الدكتورة الجزائرية وردة بلقاسم العياشي لـ "المساء":

الإسلام أكبر ديانة حمت حقوق الإنسان، والتعليم الإلكتروني ضرورة إلزامية

الإسلام أكبر ديانة حمت حقوق الإنسان، والتعليم الإلكتروني ضرورة إلزامية
  • القراءات: 2227
 حاورتها: لطيفة داريب حاورتها: لطيفة داريب

وردة بلقاسم العياشي دكتورة جزائرية تدرّس بجامعة الأميرة نورة بالمملكة العربية السعودية ومديرة برنامج الجودة، سبق لها أن فازت بجائزة جامعة الدول العربية لتتحصّل على منحة دراسة الدكتوراة بمصر. كما قدّمت دكتوراه ثانية السنة الفارطة بالجزائر. "المساء" التقت بالدكتورة وردة على هامش مشاركتها في "الملتقى الدولي للتعليم عن بعد، الجزائر أنموذجا"، الذي نظمته جامعة تيزي وزو في الفترة الأخيرة، فكان هذا الحوار:

@@ ما هي النتائج التي توصّلت إليها من خلال الدراسة الميدانية التي قمت بها حول التعليم الإلكتروني بجامعة الأميرة "نورة" بالمملكة العربية السعودية؟

— قمت بدراسة ميدانية من خلال توزيع استبيانات، طرحت فيها إشكاليات تتمثّل في مدى جودة تطبيق معايير ضمان الجودة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي، بخصوص الخدمات التي تقدمها عمادة ضمان الجودة والتعليم عن بعد بجامعة الأميرة نورة، ومدى رضا هيئة تدريس أو منسوبي جامعة الأميرة نورة عن هذه الخدمات من ملامح دورات تدريبية ووسائل الاتصال ووضع المقرّرات في قالب إلكتروني إلى غير ذلك. ومن النتائج التي توصّلت إليها نجد اهتماما كبيرا من جامعة الأميرة نورة، بتطبيق التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني. والدليل وجود عمادة كاملة بالجامعة، تقوم بالدورات وتوفّر الإمكانيات المادية والتكنولوجية للوصول إلى تطبيق معايير جودة لوضع هذه المقرّرات في قالبها الإلكتروني، وإيصالها إلى الطالب أو المنسوب إلى الجامعة. 

@@ هل يمكن تطبيق التعليم الإلكتروني في المملكة العربية السعودية بشكل مطلق؟ ماذا عن البدو الرحّل وعمّن لا يملك حاسوبا؟ 

— صار التعليم الإلكتروني بطبيعة الحال ضرورة إلزامية، ولكن هذا يتوقّف على توفير الإمكانيات، وتقبّل من طرف مؤسّسات المجتمع المدني ومن طرف الطالب المعني بالأمر أيضا. بالمقابل، لا تتوفّر كلّ الجامعات على نفس المستوى المادي والتكنولوجي لتوفير هذا النوع من التدريس، هذا الأخير الذي يعدّ تعليما جديدا إلى حدّ ما، حيث بدأ تطبيقه سنة 1989، وبالتالي يجب الإجابة على السؤال التالي: "هل لكل الجامعات نفس الإمكانيات لتطبيق التعليم الإلكتروني؟"، حتى لو توفّر ذلك هل يتقبّل منسوب الجامعة هذا التعليم؟ لأنّ الطالب قد يقول بأنّ الجامعة متوفّرة فلماذا أتّجه إلى التعليم الإلكتروني؟ كما لا يتوفّر الجميع على حاسوب وإنترنت، لأنّ التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني أساسه التكنولوجيا، وبالتالي هل كلّ الناس يمكنهم الالتحاق بالتعليم الإلكتروني؟ ففي زمن مضى، كان هناك تعليم بالمراسلات، ومن ثم التكوين المتواصل الليلي، بعده التعليم عن بعد، ثم الإلكتروني.

