الناقد محمد الأمين بحري يؤكد:

استحالة أن تثبت الخاطرة كجنس أدبي

استحالة أن تثبت الخاطرة كجنس أدبي
الأستاذ الجامعي والناقد الأدبي محمد الأمين بحري
  • القراءات: 1039
لطيفة داريب لطيفة داريب

يقوم الأستاذ الجامعي والناقد الأدبي محمد الأمين بحري في العادة، بتحليل ودراسة نقدية لأعمال أدبية تنوعت أجناسها. وفي أكثر من مرة طُرح عليه السؤال التالي: هل الخاطرة جنس أدبي؟ خاصة أن العديد من الأقلام الجزائرية تكتب في هذا الشأن، حتى إن هناك أقلاما معروفة عربيا فعلت نفس الشيء، ليجيب بحري عن هذا التساؤل في مقال نشره على صفحته في فايسبوك.

استهل بحري مقاله بالتأكيد على وجود نظريات وتقنيات ومبان لكل الأجناس الأدبية، يتأسس عليها  نقدها وتحليلها. مضيفا أن الشعر لديه نظريات حسب أنواعه وأغراضه، وللنثر أيضا نظرياته موزعة على فنونه السردية: (نظرية الرواية، نظرية القصة..)، وهو الأمر الذي ينطبق على الفنون المسرحية أيضاً التي لها نظرياتها وإطارها المنهجي والنقدي الذي ينظم أنواعها ومبانيها وفنياتها. وتابع بحري أنه من حيث المناهج النقدية، نجد أن للنثر مناهجه التحليلية النصية والسياقية وللشعر نظرياته النقدية الخاصة به .وعلى أساس هذه النظريات والمناهج المرجعية والبنيوية صار النقاد يدرسون الشعر والنثر ويحللون الأجناس الأدبية في أعمالهم .كما صار البحث الأكاديمي في الجامعات يدرس في أطروحاته ومذكراته الجامعية. تلك الأجناس الأدبية اعتماداً على النظريات والمناهج التي تنظم فنون الكتابة في كل جنس ولولا الإطار المنهجي والنظري لما استطاع النقد أن يتناولها. 

ويتوقف بحري ليتساءل " هل للخاطرة نظرية؟"، وواصل تساؤلاته: هل للخاطرة مناهج نقدية خاصة بها ومفكرين ونقاد قننوا الكتابة فيها؟. هل هناك من النقاد في أي بلد من كتب لنا كتابًا نقديًا في الخواطر؟ أو وضع لها إطارا منهجيا وفنيات كتابة يمكن أن تدرس على أساسها؟. وهل هناك رسالة جامعية أقيمت على خاطرة؟؟، ويجيب أننا لن نجد ذلك ببساطة لأن الخاطرة ليست جنساً أدبياً، فهي لا تملك قاعدة نظرية وإطارا منهجيًا وقوانين تنظم الكتابة فيها وتنقد إذا طبقتها أو  خالفتها، مؤكدا أن الخاطرة هي تداع حر للأفكار، قانونها الوحيد أن نكتب كما اتفق بأي شكل أردنا، فلا قانون لا منهج لا نظرية لا جنس يقيدنا، لذا يستحيل على النقد أو البحث الأكاديمي أن يتناول شيئا لا يمتلك قاعدة نظرية ولا منهجية ولا قانوناً يطبق عليه ويشكل الخلفية النظرية التي على أساسها يقوم النقد والتحليل التطبيقي.

وكتب بحري أيضا أن جميع الأجناس الأدبية تنقد بالنظر إلى نظرياتها وفنياتها وقوانينها التي أسست لقواعد نقدها. لهذا فأي كتابة لا تمتلك نظرية ولا فنيات بناء ولا قوانين تنظم عملية الكتابة فيها فيستحيل أن يتأسس عليها أي نوع من النقد لانعدام المرجع النظري والقوانين البنائية والفنية. وهذا يعني أنها ليست جنسا أدبيا يوضع بين الاجناس ذات النظريات والفنيات والقوانين البنائية التي أسس لها وكتب عنها مبدعوها ومفكروها وفلاسفتها ونقادها. كتبت مرجعية نقدية موجودة في جميع المكتبات. والجامعات تنظيرًا وتطبيقًا-يضيف بحري-وذكر بحري كتابة الخاطرة من طرف الأدباء قديمًا وحديثًا، إذ أنها متاحة للجميع، إن وجودوا فيها فسحة للنفس المبدعة دون غاية أخرى، متابعا أن كتابات مي زيادة وغادة السمان والرافعي في فن الخاطرة، لا يجعل منها جنسا أو نوعا أدبيا ضمن أحد الأجناس. ولكنها ضرب من الكتابة الحرة المنفلتة من الضوابط والقوانين والثبات. وهذا ما يجعل من المستحيل أن تكون لها نظرية ثابتة، وبالتالي: استحالة أن تثبت كجنس أدبي قار ومتفق على فنياته وبنائه لدى من يكتبه.