"اعترافات" جان جاك روسو في ترجمة جديدة

"اعترافات" جان جاك روسو في ترجمة جديدة
  • القراءات: 893

تصدر عن دار "بيت الياسمين" قريبا، ترجمة جديدة لكتاب الاعترافات للكاتب والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، من ترجمة محمد بدر الدين خليل، ومراجعة أمل عبد الفتاح.

«اعترافات" روسو، كتاب سيرة ذاتية يتحدث فيه الكاتب عن ثلاث وخمسين سنة من حياته، بدأ بتألفيه سنة 1765 وانتهى سنة 1769، لكن الكتاب لم ينشر حتى 1782، أي بعد أربع سنوات من وفاته.

بلغ روسو من التجرد في تعرية قلبه، وفضح مكنون صدره، وكشف دخيلة نفسه، مما يندر أن يبلغه أديب.

كانت اعترافات جان جاك روسو لتبدو زائفة لو أنها جاءت على لسان كاتب مغمور، فربما عاد عليه ذلك بشيء من الصيت، أما أن يسرد فيلسوف بوزن ومكانة جان جاك روسو المرموقة، كل دواخله الدفينة على رؤوس الأشهاد، طيبها وخبيثها، ويسْلم نفسه بهدوء للنقد اللاذع من خصومه، وللإشفاق البغيض من أنصاره، فهذا هو التجرد بعينه في أصدق صوره.

لم يتخذ جان جاك روسو في اعترافاته طابع المجاهر بمعصيته المعتز بآثامه، بقدر ما سلك مسلك من يبوح بها ليتطهر من عبئها، وهذا ما كان جليا حين قال "إن الذنب عظيم، بيد أن الرغبة في الإيذاء لم تدخل فؤادي أبدا، وإنني لم أستمرئ قط رذائل المركز الذي كنت فيه، وإن مارستها".

بدا أن الألم تخلل فؤاد هذا الكاتب الكبير، ويبدو ذلك جليا للأوصاف التي وصف جان جاك روسو بها نفسه في تعقيبه على حادثة تلفيقه تهمة سرقة الوشاح للشابة "ماريون"، والتي لم يكن في حينها قد تجاوز بعد السادسة عشرة من عمره:

عُرض عليها الشريط، واتهمتها في جرأة، فاكتفت بأن رمقتني بنظرة كانت كفيلة بأن تجرد "إبليس" ذاته من أسلحته، ولكن قلبي "البهيمي" كان منيعا دونها، وأصررت على قصتي، في "قحة شيطانية".

حتى الكتابة، وهي الفضيلة التي يستطيع روسو التحديق في قرص الشمس والمباهاة بها، فإنه لم يترك مساحة للرياء بها، "ومن هنا كانت الصعوبة البالغة التي أجدها في الكتابة، وإن مخطوطاتي بما فيها من كشط ومحو وسطور متداخلة لتشهد على العناء الذي تكبدنيه، فليس بينها ما لم أضطر إلى نسخه أربع أو خمس مرات قبل أن أستطيع أن أدفع به إلى المطبعة".

وعن رهابه الاجتماعي "على الرغم من أنني خجول بطبيعتي، إلا أنني كنت جسورا في بعض الأحيان -في شبابي- ولكنني لم أكن كذلك قط في كبري، فكلما ازددت تعرفا على المجتمع، قلت قدرتي على أن أكيف نفسي وفقا لأساليبه في الحديث، وإذا كان قدر لي ألا أحب العيش وسط الناس، فقد كان هذا ذنبهم أكثر مما هو ذنبي".(الوكالات)