الفنان التشكيلي رشيد طالبي

استحضار معالم التراث الوطني

استحضار معالم التراث الوطني
  • القراءات: 1072
خ. نافع خ. نافع
استلهم لوحاته من تراث الباهية وهران، وأعطى من خلال ذلك تميّزا لإبداعه؛ فالفنان رشيد طالبي له قدرة خفية على استنطاق المعالم والتاريخ، وعلى تصوير العادات والتقاليد بتوقيع حي، منها الفانتازيا ويوميات البدو الرحَّل، وكبريات الشوارع والأزقة والحارات والأعراس والوعدات والقعدات وحلقات البارود والأهازيج وزيارات الأولياء الصالحين وغيرها من فنون الحياة الجزائرية.
استطاع الفنان رشيد طالبي بمهارة لا متناهية، المزج بين تقنيات متباينة في الرسم؛ فهو يستخدم الأكريليك والألوان المائية والزيتية وتقنية الباستيل وقلم الرصاص أيضا، ليجعل من لوحاته تحفا في غاية الدقة والإبداع، مع توظيف محكم للنور والظلام، حيث شقّ ابن مدينة وهران طريقه نحو الفن بثبات رغم عصاميته، ليكون واحدا من الفنانين التشكيليين اللامعين.
وفضّل رشيد الفن على تخصّصه العلمي في مجال الميكروبيولوجيا، فبعد أن حاول في بداية تخرّجه إيجاد عمل بأحد المخابر فلم يحالفه الحظ، قرّر استثمار تعلّقه بالفن التشكيلي، وبالتالي السّير بجد نحو الاحترافية، واضعا موهبته في المقدمة.
وعن بداياته، أشار الفنان رشيد في لقائه بـ "المساء"، إلى أنّها كانت بتنظيم معرض خاص به بالجامعة، ثمّ بـ "نادي اللايونس" بوهران. ويُذكر أنّه باع لوحاته بألف دينار، ثم يعترف بأنّ هذه البداية لم تكن في المستوى الذي وصل إليه الآن، لكنه ظلّ مصرّا على الحضور والعرض ولم يرفض أيّة عروض تقدَّم له.
ولعبت الصدفة دورا هاما في حياته - كما يقول - حين شاهدت أعماله إحدى أشهر الفنانات التشكيليات بوهران السيدة ليلى فرحات، التي أخذت بيده وقدّمته لإحدى القائمات على المعارض الفنية بالعاصمة السيدة زهية قالمي، وتنقّلت إلى المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بولاية مستغانم، لمشاهدة أعماله التي عرضها هناك، فأذهلتها لوحاته، لتتم استضافته برواق "الكنز" بالعاصمة، وبفضلها فتحت له آفاق واسعة، وتوالت بعدها المعارض، منها ذلك الذي أقامه بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالعاصمة، وبقصر الرئاسة بالمرادية، وبالمجلس الشعبي الوطني، وبرئاسة الحكومة، وبمقر سوناطراك، ومجلس الأمة، وفي كلّ مرة كان يكسب جمهورا جديدا ووفّيا.
يؤكّد الفنان التشكيلي رشيد طالبي أنّه لايزال في فترة التعلّم، وأنّه ينتمي إلى مدرسة الفن التعبيري المعاصر، مشيرا إلى أنّه يرسم تفاصيل حياتنا اليومية، معتمدا على موروث التراث الوطني الذي ينهل منه بشكل كبير ومفتوح، حتى لا يندثر، كما يؤكّد أنّه فنان يجري وراء البحث والإبداع والجمال ولا يلهث وراء المال والشهرة التي قد تقضي أحيانا على الفن.
تعدّت معارض الفنان العشرين معرضا بين فردي وجماعي، وذلك منذ سنة 1987 إلى غاية 2011 في الوطن وخارجه، على غرار فرنسا والأردن.
وبالنسبة لمشاريعه المستقبلية، كشف الفنان رشيد طالبي أنّه تلقّى دعوة للمشاركة في الملتقى العربي بمدينة الرباط المغربية شهر جويلية المقبل، وهو عبارة عن مسابقة يشارك فيها الفنانون التشكيليون من جميع البلدان العربية. كما سيقيم معرضا برواق "الكنز" بالعاصمة شهر أفريل الجاري، فيما يستعد خلال شهر نوفمبر المقبل، للمشاركة في معرض فني جماعي سيقام بالعاصمة الفرنسية باريس.