الفنانة الروسية مغدولينا غافروتشي ألبارتون بوتين لـ”المساء”:

اكتشفت 1755 لباسا جزائريا تقليديا وسأقدمها في لوحات للعالم

اكتشفت 1755 لباسا جزائريا تقليديا وسأقدمها في لوحات للعالم
الفنانة الروسية مغدولينا غافروتشي ألبارتون بوتين رضوان قلوش
  • القراءات: 1025
حاورها: رضوان قلوش حاورها: رضوان قلوش

تعتبر الفنانة الروسية مغدولينا غافروتشي ألبارتون بوتين من أهم الفنانين الروس الذين استقروا في الجزائر، ودرسوا تراثها وتاريخها وقدّموا للفن الجزائري لوحات فنية معبّرة، وبحوثا كشفت عن عمق تاريخ وأصالة الجزائر، خاصة ما تعلّق بجانب اللباس التقليدي الذي تحوّل إلى مهمة خاصة، قادت الفنانة مغدولينا بوتين إلى أعماق الجزائر ومناطق متفرقة من البلاد، فيما تمكّنت الفنانة من الجمع بين الرسم والموسيقى الكلاسيكية، وحظيت مؤخرا بوسام الاستحقاق الوطني من طرف رئيس الجمهورية، نظير إسهامها في رسم شعار العيش معا بسلام، الذي تبنته هيئة الأمم المتحدة كيوم عالمي.

كيف جاءت فكرة استقرار الفنانة مغدولينا في الجزائر؟

❊❊تزوجت بجزائري منذ 21 سنة، وقد تعرفت به وعمري 21 سنة بروسيا،  خلال تواجده في إطار تكوين خاص بإطارات الجيش الوطني الشعبي، حيث كان زوجي إطارا متربصا، وتم الزواج بموسكو، انتقلنا بعدها إلى لندن وجنوب إفريقيا، ثم زامبيا، فالمشرق العربي عبر الأردن، لبنان، قطر ودبي،  حيث كان زوجي يشتغل كملحق بالسفارات الجزائرية في هذه الدول، وكنت أقوم سنويا بزيارة الجزائر التي تعرفت عليها تدريجيا إلى غاية سنة 2013، حين قررت الاستقرار نهائيا بها رفقة أبنائي، واعتنقت الإسلام خلال العام الجاري، وصمت أول رمضان لي في الجزائر.

ماذا عن مهنة الفن؟

❊❊ أنا خريجة جامعة موسكو بروسيا للفن التشكيلي والنحت، كما التحقت خلال تواجدي في بريطانيا بجامعة لندن، وتخرجت منها في مجال الموسيقى الكلاسيكية والعزف على الكمان، وقد جمعت بين الرسم والنحت والموسيقى الكلاسيكية، ومكنّني حبي للفن من المشاركة في عشرات المعارض بروسيا ولندن وعدة دول عربية. بعد استقراري في الجزائر، شاركت في عدة معارض وتظاهرات ثقافية، وقمت بزيارة عدة ولايات لتقديم لوحات فنية عن الجزائر،  شاركت بها في تظاهرات عربية وأوربية، وكان آخر معرض شاركت فيه بدولة البحرين، وقدمت عددا من اللوحات الفنية الجزائرية التي لقيت إعجاب الجمهور. اكتشفت إلى غاية اليوم وجود 1755 لباسا جزائريا تقليديا، إذ تضم كل ولاية عدة أنواع من اللباس الذي قد يتشابه.

لكن نلاحظ من خلال لوحاتك التركيز على اللباس الجزائري الذين تقدّمينه في لوحات فنية مبتكرة، كيف جاءت الفكرة؟

❊❊ بعد استقراري في الجزائر والتعرف على تراثها، توجهت نحو اللباس التقليدي واللباس العصري الجزائري، وتوصلت إلى إنجاز 56 لوحة، كلها تحكي عن التراث الجزائري واللباس، وأجريت بحثا ميدانيا طفت من خلاله في معظم مناطق الجزائر، وتوصلت إلى أن لكل لباس رمزيته ونوعيته وكيفية خياطته والمواد التي يصنع بها، وهو ما يميز كل لباس، وإن كانت هناك أوجه  الشبه، وهو بحث لا زال متواصلا من أجل بلوغ كامل القطر الجزائري عبر وادي سوف وبوسعادة وأدرار وتقديمه في لوحات فنية مستقبلا.

انبهر كل من شاهد اللوحات عبر العالم باللباس التقليدي الجزائري المتميّز والخاص، الذي لا يشبه أي لباس في الدول العربية الأخرى، خاصة مع تنوّعه وألوانه وأنواع القماش والخيط المستعمل فيه، وهي في الغالب منتجات طبيعية وصنع يدوي. كما أن لكل فستان تاريخ وقيمة تراثية خاصة به ورمزية لا يعرفها إلى سكان المنطقة، حيث يفسر سكان كل منطقة سبب اللون المستعمل وكيفية الصنع وطريقة اللباس في حد ذاتها، مما يجعله مميزا، وهو ما تحوّل إلى شغف بالنسبة لي، لاستكمال البحث عن اللباس التقليدي الجزائري الذي هو عبارة عن تاريخ كامل.