@@ ولكن يمكن للجامعات العادية أن تعتمد أيضا على التعليم الإلكتروني، أ ليس كذلك؟

— بلى، فمثلا أنا أعطي مقررا عاديا وأحاول توظيف الجانب الإلكتروني فيه. كما أتواصل مع الطلبة والزملاء عن طريق الإيميل، أي الجانب الإلكتروني، وبالتالي لا يجب أن يكون التعليم الإلكتروني فقط عن بعد، بل قد يكون حتى في التعليم العادي.

@@ولكننا نفتقد التواصل المباشر والاحتكاك بين الطالب والأستاذ في حال اعتمادنا على التعليم الإلكتروني؟

— نعم يوجد بين الطالب والأستاذ رابط حسي، معنوي، ثقافي وحضاري، ويبقى التعليم العادي أساس كلّ شيء، فالتغيير حلو، وجميل أن نتأقلم مع التطوّر التكنولوجي والثقافي خاصة في مجال العولمة، ولكن يبقى الأستاذ والقاعة التدريسية والفواصل الدراسية، أساس التعليم.

@@ هل يمسّ التعليم الإلكتروني الجامعة فقط؟

— هو كذلك بالنسبة للنظام السعودي، حيث إنّه يمسّ فقط الطور الجامعي فما فوق ولا يعنى بالأطوار التعليمية الأخرى. 

@@ هل التدريس في المملكة العربية السعودية مختلف عن نظيره بالجزائر؟

— التحقت بالتدريس في المملكة السعودية، وأنا مديرة برنامج الجودة، وأدرّس مواد في قسم القانون بجامعة الأميرة "نورة". كما درّست في السابق في طرابلس وكذا في الجزائر، لألتحق بالمملكة السعودية، حيث درّست في بداية الأمر في جامعة "الملك عبد العزيز"، لأنتقل إلى جامعة "نورة" بسبب انضمامي لرابطة حقوق الإنسان، فكان من المفترض أن أكون بالعاصمة؛ أي بالرياض، وهكذا وجدت نفسي في جامعة "نورة" التي تُعتبر من أكبر الجامعات على مستوى العالم التي تحتضن أكبر عدد من الطالبات في جميع التخصّصات. كما تضم 12 كلية وأكثر من 12 تخصّصا، علاوة على توفّرها على عمادة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. وتعود أهميتها إلى بنيتها التأسيسية، وبالضبط من ناحية تطبيق معايير الجودة للحصول على الاعتماد الأكاديمي.

@@ ما هو الجديد الذي أضافته الدكتورة الجزائرية للجامعة السعودية "الأميرة نورة"؟

— أي جامعة في العالم تسعى للحصول على الاعتماد الأكاديمي. ومن بين مؤشرات ومعايير جودتها استقطاب أساتذة من أكبر المدارس المختلفة في العالم؛ سواء المدرسة الفرانكفونية أو الأنجلوساكسونية والشرق الأوسطية والعربية، ولهذا نجد أنّ معظم جامعات دول الخليج العربي تستقطب أكبر نسبة من الأكاديميين من مختلف المدارس لنقل الخبرة الأكاديمية، وبالتالي استفدت من هذا الاحتكاك.

@@ صدر لك مؤلّف بعنوان "حقوق الإنسان بين مقاصد الشريعة والمواثيق الدولية"، حدثينا عن بعض تفاصيله ونحن نعيش زمن الإسلاموفوبيا؟

