ملتقى تاريخ منطقة سكيكدة خلال الحقبة الاستعمارية

الاحتلال الفرنسي مارس أبشع صور القمع

الاحتلال الفرنسي مارس أبشع صور القمع
  • 4182
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تناول المشاركون في الملتقى الثامن حول تاريخ منطقة سكيكدة خلال الحقبة الاستعمارية من 1838 إلى 1962، الذي احتضنته مؤخرا قاعة المحاضرات للمركز الإسلامي بسكيكدة، موضوع السياسة الإجرامية التي انتهجها الاستدمار الفرنسي عند احتلاله بلادنا، ومنها منطقة سكيكدة؛ إذ استعمل كل الوسائل لبسط قمعه؛ قصد إخضاع الشعب الجزائري لإرادته. ورصدت "المساء" آراءهم في الموضوع.

الأستاذ نور الدين بودربالة: 

تفتيت القبائل وإنشاء "الدوّار" لقهر الأهالي

 يرى الأستاذ بودربالة نور الدين أخصائي في التاريخ الحديث من جامعة معسكر ـ كما جاء في حديثه إلى "المساء" ـ بأن الإدارة الاستعمارية بعد أن شرعت في تجسيد سياستها العسكرية في المنطقة بداية من سنة 1838 بإخضاعها للسلطة الاستعمارية، قامت مباشرة بممارسة سياستها الإدارية، التي بدأتها بعملية إحصاء عدد القبائل وفروعها بالمنطقة، والمقدَّر عددها بـ 30 قبيلة، ثم عملت على تفتيت وتفكيك تلك القبائل؛ بإنشاء ما يُعرف بـ "الدوّار"، الذي أصبح يضم فروع القبائل؛ بغرض إضعاف وحدة الشعب الجزائري.

 وأكثر من ذلك، فقد ألغت الإدارة الاستعمارية نظام القيادات والاتحاديات حتى يتسنى لها ممارسة سلطتها النافذة على هؤلاء السكان، الذين اضطر العديد منهم في ظل ذلك الوضع الخانق، للهجرة إلى المدن؛ قصد كسب قوتهم؛ مشكلين بها الطبقة الغالبة عن المعمرين، وفي نفس الوقت هروبا من التعسف الاستعماري في الريف.

الأستاذ طويل العيدي: 

توظيف التراث لخدمة الأفكار الكولونيالية

اعتبر الأستاذ طويل العيدي أخصائي في التاريخ والآثار بجامعة محمد لمين دباغين في سطيف، أن الاستعمار الفرنسي عند احتلاله بلادنا بداية من سنة 1830 إلى غاية 1962، كرّس نظرته الاستعمارية البحتة للتراث الذي وظفه لخدمة الأفكار الكولونيالية. والدليل على ذلك تركيزه عند احتلاله الجزائر، على جرد وجمع الآثار المتعلقة بالحقبة الرومانية دون غيرها من الحقبات بالرغم، كما قال، من أن كل المدن الكبرى كانت تزخر بكمّ هائل من التراث الذي يعود للفترات الإسلامية الطويلة. وغرضُ الاستعمار من اهتمامه بذلك التراث هو محاولة السلطات الاستعمارية الظهور بمظهر المهتم بالتراث المحلي وبالقطاع الثقافي، وكدليل على ذلك، كما قال المتحدث، قيامها، خلال الذكرى 100 لاحتلالها الجزائر، بتدشين العديد من المتاحف والمؤسسات الثقافية ذات بعد استعماري. ويرى من خلال قراءته مثلا لمضامين اللوحات الفنية الموجودة بالنزل البلدي لسكيكدة والتي أُنجزت معظمها من قبل فنانين عاصروا تلك الحقبة، تلك القراءة التي تزكّي نظرة الاستعمار الحقيقية للتراث المحلي، والتي تراوحت بين الإعجاب والانبهار بجمال وسحر المنطقة وغناها الثقافي، لكن بخلفية كولونيالية.

الأستاذ حداد أحمد:

الصحافة الاستعمارية.. تعتيم وتزييف الوقائع

أما الأستاذ حداد أحمد أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، فقد اتهم الصحافة الاستعمارية بتعمدها تزييف الحقائق؛ بجعل المستعمر الضحية، والمجاهدين المرتزقة وقطّاعَ الطرق والمجرمين المتوحشين. وكعيّنة على ذلك، كما قال لـ "لمساء"، ما جاء في صحيفة "برقية قسنطينة"، التي تأسست سنة 1908، حين وصفت هجومات العشرين أوت 1955 بالشمال القسنطيني، بأبشع الأوصاف، معتبرا أن الصحافة الاستعمارية التي كانت تصدر بالجزائر، هي في الواقع صحافة المعمّرين، كانت تدافع فقط عن الأقلية الأوروبية وعن امتيازاتهم وعن مصلحة الجزائر الفرنسية؛ لهذا فقد عملت على مصادرة صوت الجزائر، وتعتيمه تعتيما مطلقا؛ لذا رأى أن هجومات العشرين أوت 55 جاءت لتكسر ذلك التعتيم، ومن ثم إسماع صوتها للعالم بأن ثورتها ضد المستعمر الغاشم إنما هي ثورة من أجل قضية عادلة.