معرض التراث المغمور بالمياه في قصر الثقافة

اكتشاف 23 مدفعا من الفترة العثمانية غرب العاصمة

اكتشاف 23 مدفعا من الفترة العثمانية غرب العاصمة
  • القراءات: 1176
  مريم.ن مريم.ن

تم بقصر الثقافة مفدي زكريا، أول أمس، تدشين معرض التراث الثقافي المغمور بالمياه، المنظم من طرف المتحف العمومي البحري، حيث تم عرض اللقى الأثرية التي تم استخراجها من فرقة غطاسي المتحف من بعض الشواطئ، منها ميناء الحمدانية بشرشال ومنطقة دلس وتمانفوست وغيرها.

أشارت السيدة آمال مقراني، مديرة المتحف العمومي البحري، في كلمة ألقتها، إلى الإضافة المتميزة لسلسلة متاحف الجزائر، الذي يكمن دوره في تثمين الممارسات الإنسانية المرتبطة بالبحر، التي عرفها الساحل الجزائري منذ القدم. كما يهتم المتحف بالتراث المغمور بالمياه الذي يتضمن حطام السفن القديمة والبقايا الأثرية الغارقة.

أكدت المتحدثة أن هذا الأمر ألزم إنشاء خلية من الغواصين الأثريين، مهمتها التعريف بالتراث المغمور بالمياه، ووضع خريطة للمواقع الأثرية المغمورة، مع محاولة استرجاع المقتنيات التي تم الاستحواذ عليها، بالاعتماد على النشاط التحسيسي والتوعوي.

اعتبرت المسؤولة الأولى على المتحف العمومي البحري، أن هذا المعرض مكرس كله للتراث المغمور بالمياه، على اعتبار أن الآثار الغارقة تعد جزءا أساسيا من محاور التراث الثقافي البحري، ونظرا لأهميته النوعية كمرجع توثيقي يؤرخ لعلاقة الإنسان المستدامة مع البحر، على ضوء الأنشطة الممارسة، من ملاحة وتجارة ومعارك وحروب وحرف مهنية. كما أشارت المتحدثة، إلى أن هذا المعرض ما هو إلا عرض لنتائج ملموسة تخص ما تم الوصول إليه، من خلال عمليات الغوص والمعاينات الميدانية من طرف فريق غوص المتحف وطقمه التقني، في كل من دلس، شرشال، تمنفوست وتيبازة، واصفة المهمة بـرسالة تحت الماء كدليل لعلاقة وطيدة بين الإنسان الجزائري عبر التاريخ وبين البحر المتوسط.

تضمن المعرض مكانة هامة لعملية الصخرة البيضاء بالحمدانية في شرشال، حيث سيقام أكبر ميناء جزائري لاستقبال مساحات الرسو والمرافق الضرورية للعمل التجاري، وفق المعايير الدولية.

للإشارة، في العام 2016، ومباشرة بعد معرفة وجود موقع أثري مغمور يضم حوالي 23 مدفعا وسط مخطط هذا الميناء الجديد، تم إدراك أن الموقع كان في خطر، لذلك أخذت هذه العملية شكلا استعجاليا وأصبحت أولوية بالنسبة للمتحف ووزارة الثقافة.

تأكد أن عملية الحمدانية لم تكن سوى إنجازا رائدا، بالنظر إلى كل  المراحل التي تم اتباعها، من الأبحاث البيبليوغرافية والعلمية والإجراءات الإدارية، والتراخيص وتقارير سكان المنطقة والمعاينات الميدانية، وحجم التنسيق الذي اعتمد مع مختلف الهيئات، من مؤسسة ميناء شرشال ومخبر الدراسات البحرية والمصلحة الوطنية لحراس الشواطئ وحدة تيبازة. قام فريق غوص المتحف خلال شهري جويلية وأوت 2018، بأول عملية رفع أثري، بإدماج الإحداثيات الجغرافية لموقع الصخرة البيضاء بالحمدانية، والمخطط وضح وضعية المدافع تحت الماء في عمق ستة أمتار، وعثر على 23 مدفعا، وهي العملية الأولى من نوعها في الجزائر منذ الاستقلال، وفخر على اعتبار أن الفرقة كانت جزائرية.

تم التأكيد على أن معظم المعاينات الميدانية التي أقيمت من طرف غواصين ومحافظي المتحف، تبعتها استعادة لبعض اللقى الأثرية وتكوين مجموعة متحفية أولية، وإعداد مشاريع مستقبلية وتصورات تمس مدنا ساحلية، منها جيجل وعين تموشنت ومستغانم، واستفاد القائمون على هذه العملية من دعم مديرية الحماية المدنية في التأطير والتكوين ورابطة الرياضات المائية، مع نوادي الغوص في عملية التوجيه والتحسيس.

بدوره، ثمّن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ما تحقق، واعتبره تحديا جديدا لقطاعه، علما أن التراث أصبح له اهتمام خاص نتيجة ما تحقّق عبر مواقع البحث عبر التراب الوطني، مما عزز مكانة الجزائر على الخريطة الأثرية في العالم. وفيما يتعلق بالقطع الأثرية المكتشفة تحت البحر، منها الـ23 مدفعا، قال إنها خطوة أولى، وسيتم إخضاع القطع للفحص والتحليل مع تواصل البحث في الموقع. وأكد بالمناسبة، أن قانون التراث جاهز وسيقدم قريبا للأمانة العامة للحكومة، كما أوضح المتحدث أنه يتعيّن على المتحف أن لا يبقى مجرد عرض نظري، بل يجب تعزيزه بمثل هذه القطع كدليل على تاريخنا الحافل.

تم بالمناسبة أيضا، عرض شريط مصور عن عمليات الغطس، خاصة حين كشف المدافع والتقنيات المستعملة. كما تم التطرق لبعض الأخطار التي تهدد هذا التراث، منها الاستحواذ عليه من الصيادين، خاصة المعدني منه (الرصاص)، لتحويله إلى أغراض أخرى، بينما أخذ قطعه أفراد، تم استرداده منهم وضمه للمتحف. من بين القطع أيضا، عارضة مرساة من سواحل دلس، تعود إلى الفترة الرومانية، بمبادرة من جمعية دلفين، وكذا الرحى الحجرية الخاصة بطحن القمح والزيتون بمنطقة تمنفوست، يبلغ قطر الواحدة 138 سم، بها فتحة ذات محور. تدخّل بالمناسبة أيضا، بعض الغواصين أعضاء فرقة البحث، منهم جلال جميلة التي قالت لـالمساء، إنها لم تكن تحسن حتى السباحة، لكن بالإرادة والتكوين وصلت إلى أعماق البحر واستخرجت الكنوز.