محرك البحث غوغل يحتفي بالراحل خدة

اعتراف بعبقرية فنية ملأت مدارات العالم

اعتراف بعبقرية فنية ملأت مدارات العالم
محرك البحث غوغل يحتفي بالراحل خدة
  • القراءات: 669
❊مريم. ن ❊مريم. ن

احتفل عملاق محركات البحث في الإنترنت "غوغل"، أمس السبت، بالذكرى التسعين لميلاد الفنان التشكيلي الجزائري محمد خدة (1930 - 1991)، الذي يُعد أحد الآباء المؤسسين للرسم المعاصر في الجزائر، والذي قال ذات يوم إن "تاريخ الرسم مرتبط بتاريخ البشرية".

وُلد الراحل محمد خدة قبل تسعين عاماً، في مدينة مستغانم الساحلية، وطوّر شغفه بالفن خلال سنوات تكوينه التي عمل فيها في مطبعة محلية. وغرست الرسومات والرسوم التوضيحية التي رسمها لكتب الشركة فيه، تقديراً عميقاً للخط العربي وجذوره العربية.

وفي سن المراهقة المتأخرة، قرر خدة صقل مهاراته الفنية رسمياً في مدرسة الفنون الجميلة في مدينة وهران المجاورة. وتعلّم مجموعة متنوعة من التقنيات الجديدة؛ من الألوان المائية إلى النحت. وفي عام 1953 غادر إلى باريس لمتابعة مسيرته الفنية.

ونقل مجتمع الفن الباريسي النابض بالحياة معرفة لا تقدّر بثمن، إلى خدة. وقد صقل تعبيره بلباقة في السنوات التي أدت إلى ظهوره لأول مرة عام 1960. وكان الراحل تعلم الرسم عن طريق المراسلة عام 1947، وعمل بمرسم "غراندشوميير" الفرنسي المعروف في باريس، عام 1952، ثم عاد إلى الجزائر بعد الاستقلال، حيث أقام معرضه الفني الأول بعنوان "السلام الضائع" عام 1963.

وشهدت مسيرة خدة في الحركة الثقافية الجزائرية إنجازات عدة، منها إسهامه في تأسيس "الاتحاد الوطني للفن التشكيلي"، وتقلده مسؤوليات في وزارة الثقافة و«المجلس الأعلى للثقافة" و«المدرسة العليا للفنون الجميلة"، وتأسيس مجموعة "أوشام" في سبعينيات القرن الماضي مع رفاقه من الفنانين الجزائريين. وغالباً ما عرضت لوحاته مزيجاً من تراثه الإفريقي مع الأنماط الغربية على اللوحات التي تتميز بالخط العربي، وأصبح هذا المزيج المتميز بطاقة تعريف لخدة، وتدريجياً بات يمثل نوعاً جديداً من الفنانين الجزائريين. وكان الراحل يعشق شجرة الزيتون التي يعدها عنصرا بارزا في البيئة المتوسطية بشكل عام، والجزائرية بشكل خاص، كما عبّر عن اهتمامه بالعمران الإسلامي.

محمد خدة فنان متعدد التوجهات ومعروف بالتخطيط، وهو أحد أعلام الفن التشكيلي بالجزائر، نشط في الميدان منذ شبابه رفقة أسماء أخرى استطاعت الظفر بسمعة المبدعين عن جدارة واستحقاق بما تركت من أعمال راقية، على غرار محمد إسياخم ومحمد لعيل وغيرهما. واستطاع أن يجذب الأنظار من مستغانم مسقط رأسه، ثم العاصمة وأن يوطد علاقات صداقة مع الشباب الهاوي خاصة، وحسه المميز جعله يهتم بالعمران الإسلامي والشخصية الجزائرية والطبيعة الخلابة التي أبدع فيها الخالق، وجعلها محمد خدة من أبناء الجيل الثاني مصدر إلهام مميز طالما استفز فضول الأوروبيين، فجعلوا من الجزائر وجهة استراتيجية.

وجمع خدة أعماله الفنية في كتابين هما "صفحات متناثرة مترابطة" و«معطيات من أجل فن جديد". وتولى الفنان التشكيلي رسم لوحات لمؤلفات عديدة وتصميم الملابس والديكورات لمسرحيات جزائرية. كما توجد أعماله بالمتحف الوطني للفنون الجميلة بالجزائر، ومتحف الفن الحديث بباريس.

ويُعد محمد خدة رائد مدرسة الإشارة، وصاحب إدخال فكرة الرسم المعاصر إلى الجزائر؛ حيث استمر في رسم عشرات اللوحات خلال أربعة عقود، وخرج بأعمال قوية للغاية لتحظى بإعجاب الكثيرين. كذلك عمل على نشر فكره ومدرسته الجديدة في الجزائر والعالم العربي، وكان من أهم أعماله التي سُجلت كأفضل أعمال النحت في العالم العربي "نصب الشهداء" في مدينة المسيلة، ومنحوتة أخرى تزيّن مطار الملك خالد الدولي بالسعودية.

وُلد الفنان محمد خدة في 14 مارس 1930؛ حيث عاش 61 عاماً، وتوفي في عام 1991 بعدما ترك إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية الرائعة وكذلك التجديد في الرسم على مر أربعة عقود. وكانت وفاته بعد معاناته من مرض سرطان الرئة، تاركا إرثاً كبيراً في الفن والرسم والنحت، لذلك يُعتبر من أهم رجال الفن، كما تعتبر مدرسته في الرسم من أكثر المدارس انتشاراً في الجزائر.

ومن أعماله "نصب الشهداء". وتعاون مع أشهر الكتّاب مثل ديوان "الوردة" لجان سيناك سنة 1964، بالإضافة إلى "من أجل إغلاق نوافذ الحلم" لرشيد بوجدرة سنة 1965، و«العصفور المعدني" للطاهر جاووت سنة 1982، ومع الفرنسي جون ميشال وجورج برنارد. كما أصدر كتاب "عناصر من أجل فن جديد" بالاشتراك مع آنا غريكي سنة 1967، وكتاب "أوراق مبعثرة ومجتمعة" عن منشورات "سناد"، الجزائر سنة 1983. وصمّم ديكورات أبرز مسرحياته، كما أنجز ديكور مسرحية ولد عبد الرحمان كاكي "بني كلبون" سنة 1974.

توفي محمد خدة في العاصمة الجزائرية يوم 4 ماي 1991. وفي عام 2015 أطلقت الجزائر جائزة للفنون التشكيلية تحمل اسمه.

للتذكير، فقد سبق لمحرك البحث غوغل في ديسمبر 2018 أن احتفل بالذكرى 87 لميلاد الفنانة الجزائرية باية محيي الدين، التي تُعد علامة مميزة في الفن التشكيلي العربي والعالمي، أُعجب الجمهور بفنها العفوي، واهتم بها الفنان بابلو بيكاسو. وفي عام 1963 اشترى المتحف الجزائري أعمالها ليتم عرضها، علما أن الكثير من أعمالها محفوظ في لوزان بسويسرا.