الصالون الأول للرسم «ارسموا غاياتكم» بمتحف الماما

اكتشاف للحظة الإبداع الأولى

اكتشاف للحظة الإبداع الأولى
  • القراءات: 673
❊مريم . ن ❊مريم . ن

تقف أعمال معرض «ارسموا غاياتكم» بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، الذي تستمر فعالياته حتى الخامس مارس الداخل، عند لحظة قلما يراها الجمهور، إذ تجسد لحظات إنجاز الرسم، وفيها تنساب الأفكار والأحاسيس وكأنها مادة خام في طور التشكيل، والمراحل الأولى للعمل الفني تعتبر الوسيط وكانت دوما مجرد حدث ثانوي عابر، لكنها اليوم ينظر لها كمرحلة تحضيرية للوحة أو لمخطط يضع فيه الفنان أفكاره.

أصبح للرسم اليوم وجود مميز أكثر فأكثر تماما كما الفن التشكيلي والتصوير، وسيعود إلى استرجاع مكانته لدى الجمهور الذي يبدي نوعا من الانبهار تجاه قدرة الفنان على إعادة تشكيل العالم على المباشر، ويشهد على ذلك بروز رسامي البورتريهات في شوارعنا خاصة بالعاصمة- الذين يجذبون الجمهور ليستمتع بمشاهدة صنع الصورة تحت أعينهم، وهو ما يدل على قوة وديمومة الرسم في زمن ديكتاتورية «السيلفي» وأشكال أخرى من تكنولوجيا التمثيل الذاتي.

ممارسة عابرة للأجيال

يقدم المعرض لمحة عن ممارسة للرسم عابرة للأجيال في أنواع مختلفة من الفن، كما أن المعرض لقاء يجمع بين الفنانين المعروفين، غضافة لكونه فرصة لاكتشاف فنانين ناشئين والذين تجمعهم عن قصد أشكال من الأعمال المتنوعة والمتباينة بين التجريد والتخيل وأيضا تقنيات ووسائل وترتيبات متعددة، كما تشمل الغاية من هذا المعرض حسب المنظمين- رغبة إظهار الجوانب المختلفة للرسم المعاصر بأكبر قدر ممكن ، مع تقاسم المتعة التي يمنحها ثراء الأشكال التي يمكن أن تكون متحركة أو مجرد خط، أو عندما يخرج الشكل من الورقة ليحتل الجدران. 

المعرض بمثابة مقدمة لمشروع أكبر فهو مرشح للتوسع مع توالي طبعات صالون الرسم، ويعمل على الانفتاح وعلى إزالة الجدران خلال ممارسته، لكي يظهر كل ما يمكن القيام به بواسطة الرسم، وذلك بفضل الفنانين وأحلامهم وغاياتهم.

نماذج إبداعية ومدارس متعددة

من بين العارضين هناك الفنان عبد القادر بلخوريصات وهو من مواليد سنة 1963 وخريج المدرسة العليا للفنون الجميلة، عمل أستاذا بمدرسة الفنون التشكيلية بوهران حتى سنة 2005، ثم مديرا لمدرسة الفنون التشكيلية بسيدي بلعباس، وهو فنان محترف يعرض بالجزائر وبعواصم عدة عبر العالم، يمزج في عمله بين مختلف العناصر والأنواع، ويتألق في البورتريه وفي مشاهد الطبيعة، وغالبا ما يختار الأسلوب التشخيصي الذي يتطور عنده وفق ميولاته النفسية، إضافة إلى ميوله الواضح نحو التجريدي الذي يراه يفتح خيال المتلقي.

هذا الفنان رسام للبيئة وللحياة الفنية التي يستلهم تفاصيلها من محيط المدينة وبكل ما فيها من حركة المارة والأسواق والشوارع التي يدب عليها العابرون المستعجلون أو هؤلاء المسترخون، وقد قدم كل ذلك في لوحته «إشعاع الحياة اليومية بوهران» و»أزير سوق تلمسان» و»نظرة لما وراء الوجوه الإفريقية».

أما الفنانة صوفيا حيحاط فقدمت عدة لوحات «بدون عنوان»، وصوفيا من مواليد سنة 1982 متخرجة من المدرسة العليا للفنون الجميلة ومن مدرسة باريس للفنون، وهي تلميذة جمال طاطاح وجان ميشيل ألبيرو المعروفين، ليبقى الفن وسيلتها التعبيرية الأساسية، علما أنها طورت عملها في إطار أسئلة الهوية والذاكرة، ليبقى الرسم عندها أداة لاكتشاف الذات، وتقدم في لوحاتها المعروضة أشكالا مضمحلة ونحيلة تترنح بين الحقيقة والخيال وهي ترجمة للأحاسيس، وتبدو الصور هشة وخفيفة كدليل على عبور الزمن.

مزيج من السخرية والتراجيديا

بالنسبة للفنان فتحي حاج قاسم فهو من مواليد سنة 1962 بتلمسان وهو رسام ونحات وخريج مدرسة الفنون الجميلة بمستغانم، وواصل دراسته بجامعة مونبوليي، وهذا الفنان يتمتع بفضول كبير اتجاه كل المجالات، وهو يرى الرسم والفن تحرير للروح ويستلهم من حياة الواقع وهو في ذات الوقت متأثر بمدينته تلمسان وبتراثها العريق الذي يستلهم منه إبداعه خاصة في جانب العمران والفخار والنسيج ويحوله إلى مساحات ملونة.

