اختتام ملتقى «سيدي بومدين» بقسنطينة

اختتام ملتقى «سيدي بومدين» بقسنطينة
  • القراءات: 1447
ق.ث ق.ث

أجمع  المشاركون في الملتقى الدولي «على خطى سيدي بومدين» بقسنطينة، على أن سيدي بومدين الذي يعد أحد أعلام التصوف في المغرب العربي، استطاع التأليف بين جميع الروافد من علم وفلسفة وفقه. 

في هذا الشأن، تحدثت الدكتورة بوبة مجاني، أستاذة بقسم التاريخ في جامعة قسنطينة «2» أمام جمع من أتباع الطرق الصوفية، إلى جانب أساتذة مختصين وباحثين في مجال التصوف عن الآثار والفضائل التي تركها سيدي بومدين الذي اقترن اسمه بمدينة تلمسان العريقة، تاركا مصنفات ومؤلفات لم يذكر المؤرخون منها إلا كتابين هما «أنس الوحيد ونزهة المريد» و«مفاتيح الغيب لإزالة الريب وستر العيب»، إلى جانب مجموعة من الأشعار الخالدة والأدعية المتميزة، وغيرها من إبداعات الشعر التي تم إنشادها في محافل الذكر. 

أفادت بأن اقتفاء أثر سيدي بومدين ليس بالأمر الهين، حيث يتطلب -حسبها- آليات ومراجع ما تزال تحتاج إلى تمحيص من طرف الدارسين،  لأن الأمر لا يتعلق فقط باقتفاء الأثر الجغرافي فقط وإنما الروحاني أيضا.

تطرقت المحاضرة إلى أول رحالة اقتفى أثر سيدي بومدين، وهو ابن قنفذ القسنطيني، مستعرضة رحلته «الزيارية» إلى المغرب العربي، والتي دامت 18 سنة. علاوة على مراحل تطور الحركة الصوفية بقسنطينة. 

من جهتها، قدمت الباحثة صفاء باتي من جامعة تونس، دراسة معمقة حول سيدي بومدين الذي يعد مؤسس أهم مدرسة صوفية في العهد الموحدي، شكّلت لقاء بين عدة تيارات من المنطقة وبلاد الأندلس، مضيفة أن مدرسة بجاية تصدرت التصوف بفضل شيخ الشيوخ سيدي بومدين.

خلال كلمته الافتتاحية، أوضح الدكتور علي حكمت صاري، أستاذ الأدب المقارن بجامعة تلمسان، ومؤسس ورئيس نادي الثقافة الصوفية المبادر لتنظيم هذا الملتقى بالتعاون مع وكالة «جول للأسفار تلمسان»، أن هذا الملتقى المنظم بمناسبة المئوية التاسعة لميلاد سيدي بومدين الملقب بـ«شيخ الشيوخ» يستهدف بالدرجة الأولى نشر الثقافة الصوفية والدعوة إلى رحلات ثقافية صوفية «سبقنا إليها واحد من أبناء قسنطينة هو ابن قنفذ»، معتبرا أن الملتقى الذي يعد أيضا فرصة لتكريم ذاكرة ابن قنفذ هو تمهيد لملتقيات ولقاءات أخرى، على غرار تنظيم ملتقى حول «حوار الديانات» بعنابة قريبا و«المرأة والصوفية» بتيبازة و«التفكير العلوي» بمستغانم، معلنا في نفس السياق عن القيام برحلة ثقافية صوفية في الأيام المقبلة نحو مدينة قونية التركية. 

للإشارة، تم على هامش الفعاليات تنظيم معرض بيع بالإهداء لمجموعة من كتب الدكتور علي حكمت صاري، التي خصصها لسيدي بومدين وفكره وأتباعه. كما اختتم الملتقى بوصلة غنائية عيساوية أدّاها أعضاء من الزاوية الرحمانية، أمتعت الحضور. 

معرض «ملامح مدينة» ألوان بأطياف قسنطينية 

يعد معرض الفنانة التشكيلية القسنطينية المخضرمة حفيزة العنابي بشيري «ملامح مدينة» بقصر الثقافة «محمد العيد آل خليفة»، نافذة «لونية» على حراك الفن التشكيلي بقسنطينة. 

منذ 20 فيفري الماضي، تزينت جدران قاعة المعارض في هذا القصر بـ47 لوحة، تنوعت مناظرها بين أحياء المدينة العتيقة لقسنطينة والطبيعة الصامتة والأزهار والبورتريهات، علاوة على صور من مدينة غزة الفلسطينية، مما جعل هذا المعرض غنيا ومتنوعا. 

السيدة بشيري متأثرة بالمدرسة الواقعية، والرسم بالنسبة لها هو «فيض أحلام تحاول تجسيده في لوحاتها بالاعتماد على أفكار إبداعية مبتكرة،  من خلال تقنيات فنية تجمع بين البساطة والعمق في الرؤية، مما يمنح المشاهد الشعور ببهجة الشكل واللون معا. 

تستخدم الفنانة أساسا الألوان المائية في أعمالها وأحيانا الزيتية، وركزت في هذا المعرض على أزقة المدينة العتيقة، على غرار السويقة ومقعد الحوت ورحبة الصوف، لأنها تعشقها كثيرا ولها وقع خاص في نفسيتها ووجدانها. 

