مخبر الدراسات التاريخية المعاصرة بالمدرسة العليا للأساتذة

استكتاب حكام الجزائر عبر العصور

استكتاب حكام الجزائر عبر العصور
  • القراءات: 1182
❊نوال جاوت ❊نوال جاوت

أطلق مخبر الدراسات التاريخية المعاصرة بالمدرسة العليا للأساتذة (بوزريعة الجزائر)، عملية استكتاب عن "حكام الجزائر عبر العصور"، لما يشكله إنجاز هذا العمل من قيمة علمية، من شأنها أن تسد الحاجة إلى كتاب تاريخي مرجعي للجزائر، ينطلق من الدراسة البيوغرافية لشخصياتها الحاكمة ليربطها بالحدث التاريخي.

اعتبر القائمون على مخبر الدراسات التاريخية المعاصرة، أن إنجاز كتاب موسوعي عن حكام الجزائر عبر الفترات والعصور التاريخية، عمل جدير بالاهتمام والعناية "في ظل الحاجة اليوم إلى تدقيق البحوث البيوغرافية التي تعنى بالتأريخ للعنصر البشري الحاكم والمتعاقب على المنطقة، واستثمار تلك البحوث في إبراز مركزية ذلك الحراك ومحوريته في صنع التاريخ؛ على أساس أن الإنسان فيها كان دومًا مؤثرًا ومتأثرًا بما حوله، متفاعلًا في مجموعته البشرية".

وأشار الباحثون في تقديمهم هذه الخطوة الأكاديمية، إلى أن نقص مثل هذا النوع من الأعمال البحثية في مكتباتنا اليوم، "يُعد محفزًا حقيقيـًا للخوض في هذا المشروع، والمشاركة ولو بالقليل في جمع السير الذاتية للشخصيات الحاكمة (ومنها بالخصوص ذات البعد والإسهام الوطني البارز والفاعل)، وما ارتبط بها من موضوعات مختلفة تتعلق بإدارة شؤون الحكم، ومن ثم استغلال ذلك الزخم والتراكم التاريخي الذي ينطلق من المسح البيوغرافي الدقيق بشكل أساس، في إنجاز عمل تاريخي شامل؛ من شأنه أن يعيد استحضار إسهام كل العناصر المكونة للنسيج الاجتماعي المتعاقب على حكم المنطقة، وتصور مدى مساهمتها في الحركة التاريخية".

وتنطلق الإشكالية البحثية الرئيسة لهذا المشروع الموجه للأساتذة الجامعيين والباحثين المنتمين للمراكز المتخصصة وكذا طلبة الدكتوراه، من الجزائر ومن خارجها، من البحث أولاً في السير البيوغرافية للشخصيات التي حكمت الجزائر (بمختلف انتماءاتها الحضارية والدينية والعرقية). وتتفرع من ذلك قضايا مهمة، تستدعي البحث والتوثيق الدقيق في مسارات السلطة والحكم؛ من خلال توصيف المرجعيات الفكرية والإيديولوجية تلك الشخصيات، وتحديد ملامحها الذاتية والاجتماعية، ورصد علاقاتها وتفاعلها بمحيطها الداخلي والخارجي، وأبرز أدوارها في مجالها، ومميزات فترة حكمها وتوليها القيادة، والتركيز خاصة على إسهامها "الوطني" حسب مقتضيات وظروف كل مرحلة تاريخية، وكذا محاولة ضبط الواقع السوسيو- ثقافي والغنى الحضاري للجزائر؛ من خلال دراسة سياسة تلك الأنماط السيادية، وآثار تفاعلها على مستوى الأحداث والوقائع التي ترتبط بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

ووضع المشرفون على الكتاب عددا من الأهداف التي يرمون إلى تحقيقها، على غرار التركيز على محورية العنصر البشري في استقراء الحدث التاريخي؛ من خلال إعادة استحضار سير الشخصيات الحاكمة، وتحديد علاقاتها البينية بمحيطها، وكذا التعريف بالشخصيات المتعاقبة على الحكم، والمساهمة في حركات المقاومة والتمرد والثورة بالجزائر عبر فتراتها التاريخية، وتوثيق مساراتها السياسية والعسكرية، وإسهاماتها الحضارية والاجتماعية، وإبراز أدوارها "الوطنية"، ناهيك عن دراسة العلاقة بين الحكام والمحكومين من حيث بنية تلك العلاقات، وركائزها، وأسباب توترها أو انسجامها، ومدى القدرة على التأثر والتأثير بين الطرفين ومع المحيط الخارجي، فضلا عن فتح المجال أمام البحوث المهتمة بالمنحى البيوغرافي، والاستفادة منها لإنجاز موسوعة الأعلام والعلماء، وأخرى للأماكن والحواضر الثقافية والمنشآت العمرانية التراثية، وموسوعة الأديان والفرق المذهبية والطائفية بالمنطقة، وغيرها من المجالات ذات العلاقة الوظيفية بالإسهام العلمي الذي يمكن أن يضيفه هذا العمل البحثي.

هذا المصنف التاريخي الجديد الذي حدد السداسي الأول من 2021 كأجل محتمل للنشر، سيشتمل على أربعة محاور أساسية، حيث خُصص المحور الأول للفترة القديمة؛ أي بين القرنين الخامس والتاسع الميلاديين. ويضم التعريف بالمصطلحات والمفاهيم الرئيسة المتعلقة بالسلطة والحكم، وإشكالية مفهوم وملامح "الدولة" وحدودها بالمغرب القديم، وقادة الكيانات المحلية: الممالك النوميدية والموريطانية، وأشهر الملوك والقادة المحليين الأمازيغ وكذا الحكام الأجانب: الرومان والوندال، فيما أُفرد المحور الثاني للفترة الوسيطة (القرن 5م- القرن 16م)، من خلال التعريف بالمصطلحات والمفاهيم الرئيسة المتعلقة بالسلطة والحكم، ومفهوم وملامح "الدولة"، وحدودها وأشكالها بالمغرب الأوسط، وقادة الفتح الإسلامي، وأشهر القادة وزعماء المقاومة، وكذا حكام الدويلات الإسلامية "المحلية"، وحكام الدويلات الإسلامية "الممتدة".

الفترة الحديثة (القرن 16م- القرن 19م) خُصص لها المحور الثالث، واحتوى على التعريف بالمصطلحات والمفاهيم الرئيسة المتعلقة بالسلطة والحكم، ومفهوم وملامح "الدولة" وحدودها بإيالة الجزائر، والحكام البيلربايات، والحكام الباشاوات، والحكام الأغوات، والحكام الدايات، علاوة على أشهر القادة وزعماء الثورات والتمردات.

ويدور المحور الرابع عن الفترة المعاصرة (القرن 19م- القرن 20م)، وفيه التعريف بالمصطلحات والمفاهيم الرئيسة المتعلقة بالسلطة والحكم، ومفهوم وملامح "الدولة" وحدودها في فترة الاحتلال الفرنسي، وقادة المقاومة السياسية في بداية الاحتلال الفرنسي، وزعماء المقاومة المسلحة، وقادة الأحزاب والجمعيات والتنظيمات السياسية والثقافية الوطنية، والقادة "التاريخيين" للثورة التحريرية.