الفنان هشام بلحميتي يتميز بالعمق وهو ابن مستغانم رأى فيها نور الحياة سنة 1980 متخرج من المدرسة العليا للفنون الجميلة وهو يستعمل تقنية البناء والتركيب والرسم، وأعماله المعروضة مساءلة للحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهي مزيج بين السخرية والتراجيديا، تحمل بورتريهاته قسوة تعكس الراهن المشوه بالوجودية، كما أن الفنان يعتمد على الأسلوب التعبيري المعبأ بالكآبة والمرتبط بمصاعب الحياة وما يخفف من حدتها تلك اللمسة الفنية الحساسة التي تفتح منافذ للأمل والخيال لتطير بالمتلقي نحو أحلام جميلة.

عرض الكثير من الفنانين منهم أيضا مهدي جليل، خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة، وقد قدم نماذج من شخصيات وحيوانات وكائنات غريبة خرقاء تطفو وتتطاير مبرزة بلا حرج تشوهاتها ونظراتها الساخرة من العالم، وهي صورة من المجتمع الفاقد للتسامح، الذي يظلم فيه الإنسان نفسه قبل غيره.

أما عقيلة موهوبي فتبحث عن جوهر الذات، وترتكز في إبداعها على الرسم المتكرر إلى أن تظهر الصورة الجديدة، وذلك بعد سلسلة من الصور الصغيرة التي تكررها حتى استنفاذ حركتها.

مريم . ن

ثقافيات

مجموعة مغاربية عن للمؤلفين الجزائريين الفرنكفونيين

خصصت مجموعة جديدة حول تنوع وثراء الأدبيات المغاربية طبعتها الأولى، للكتاب الجزائريين الفرنكوفونيين المنحدرين من جميع الأجيال والذين يعرضون في مؤلفاتهم جوانب لأصالة كتابتهم بالغة الفرنسية.

وتسعى الطبعة الأولى التي تتألف من 340 صفحة والتي صدرت عن دار «لامراتان» والذي ألفه كاتبان جامعيان هما نجيب رضوان (من جامعة كاليفورنيا لونغ بيتش الولايات المتحدة الأمريكية) والسيدة ايفات بناعيون-شميدت (من جامعة يورك غلاندون تورونتو بكندا) لإبراز المكونات المميزة للأدب الجزائري وخاصيته في الحقل الأدبي الفرنكوفوني، عن طريق تحليل التعبير عن الواقع  الاجتماعي والسياسي للوطن.

فالكتاب (مجموعة) الذي يعد حسب مؤلفيه نتيجة تعاون دولي مع زملاء في مختلف بلدان المغرب العربي يجمع دراسات غير مسبوقة لباحثين يعملون في الجزائر، النمسا، فرنسا، إسبانيا وكذا الولايات المتحدة الأمريكية.

في تحليلهما يبرز الكاتبان أن فترة التسعينيات «أحدثت قطيعة مزدوجة: قطيعة مأساوية في تطور الأوضاع الاجتماعية والسياسية لهذا البلد وأيضا قطيع خصبة لأشكال الكتابة والتحليل والتعبير»، مشيرين إلى أن السنوات الجنونية للإرهاب «قد أثرت بشكل واسع على ميدان الأدب في هذا البلد مفرزة  كتابات تشهد على مأساة هائلة وأدب تعبيري وشهادات وعنف وآلام يرتكز بشكل واضح على عودة المرجع».

في الجزء الثاني من الكتاب الذي يتميز بثرائه بالمراجع البيليوغرافية، تم من خلاله استعراض 16 كاتبا جزائريا من خلال رواياتهم من طرف الجامعيين الجزائريين والنمساويين والأمريكيين الذين ستنال دراساتهم بلا شك إعجاب القارئ المطلع.

«تينهينان، ملكة الصحراء» بالجزائر العاصمة

قدمت الجمعية الثقافية «الهواء الطلق» لبودواو (بومرداس)، الخميس الفارط بالجزائر العاصمة، عرضا للرقص الكوريغرافي تحت عنوان «ملحمة تينهينان، ملكة الصحراء» أمام عدد من الجمهور، حيث جسد العرض مرحلة من حياة هذه الملكة. وفي مدة 90 دقيقة، روى هذا العرض الذي قدم بقصر الثقافة مفدي زكرياء، رحلة تينهينان التي أجبرت على مغادرة مملكة والدها في منطقة «تافيلالت» (جنوب شرق المغرب حاليا) بعد أن هاجمها جيش الامبراطور الروماني قسطنطين في القرن السابع.

وفي عرض جمالي، قدم في ست لوحات عوضت فيها لغة الجسد الحوار، جسد 22 راقصا منهم 6 راقصات بالي الشخصية البطولية لتينهينان في ملحمتها التي قادتها إلى أباليسا  بالأهقار في الجزائر مرفقة بخادمتها «تاكامت». كما تخلل هذا العرض الإبداعي العديد من المشاهد التي تعكس مرحلة ما قبل التاريخ والعبودية وقتال قطاع الطرق.

واختتم عرض تينهينان بأغنية من النوع الترقي تروي التاريخ القديم لبطلة سطع نجمها في سماء عصرها.

ق.ث