الدكتور الشهاراني لـ"المساء":

الاعتماد على الثقافة لمحاربة التطرّف

الاعتماد على الثقافة لمحاربة التطرّف�
  • القراءات: 519
 حاوره: زبير. ز� حاوره: زبير. ز

دعا الدكتور السعودي سعد بن علي الشهاراني، الأمين العام للهيئة العالمية للعلماء المسلمين، الجيل الجديد إلى ضرورة الاقتداء بالسلف الصالح من النخبة، وخصّ بالذكر الإمامين عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، «المساء» التقت بالدكتور على هامش فعاليات الملتقى الدولي حول «النخب الجزائرية والحركة الإصلاحية في النصف الأول من القرن العشرين»، المنظّم بجامعة «الأمير عبد القادر» للعلوم الإسلامية، في إطار أول ملتقى لتظاهرة «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية»، وكانت لنا معه هذه الجلسة.

@ مرحبا دكتور...

— كل الشرف لنا ونحن نحط ببلد الشهداء وقلعة الأبطال والعلماء، ونشعر أنّنا بين أهالينا وإخواننا ولا نحس بالغربة، المسلم يشعر أنه ينتمي إلى أمة كبيرة عندما يحطّ ببلاد الجزائر، وهذه الحدود التي وضعت بيننا لا تمنع الحب والتواصل بين الشعوب والقلوب. 

@ أنتم في الجزائر للمشاركة في أشغال هذا الملتقى الدولي، ماذا ستقدّمون؟

— في إطار هذا المؤتمر المبارك، علينا أن نقوم بإظهار دور هذه النخب الجزائرية وهذا البلد المبارك الذي أنجب قمما وأسماء شامخة كان لها دور كبير في التاريخ الجزائري وتاريخ النهضة، هذه النخبة لم يقتصر نفعها على الشعب الجزائري فقط، بل عمّ أرجاء الوطن العربي والإسلامي، أمثال الشيخين عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، مداخلتي ستكون في إطار الحديث عن هاتين الشخصيتين، وأنا جد معجب بهما منذ زمن طويل وأقرأ لهما وأتتبع حقيقة سيرتهما، ولقد زرت في تلمسان خلال تظاهرة «عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2011»، تلك الدار التي كان يدرس فيها الشيخ ابن باديس وجلست في المقعد الذي كان يدرس فيه ولا تزال هذه الصورة محفورة ومحفوظة في ذاكرتي، وأتشرّف بها، كما زرت معسكر أرض الأمير عبد القادر، مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة، وأنا في الحقيقة جد معجب بهذه الشخصيات التي كان لها دور كبير في النهضة التي عرفتها الجزائر والتي ساهمت في التخلّص من الاستعمار الذي جثم على صدر هذا البلد العظيم وهذا الشعب المبارك ونهب ثرواته واستغل خيراته واستغل تسلّطه وقوته العسكرية في فرض الهيمنة بالقوة، لكن كما حفظنا «شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب».

@ هل لكم أن تحدّثونا أكثر عن نشاط ابن باديس والإبراهيمي في الحجاز؟ 

— عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي التقيا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكونا يعرفان بعضهما البعض من قبل، وكان ثمرة لقائهما أنّهما تمكّنا من وضع خطة محكمة ورسما منهجا موفقا لتأسيس جمعية العلماء المسلمين في هذا المكان المبارك، ونجح الرجلان اللذان سهرا الليالي للتخطيط من أجل مستقبل الجزائر، وهو ما أعتبره شخصيا توفّر الرؤية الاستشرافية لهذين الرجلين اللذين كانا من طينة الكبار، فلقد توفّرت لديهما مفاهيم عصرية في ذلك الوقت أو ما يعرف حاليا بالتخطيط الاستراتيجي، لقد كتبوا خطة كانت تتراءى أمام أعينهما، وعليه يجب على هذه الأجيال معرفة مثل هذه الشخصيات البارزة في العالم الإسلامي. 

@ كيف تشعرون وأنتم تحطون الرحال بمدينة ابن باديس؟

— أتشرّف بأن أكون في مسقط رأس الإمام ابن باديس، هذا العالم المجاهد البطل الذي يعتبر مؤسّس النهضة العلمية في الجزائر ومؤسّس جمعية العلماء المسلمين التي كانت شوكة في حلق الاستعمار وكان الاستعمار يحسب لها ألف حساب، وسعى إلى تعطيلها وإلغاء نشاطها، لكن هيهات فعلماؤها استمروا وثبتوا والحق يعلى ولا يعلى عليه.

@ كيف وجدتم قسنطينة وكيف تنظرون إلى تظاهرتها العربية؟

— هي تظاهرة فريدة من نوعها ونحن بحاجة إلى التطلّع إلى الثقافة العربية ونعرف الوجه المشرق لقسنطينة المدينة الفريدة التي تسمى «مدينة العلم والعلماء»، أنا معجب بهذا اللقب الذي أطلق عليها وهي جديرة بأن تكون منهلا للعلم والعلماء، جميل أن يبرز الجانب الثقافي العربي والإسلامي في هذه المدينة، لاسيما ونحن في زمن تحاول فيه اللائكية والعلمانية والثقافات الأخرى أن تطمس ثقافتنا وتحوّلها نحو الاتّجاه الغربي.. نقول لا ونحن هنا في هذا البلد الذي بإسلامه وعروبته وانتماءاته إلى أمته لا يزال راسخا وثابتا ونسأل الله أن يديم عليه نعمة الأمن والإيمان.

@ هل يمكن للثقافة أن تحارب التطرّف؟

— نعم، فالتطرّف لا يقتلع إلاّ بالثقافة لأنّ القوة الأمنية والعسكرية لا يمكن أن تزيل الفكر الذي يبقى ويتغلغل ويتجذر طالما هناك شبهات وأفكار متطرّفة متداولة، تظل القبضة الأمنية مؤقتة، وللقبضة العلمية ودور العلماء الأولوية في الثبات والرسوخ.

@ كيف ترون كعلماء وأساتذة مختصين، سبل النهضة العربية والخروج من هذا الركود؟

— يجب أن يكون هناك تضامن إسلامي واسع ورؤية شاملة لقضايا الأمة وفق الآية الكريمة «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، فالأمة واحدة وكتابنا واحد وهو القرآن ورسولنا واحد ومنهجيتنا يجب أن تكون واحدة، هذه المرجعية هي التي من المفروض أن تؤلف بين قلوبنا وتوحد صفوفنا.