حفاظا عليه من التلف

الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع بين دفتي كتاب

الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع بين دفتي كتاب
  • القراءات: 583

يسعى المؤلف والباحث الفلسطيني بشار شموط، من خلال كتابه "الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع.. نشأته وتشتته والحفاظ عليه"، إلى تسليط الضوء على الإرث المرئي والمسموع الغني والمميز لفلسطين، بهدف المساهمة في الحفاظ عليه بالوسائل الحديثة، وتوثيق الذاكرة الجماعية الفلسطينية المهددة دوما، في ظل الأوضاع السياسية والمعيشية الصعبة للشعب الفلسطيني.

الكتاب الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، يتناول الموضوع عبر ثلاثة أبواب هي؛ "تاريخ نشوء تلك المواد المرئية والمسموعة، ثم أماكن وجود تلك المجموعات المتناثرة والمشتتة في أرشيفات العالم، وكيفية الوصول إليها، وأخيرا بعض الأساسيات التقنية المعمول بها في مجال الأرشفة الرقمية الحديثة، ليساعد في إرشاد العاملين في هذا المجال في العالم العربي"، وإلى جانب البحث الموضوعي المبني على علوم الأرشفة الرقمية، يتطرق الكتاب أيضا، إلى بعض القضايا الجوهرية المتعلقة بالمحاولات الدائمة والمتعمدة من جانب المؤسسات الإسرائيلية، لإخفاء الهوية الثقافية الفلسطينية، ومحو الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني والهيمنة عليها، ويناقش بأسلوب موضوعي، قضية نهب وفقدان المجموعات المرئية والمسموعة من بيروت، عقب الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982؛ وهي ذات قيمة ثقافية وتاريخية مميزة جدا، إذ كانت قد أنتجت في ظل النهج النضالي لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ انطلاقها.

تمتاز هذه الدراسة، بأنها واحدة من أولى الدراسات التي تعالج موضوع الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع، لا من الخلفية السياسية أو التاريخية للنتاج والحراك الثقافي الفلسطيني، إنما من المنظور العلمي والعملي لعلوم الأرشيف الحديثة. بذلك هي تمهد الطريق أمام دراسات لاحقة أكثر موضوعية وتعمقا في ما يخص هذا المجال تحديدا.

ولد بشار شموط في بيروت، وأمضى طفولته فيها في ظل الحراك الوطني والثقافي الفلسطيني في السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي، ثم أكمل دراسته الثانوية في ألمانيا ودرس بعدها هندسة الصوت والتسجيل الموسيقي، وأنتج العديد من التسجيلات الموسيقية لفنانين كبار عرب وأجانب، ثم تخصص في مجال الأرشفة الرقمية للإرث المرئي والمسموع، وحاز على درجة الدكتوراه في هذا المجال من جامعة بادربورن الألمانية، المتخصصة في الإرث الثقافي بتقنية المعلومات الرقمية. بالإضافة إلى عمله الحالي رئيسا لقسم الأرشفة في إحدى أكبر الشركات المتخصصة في هذا المجال في ألمانيا، يعمل شموط منذ سنوات، مستشارا ومحاضرا في العديد من المؤسسات الأكاديمية في ألمانيا والوطن العربي.

أنشئت مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت سنة 1963، كمؤسسة بحثية مستقلة غير ربحية، وغير تابعة لأية منظمة سياسية أو حكومة. وأتى تأسيس المؤسسة، التي تُعد الأولى من نوعها في العالم العربي، في الوقت الذي كانت القضية الفلسطينية تسترجع مكانتها المركزية في السياسات العربية، وكانت الهوية الفلسطينية تستعيد حيويتها؛ فسعى في حينه ثلاثة من المثقفين العرب، وهم قسطنطين زريق من سوريا ووليد الخالدي وبرهان الدجاني من فلسطين، لإيجاد سبل بهدف مواجهة التحدي الناجم عن قيام دولة إسرائيل على القسم الأكبر من أرض فلسطين، وطرد سكانها، واستمرار نكبتهم، والتهديد المتزايد الذي تشكله إسرائيل على العالم العربي. واعتبر هؤلاء المثقفون أن دورهم النوعي يتعلق بمجال المعرفة والقيم.

يأتي الاهتمام بجمع التراث الفلسطيني غير الشفهي، على رأس الأولويات التي تركز عليها المؤسسة، كوسيلة للحفاظ على الهوية الفلسطينية، وترسيخها بين الأجيال.