مدينة سدراتة الأثرية

الاعتداءات على حدودها تفرض تدخلا استعجاليا

الاعتداءات على حدودها تفرض تدخلا استعجاليا
  • القراءات: 556
 ق.ث ق.ث

تعرف مدينة سدراتة الأثرية الواقعة في ولاية ورقلة، والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن العاشر ميلادي، خطر التلاشي والاندثار جراء التوسعات المحاذية لهذه المدينة،  أثر هذا التوسع سواء في المجال الفلاحي أو الخدمات بشكل كبير على المساحة المحمية الممتدة على مساحة 4.152 هكتارا (769 هكتارا  منها مصنفة) الخاصة بهذا الموقع الأثري المصنف كتراث وطني محمي، حسبما أكده لـ(وأج) محمد الأخضر بابا حمو، نائب رئيس.

أشارت جمعية "ايسدراتن" المحلية إلى أن التوسعات الجارية بالمنطقة كانت على حساب هذه المدينة المصنفة، وقد تجاوزت المنطقة المحمية وطالت كذلك المنطقة الأثرية دون المبالاة بخصوصيات المنطقة وقيمتها التراثية والتاريخية "الهامة".

أصبحت هذه التوسعات الفردية للمواطنين تهدد وبشكل فعلي التراث الحضاري لمنطقة سدراتة الضاربة في أعماق التاريخ، وأحد الشواهد  الدالةعلىتعاقبالحضاراتبالمنطقة،وهومايستدعيتدخلاعاجلالوقفهافيأقربالآجال.

يجري القيام بالعديد من الإجراءات من طرف السلطات العمومية بالولاية، من أجل حماية مدينة سدراتة الأثرية، من خلال إعداد مخطط لشغل الأراضي يسمح بتوسع بلدية الرويسات بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية بها، دون المساس بهذا المعلم الأثري.    

للإشارة، تعد مدينة سدراته أقدم مدينة تحت الرمال معروفة في الوقت الراهن، يعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي على يد الرستميين، أي ما بعد سقوط الدولة الرستمية بمنطقة تيهرت (تيارت حاليا) سنة 909ميلادي.

وجاءت بعد انتقال مجموعة منهم باتجاه الجنوب الشرقي للوطن، حيث أسسوا مدينة سدراتة بمنطقة "ورجلان" (ورقلة حاليا) وقطنوا بها لمدة تناهز 3 قرون كاملة.

تقع هذه المدينة الأثرية على بعد نحو 10 كلم جنوب غرب مدينة ورقلة،  حيث وبفعل العوامل الطبيعية الصعبة،غطيت معظم أجزائها بالكثبان الرملية، باستثناء بعض الجدران والدعامات التي مازال تشاهدة على ماضيها.  

ثلاثة قرون من الازدهار

عرفت هذه المدينة ازدهارا حضاريا واقتصاديا خلال الثلاثة قرون التي عاشتها، وتكونت فيها معالم حضارية عريقة وتفوقا واضحا في مختلف العلوم، تشهد عليها إلى اليوم مابقي من آثار معمارية وفنية ومخطوطات.

المقبرة التي لا تزال واضحة للعيان تدل على الإرث الثقافي والمكانة التاريخية والعمرانية التي يحظى بها هذا الموقع، مما يستدعي التدخل بصفة "مستعجلة"لحمايته وتكثي الجهود من طرف جميع الفاعلين لإبراز مكانته التاريخية والبحث في الوسائل والآليات اللازمة من أجل إبقائها قائمة وشاهدة على تاريخ المنطقة.

ولاتزال الرياح القوية التي تجتاح المنطقة في كل مرة تعري أجزاء من هذه المدينة وإزالة اللثام عنها، مما يسمح باكتشافها أكثر وهوماحدث أثناء اكتشافآ ثارمحكمة وآثارمسجد.

للإشارة،فإن تعليمات قدمت من طرف وزيرالثقافة عزالدين ميهوبي خلال زيارته الأخيرة إلى ولاية ورقلة، من أجل إعادة بعث الحفريات في هذا المعلم الحضاري الهام،بالتنسيق مع المعهد الوطني للآثاربالعاصمة.

كانت الحفريات التي أجريت بهذه المنطقة التاريخية المدفونة تحت الرمال قد توقفت سنة 2006، بعد وفاة علي حملاوي الذي ناقش بشأنها رسالة دكتوراه بجامعة السوربون (فرنسا).

كان لهذه الحفريات التي أجريت بالمنطقة سنة 1997، والتي تضاف للعديد من الدراسات الأخرى التي قام بها عدد من الباحثين، فضل كبير في إبراز الرصيد الثقافي الهائل الذي تمتاز به هذه المدينة الأثرية.