في الذكرى العشرين لرحيله
الإشادة بنضال وخصال وعلم بن يوسف بن خدة

- 999

احتفاء بالذكرى العشرين لرحيل المناضل والرئيس بن يوسف بن خدة، المصادفة لـ4 فيفري، نظمت المنظمة الوطنية للمحافظة على الذاكرة وتبليغ رسالة الشهداء، بالتعاون مع جامعة الجزائر "1"، ندوة تاريخية حول شخصية هذا المجاهد الفذ، احتضنتها أول أمس، الجامعة المركزية، وشارك في تنشيطها أساتذة جامعيون.
بالمناسبة، قال مدير الجامعة، البروفسور فارس مختاري، إن جامعة الجزائر "1" تحمل اسم الرئيس بن يوسف بن خدة، وهو واحد من الرجال الكبار للثورة التحريرية الكبرى، كما أن الهدف من تنظيم هذه الندوة بالتعاون مع المنظمة، هو تذكر هذا المجاهد العظيم وما قدمه من نفس ونفيس من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة. مضيفا أن الجزائر أمانة الشهداء والمجاهدين الذين بفضلهم ننعم بالاستقلال، ليطالب بضرورة صون الوديعة وحفظ الأمانة بكل عزم وحزم، والارتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدمة.
أما الأمين العام لمنظمة الحفاظ على الذاكرة وتبليغ رسالة الشهداء، عبد الكريم خضري، فقد تطرق إلى نشاط المنظمة المتفرع إلى ملتقيات وطنية وأيام دراسية وندوات فكرية وفعاليات ثقافية ورياضية، خدمة للتاريخ، مشيرا إلى استهداف شريحة الشباب بالدرجة الأولى، حتى تتشكل لديهم مناعة تاريخية، في ظل التحديات التي يواجهونها في الوقت الراهن. من جهتها، أدارت البروفسورة نبيلة عبد الشكور الندوة التاريخية، وقالت إن الجزائر بلد ولود أنجب على مر التاريخ، رجالا بأتم معنى الكلمة، مشيرة إلى أن بن خدة سياسي وجندي ومجاهد وعالم وطبيب وكاتب بامتياز، كانت له تجربة ميدانية ثورية عريقة في ظل الحركة الوطنية والثورة التحريرية، كما كتب مؤلفات وسميت جامعة الجزائر باسمه.
نشط الندوة التاريخية الخاصة بالمجاهد بن يوسف بن خدة، كل من الدكتور مصطفى عبيد والدكتور عمر بوضربة، والبداية بعبيد الذي افتتح مداخلته بالتأكيد على قدرة الطالب الجزائري على خدمة بلده، مثلما فعل بن يوسف بن خدة، الذي بدوره كان طالب الصيدلة بجامعة الجزائر، بعد نيله للبكالوريا عام 1943. وتابع أنه من مواليد البرواقية عام 1920، توفي عام 2003 بالعاصمة عن عمر ناهز 83 سنة، أتقن اللغة الفرنسية، مما أهله لمواصلة دراساته العليا، كما تعلم اللغة العربية، وهو ما سمح له بحفظ القرآن الكريم والتأكيد على انتمائه لجزائر جزائرية.
وتابع مجددا، أن بن خدة أفنى كل حياته خدمة لبلده، حيث ناضل في الحركة الوطنية قبل تفجير الثورة، وقاد حملة ضد التجنيد الإجباري الذي فرضته فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، ليتعرض إلى السجن، وعمره لا يتجاوز 22 سنة، كما كان أحد مهندسي مظاهرات ماي 1945، وضحى بمصلحته الخاصة من أجل المصلحة العليا للبلد. بالمقابل، تخرج بن يوسف بن خدة من كلية الطب، تخصص صيدلة، ثم انضم إلى حزب الشعب، وبعدها إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية، فجبهة التحرير الوطني. وأضاف أن بن خدة تمدرس بشكل ممتاز في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، كما تحمل أعباء كثيرة من خلال إيصال رسالة النضال السياسي، ومن ثم قرار العمل المسلح إلى الشعب الجزائري من دون علم الاستعمار الفرنسي.
بدوره، تناول الدكتور عمر بوضربة محطات من نضال هذا الرجل الصيدلي، الذي بدأ كمناضل بسيط لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، إلى أن أصبح أمينا عاما للحركة لعهدتين كاملتين، كما كان ينتمي إلى الجيل الذي التحق بالتيار الوطني الاستقلالي أثناء الحرب العالمية الثانية، ليواصل نضاله إلى غاية عام 1962، ويكون من بين الذين ساهموا بشكل فعال في تحويل مرحلة النضال السياسي العقيم إلى فترة النضال المسلح.وأكد بوضربة، استفادة جبهة التحرير من ثقافة وعلم بن يوسف بن خدة، الذي ساعد كثيرا الشهيد عبان رمضان في تأطير المنظمات الجماهيرية، وكان له دور كبير في إضراب الطلبة، وعين بعد مؤتمر الصومام في لجنة التنفيذ والتنسيق، ثم أصبحت له مهمة تمثيل الجزائر في الخارج، بعدها عين وزيرا للشوؤن الاجتماعية في الحكومة المؤقتة الأولى، ليتم عزله في الحكومة المؤقتة الثانية، ومن ثم يعود إليها كرئيس في الفترة الممتدة من أوت 1961 إلى صائفة 1962، كما لعب دورا جوهريا في مفاوضات إيفيان، ليتنازل عن منصبه في صائفة 1962، حقنا للدماء، ويغادر السياسة ولجأ إلى الكتابة، وصدرت له خمسة كتب جد مهمة، يؤكد الدكتور.
أما العقيد والدكتور صالح باروي، فأشار إلى ميلاد بن يوسف بن خدة في مرحلة ميلاد التيارات الجزائرية المختلفة، (الاستقلالية، الإدماجية والإصلاحية)، مضيفا أن هذا المناضل الفذ قرر عزل السياسة في الفترة التي امتدت من جويلية 1962 إلى سبتمبر من نفس العام، والتي لقبت بـ«صائفة 1962"، وهي الفترة التي وصفها الأستاذ بمرحلة التعديلات والمؤامرات والانقلابات والمناورات، بعدها تفرغ للنشاطات السلمية والثقافية، ويؤكد قائلا "لقد بدأ بن يوسف بن خدة حياته صيدليا وتوفي صيدليا".