قمت مؤخرا بالتواصل مع السلطات في ولاية الجلفة لإنجاز بحث خاص عن اللباس النايلي العتيق، الذي كشفت أولى أبحاثي بأنه يمتاز بوجود ألوان تختلف من منطقة لأخرى، وكيفية صنع نادرة للباس، إضافة إلى أن كل خط بلون موجود في اللباس يكشف عن حقبة تاريخية للمنطقة، وهو ما نوي البحث عنه وتقديمه في بحث خاص عن اللباس التقليدي النايلي.

ماذا عن مشاريعك المستقبلية ومشاركاتك في المعارض؟

❊❊ شاركت في معرض في نيويورك مؤخرا، بمقر هيئة الأمم المتحدة، وآخر بمدينة ألقادر في كاليفورنيا، خص شخصية الأمير عبد القادر الجزائري،  وقمت بعرض 45 لوحة خاصة باللباس الجزائري التقليدي، إلى جانب لوحات عن الأمير عبد القادر، وقمت بالتبرع وإهداء 20 لوحة لمتحف بلدية ألقادر بأمريكا، وتضم اللوحات اللباس التقليدي وبعض ألبسة الأمير عبد القادر.

ماذا عن تخصّصك الثاني في مجال الموسيقى الكلاسيكية؟

❊❊ أحببت الموسيقى وأنا صغيرة رفقة شقيقتي التوأم التي تدرس اليوم الموسيقى العالمية بلندن في بريطانيا. تمسّكت بالموسيقى الكلاسيكية لسنوات وتعلقت بآلة الكمان، ومؤخرا عرضت شقيقتي مشروعا يعد الأول من نوعه، بجمع أكبر أوبرا في بريطانيا تحت شعار من أجل العيش بسلام، ستضم 2000 عازف من 45 دولة، إلى جانب مشاركة فنانين ومطربين عالميين وعرب، من بينهم فنانون جزائريون، وقد كان من بينهم المرحوم رشيد طه الذي كان مدعوا رسميا للمشاركة إلى جانب كل من حمدي بناني، الشاب خالد، وستخصص لكل أنواع الموسيقى العالمية، مع التركيز على الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية والعربية. سأشارك ضمن الجوق الموسيقى بالموسيقى الجزائرية من خلال أداء موسيقى الحوزي، ونحن بصدد التحضير للأوبيرا في لندن، وستعرض رسميا خلال فصل الربيع من العام المقبل.

ماذا عن إسهامك في رسم شعار اليوم العالمي للعيش بسلام؟

❊❊كنت في زيارة لمدينة نيويورك العام الماضي، والتقيت بشيخ الطريقة العلوية الشيخ خالد بن تونس، الذي تعرفت عليه وعرض عليّ فكرة رسم شعار لليوم العالمي للعيش بسلام، الذي اقترحته الجزائر على هيئة الأمم المتحدة، فوافقت مباشرة وقدمت للشيخ بن تونس نموذجا أوليا عن الرسم، وقد لقي إعجابه، لأقوم بعدها برسم الشعار وتقديمه له على شكل لوحة، فحوّله إلى شعار لليوم العالمي للعيش بسلام. استعملتُ فيه اللونين الأزرق والأبيض، حيث يرمز الأزرق للسلام والأبيض للصفاء والنقاء، وهما اللونان اللذان فضّلتهما للتعبير عن العيش بسلام.

أؤكد أنني أهديت الرسم للجزائر من منطلق حبي لها، ولفكرة العيش بسلام التي اقترحتها الجزائر وتمكّنت من تحقيق الاعتراف الدولي بها، وتحوّلها إلى يوم عالمي. كما أنّني من بين المعجبات بفكرة السلم التي كان رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، قد أطلقها منذ وصوله إلى الحكم في الجزائر، لإعادة الأمن للبلاد ووقف حمام الدم، وكنت قد سمعت ذلك في إحدى خطب الرئيس، وهو ما ترك في نفسي انطباعا خاصا عن فكرة السلم في الجزائر.

تم تكريمك من طرف الجزائر عرفانا بمساهمتك في اليوم العالمي للعيش بسلام؟

❊❊ تم تكريمي من طرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون، السيد عبد القادر مساهل، ووشّحت بوسام الاستحقاق الوطني، وأنا جد فخورة بالوسام الذي تسلمته من الجزائر. أؤكد أن الجزائر دولة سلام، واكتشفت خلال مختلف زياراتي إلى عدة دول، أنّ الجزائر أرض السلام، لي أصدقاء من عدة دولة أوروبية ومن روسيا يعيشون بصفة طبيعية في الجزائر، وأنا شخصيا لقيت كل الترحيب من طرف العائلات الجزائرية التي تحولت إلى جزء منها،  وأوضح أنّني سأبقى في الجزائر لآخر يوم في حياتي، وأدعو إلى الاهتمام أكثر بالكفاءات التي بإمكانها المساهمة في تطوير البلاد.