ملتقى "أثر علماء قسنطينة في الحركة الفكرية خلال القرنين 19 و20"

استحضار لأمجاد صانعي الوعي الوطني

استحضار لأمجاد صانعي الوعي الوطني
  • 861
مريم. ن مريم. ن

تنظم مؤسسة "الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس"، بالتنسيق مع المجلس الشعبي لبلدية قسنطينة، يومي 16 و17 أفريل 2023، ملتقى دوليا عن "أثر علماء قسنطينة في الحركة الفكرية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين" ، يتناول تاريخ هذه المدينة العريقة في العلم والعمران والمقاومة. يهدف هذا الملتقى، إلى ابراز أهمية العامل الثقافي وصانعيه في الوعي الوطني، الذي بدأت ملامحه تتبلور شيئا فشيئا، ببروز نخبة من الشخصيات المثقفة، التي وجدت في الجمعيات والنوادي والمنشآت الثقافية ضالتها، للتعبير عن آمالها وطموحاتها، وكانت قسنطينة هي الفضاء الواسع الذي شهد هذا الحراك الثقافي الثري.

وعليه، تمت دعوة الباحثين المهتمين بمثل هذه المواضيع، إلى الكتابة في أحد محاور الملتقى السنوي لمؤسسة "الإمام عبد الحميد بن باديس"، والذي ينظم هذه السنة بالاشتراك مع بلدية قسنطينة. من محاور الملتقى "مدينة قسنطينة ومؤسساتها الدينية والعلمية والثقافية"، و"أثر علماء قسنطينة في المجال التربوي والتعليمي"، و"أثر علماء قسنطينة في العلوم الدينية والأدبية والإنسانية"، و"أثر علماء قسنطينة في العلوم العقلية (التجريبية)"، و"دور علماء قسنطينة في الحركة الاصلاحية" و"دور علماء قسنطينة في الصحافة". ترسل رغبات المشاركة (العنوان والملخص) على العنوان الإلكتروني للمؤسسة، قبل 20 فيفري 2023: pubfondationbenbadis@gmail.com

للإشارة، فقد تميزت قسنطينة عبر العصور، بحيويتها وبنشاطاتها المختلفة، وانفردت في الفترة الحديثة والمعاصرة، بأنها كانت خلال الحكم العثماني، عاصمة لبايلك الشرق الجزائري، ومقرا لعمالة قسنطينة خلال الفترة الاستعمارية، وعلى الرغم من تعرض المدينة بعد احتلالها من قبل الجيش الفرنسي، في شهر أكتوبر 1837، كغيرها من المدن الجزائرية، للعديد من النكبات، إلا أنها قاومت المحتل عسكريا وسياسيا، وصمدت ثقافيا بمحافظة سكانها على خصوصيتهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم.

ومع بداية منتصف القرن التاسع عشر، بدأت ملامح بروز النخبة الجزائرية الجديدة، ومنها النخبة القسنطينية، وبرزت هذه النخبة أكثر مع بداية القرن العشرين، حيث عرفت الجزائر تحولات عديدة، وشهدت قسنطينة معها نشاطا ثقافيا مميزا، تمثل ذلك في الاهتمام بالشأن العام والحالة السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع، وتتبع ما يحدث بالخارج، خاصة في تونس والمشرق العربي، وقد زاد الاهتمام خصوصا، بعد زيارة الشيخ محمد عبده للجزائر وقسنطينة عام 1903م، وزيارات أخرى لشخصيات دينية وصحفية، خاصة من تونس، منها الشيخ محمد الخضر بن الحسين (1904م) الذي تولى مشيخة الجامع الأزهر فيما بعد، والذي حدثنا عن العديد من الشخصيات الثقافية التي التقى بها.

ومن بين الشخصيات التي برزت في قسنطينة، خلال هذه الفترة؛ عبد القادر المجاوي والمولود بن الموهوب وصالح بن العابد والطاهر بن زقوطة ومحمد الطاهر لونيسي وعاشور الخنقي وصالح بن مهنا وعبد الحفيظ بن الهاشمي، خاصة الإمام عبد الحميد بن باديس. وقد كان لكل واحد من هؤلاء دور في الحراك الثقافي الذي عرفته قسنطينة. كما كان للبعض من الذين تلقوا تعليما في المدارس النظامية الفرنسية، دور في النهضة الثقافية والفكرية، خصوصا بعض العلماء الذين برزوا من خلال أدوارهم في الإصلاح الديني والاجتماعي، وحتى السياسي الذي عرفته الجزائر بصفة عامة، وقسنطينة بصفة خاصة، بداية من مطلع القرن العشرين.

كما ظهرت خلال هذه الفترة، الصحافة الجزائرية التي حملت على عاتقها الدفاع عن قضايا مجتمعها، برفض التجنيد الاجباري ومحاربة التجنس والاندماج، والمطالبة بحق التعليم وبحريته والحق في الاجتماعات وحرية الصحافة، وحق الجزائريين في المشاركة السياسية والتمثيل النيابي. كما ظهرت الجمعيات والنوادي الثقافية مع مطلع القرن العشرين، وكان لقسنطينة حظها الوافر من أدوات الوعي والاتصال هذه، والتي لعبت دورا لا يستهان به في تجميع وتجنيد وتوعية الجزائريين حول مطالبهم، قبل بداية ظهور الأحزاب السياسية.