— أنا عضو برابطة حقوق الإنسان الجزائرية، صدر لي مؤلف بعنوان "حقوق الإنسان بين مقاصد الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية" الذي سبق وأن ترشّحت به للحصول على جائزة بقطر. الكتاب في حدّ ذاته يتكلّم عن حقوق الإنسان ومكانتها في مقاصد الشريعة الإسلامية في الإسلام، ويبرز كيف أنّ أكبر ديانة اعتنت بحقوق الإنسان واهتمت بها، وهي الديانة الإسلامية، وهذا منذ نشأة الجنين في رحم أمه إلى اللحد. ولو حلّلنا كلّ المواثيق الدولية لوجدنا أنّ أساسها موجود في مقاصد الشريعة الإسلامية، كما أنّه حينما تتفاقم الأزمة عند الغرب يحلّلونها علميا، ويجدون أنّ لنتائجها دلائل في القرآن الكريم، وهذا ما يسمى في مجال الدراسات الفقهية الإسلامية بالإعجاز القرآني في العلم، حتى إنّ أكبر علماء الغرب أسلموا من هذه النقطة.

@@ كيف تجيبين على اتهامات الغرب بأنّ الدين الإسلامي لا يحترم حقوق الإنسان بما أنه يأمر بقطع يد السارق مثلا؟

— هذا يسمى تطبيق القصاص، لكن أجاوبه بطريقة ثانية، أقول له هل تطبيقك لحكم المؤبد خفّض نسبة الجريمة؟ مثلا منظمة حقوق الإنسان تراعي حقوق السجين من غرفة الاتهام إلى السجن نفسه، الذي أصبح بمثابة فندق "خمس نجوم"، حيث يتوفّر السجين على حقوق المأكل والمشرب والتلفزيون والأنترنت، حتى إن من هناك يسرق كي يدخل السجن الذي لم يعد كذلك، بل تحوّل إلى مؤسسة إصلاحية! لست مختصة في الجانب الديني، ولكنني أقول له إنّ هذا تطبيق شرعيّ يُحترم.

@@ شاركت في العديد من الملتقيات من بينها ملتقى حول النزاهة العلمية، حدثينا عن ذلك؟

— نظّمنا بجامعة نورة ملتقى حول النزاهة العلمية، وقدمت خلاله مداخلة علمية، قلت فيها إنّ البحث العلمي يرتكز على ثلاث ركائز، وهي الموضوعية والأمانة العلمية والإبداع. وأضيف أنّ الباحث قد يتطرّق في بحثه لموضوع متعارف، لكن الجديد هو في كيفية طرح الإشكالية، وهنا الإبداع، فموضوع الفساد كُتبت فيه مجلدات، ولكن كيف نطرحه؟ أيضا كيف نحكم عليه من خلال اعتمادنا على المناظرة بين المدارس والنظريات؟ وهنا الموضوعية. أما عن الأمانة العلمية فتتمثل في كيفية توثيق بحثك، أي الاعتماد على الاقتباس المباشر أو غير المباشر.

@@ هل تتواصل الدكتورة وردة مع الجامعات الجزائرية؟

— أكيد، حيث أشارك في العديد من الملتقيات، علاوة على أنني ناقشت رسالة دكتوراة ثانية في القانون الدولي بالجزائر بعد طلب من والدي. بالمقابل تحصّلت على بكالوريوس علوم سياسية من باتنة وأخرى حول القانون من جامعة "باجي مختار"، ثم انتقلت إلى أكاديمية الدراسات العليا، حيث نلت ماستر أوّل في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ثم ماستر ثانيا حول القانون، ثم تحصلت على جائزة جامعة الدول العربية لأحسن طالبة، وأحسن بحث على مستوى الوطن العربي نظّمته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بعنوان "جامعة الدول العربية، نشأتها تطوّرها ومستقبلها في حل النزاعات"، فكانت النتيجة منحة دراسة الدكتوراة في مصر، وهناك تحصلت على دكتوراه أولى في مصر في مجال دراسات العلوم السياسية والعلاقات الدولية، تخصّص استراتجيات دولية، ثم طلب الوالد أن أناقش إحدى رسالاتي في الجزائر، فناقشت دكتوراة في القانون في جانفي 2016، حيث عملت دراسة حول دور الأنظمة القانونية في استقطاب الشركات النفطية.