حتى عن مكان تعذيبه.
أما المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، فقدّمت شهادة عن العربي بن مهيدي فقالت؛ إنّها التقت به حينما كانت تقطن في القصبة رفقة جميلة بوحيرد وسامية لخضاري وحسيبة بن بوعلي، حيث جاء رفقة ياسف سعدي بعد أن طلب منه عدم ذكر بأنّه قائده، فكان حسب ظريف، قمة في التواضع والذكاء والإنسانية، ومكث معهن مدة طويلة فتعلّمن من خبرته في الحياة.
أمّا السيدة ظريفة بن مهيدي، أخت الشهيد، فتطرّقت إلى حياته العائلية حيث كان شديد الشرود نحو عائلته الصغيرة لأنه كان يعتبر أنّ الجزائريين جميعهم، عائلته، وكان يقول لوالدته حينما كانت تدعوه لأن يتزوج ويخلف أبناء، "يا أمي، كلّ الجزائريين أبنائي"، أما ابن أخته العربي مرحوم، فهو المهندس الذي شيّد هذا المبنى وذكر بأنها مسؤولية كبيرة لأنه يحمل اسم خاله الشهيد، في حين ذكرت السيدة ستي أخت الشهيدة حسيبة بن بوعلي أنّ والدتها زارت والدة العربي بن مهيدي وقالت لها؛ "لقد فقدت ابنين (العربي والطاهر)"، فردّت عليها "وأنت فقدت ابنة أيضا".
بالمقابل، عرفت افتتاح المركز الثقافي، عرض كتب عن الثورة وكذا رسم ثلاث بورتيهات لبن مهيدي من طرف أبناء "جمعية الفنون الجميلة" وهم زهور بن صديق وأحمد بوكراع وشفيق عطاء الله، الذين عبّروا لـ«المساء" عن افتخارهم الشديد بأدائهم لهذه المهمة معتبرين أنّ بن مهيدي، قائدا فذا وإنسانا عظيما.
وفي إطار آخر تلقت الشخصيات المشاركة بهذه المناسبة، تكريمات من طرف بلدية الجزائر الوسطى، كما وعد السيد محمد عباد، رئيس جمعية "مشعل الشهيد" بتنظيم عدّة نشاطات ثقافية في هذا المركز الذي يقع في قلب العاصمة وقد يكون قبلة للمثقفين والفنانين..نأمل ذلك.