تسعى الفنانة دوما عبر لوحاتها إلى تبسيط الأشكال مع الاحتفاظ بالخطوط العريضة لها، معتمدة على تقنيتي تدرج ومزج الألوان اللتان تحتاجان إلى دقة متناهية لا يمتلكها إلا من يتقن فن الرسم. 

من جانب آخر، فإن الفنانة مهووسة بكل ما هو فن تشكيلي منذ نعومة أظافرها، وهي تعشق الألوان وتعبث بها وترسم خلال معظم أوقات فراغها، ومع توالي السنوات قررت أن تتعمق في المجال بشكل كبير،  فالتحقت بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بقسنطينة ودرست بها لمدة 3 سنوات، ومنذ ذلك الحين جعلت الريشة رهن إشارة إبداعاتها التشكيلية التي تلامس جوانب هامة من الحياة اليومية، وتسرد جزءا هاما من الذاكرة القسنطينية العتيقة. 

إيمانا منها بأن اللوحة التشكيلية أداة للتعبير ورسالة فنية نبيلة، أبت هذه الفنانة التي قضت أكثر من 30 عاما في حقل التعليم كأستاذة للرسم بالعديد من المؤسسات التعليمية في قسنطينة، من خلال هذا المعرض الذي سيختتم يوم الخميس المقبل، إلا أن تدعو إلى تنمية الحس الجمالي لدى الجمهور العريض، علاوة على إبراز أهمية المرأة القسنطينية في المشهد الثقافي والفني. 

للإشارة، سبق للفنانة المشاركة في العديد من المعارض التشكيلية بقسنطينة وخارجها، على غرار ولايات سكيكدة وميلة وجيجل والمدية والجزائر العاصمة، وهو ما مكنها من اكتساب المزيد من التجربة وصقل الموهبة. 

عاصمة جرجرة تناقش واقع المكتبات العمومية

دعا وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أول أمس من تيزي وزو، مديري المكتبات العمومية على المستوى الوطني إلى التفتح على المحيط الخارجي، وتوسيع نطاق النشاطات من خلال تنظيم ندوات وعروض ونقاشات، ملحا على دور المكتبة التفاعلي مع المجتمع لصد أية مظاهر للتطرف والتخلف والانعزالية.

قال الوزير خلال إشرافه على أشغال يوم دراسي خاص بالمكتبات الرئيسية للقراءة العمومية، احتضنته المكتبة الرئسية لتيزي وزو، أن الأساس في هذه المكتبات هو المساهمة في الحياة الثقافية الاجتماعية. مشيرا إلى أن الملتقى هو الأول من نوعه الذي يقام خارج العاصمة، مضيفا أن اختيار تيزي وزو لم يكن عفويا، وإنما يعود إلى مساهمتها الفعالة في إثراء المشهد الثقافي الوطني بتنوعه، وأن المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لتيزي وزو تستجيب -حسبه- لكل المعايير المحددة لدور مؤسسة ثقافية، مما جعلها مكتبة نموذجية.

ونوّه الوزير بمساهمة الولاية في الحراك الثقافي، حيث قدمت الكثير للثقافة الجزائرية بأسمائها الكبيرة التي حفرت في الذاكرة الثقافية الوطنية، وبفضل مبادراتها من خلال إنتاج فكري ثقافي وعلمي متميز طيلة السنة، والتزامها بعرض كل اللغات، منها الأمازيغية التي هي ركن أساسي في الثقافة والهوية الوطنية. مؤكدا على أن تكريس الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية هو مكسب كبير للجزائر ويعزز أكثر الثقافة والانسجام الوطني.

اعتبر الوزير أن المكتبة هي عنوان المعرفة أساس كل نهضة، موضحا أنه لا يمكن تحقيق تطور وتنمية معرفية في أي مجتمع خارج المكتبات، وأن  دور هذه الأخيرة مفصلي في التنمية، معتبرا تيزي وزو رائدة من حيث تغطية كل المناطق بمكتبات بلدية، إضافة إلى مشروع لإنجاز قاعات المطالعة، مما يحفز أكثر العائلات على دفع أبنائها إلى التوجه إلى هذه المرافق لاكتشاف عالم الكتاب بمختلف أنواعه الورقي، المسموع والصوتي.

أضاف الوزير أن رهان الجزائر اليوم وبفضل الدعم المادي والمعنوي،  يتوقف على مدى التركيز على الثقافة وتنمية المعرفة، معتبرا أن هذه الاستثمارات الكبيرة في القطاع تجعل من الجزائر بلدا يتجه بأمان نحو المستقبل الذي لا يمكنه أن يتحقق خارج أسوار المعرفة، منوها بحرص وزارة الثقافة على الدعوة إلى ضرورة التفتح على المحيط الخارجي حتى تكون المكتبة في خدمة المجتمع، وبالأخص الأطفال. مشيرا إلى أن «الاستثمار الحقيقي اليوم هو الاستثمار في الطفل لكي ينشأ على حب الكتاب والمعرفة والتفكير».

كما ذكر المتحدث أن سوق الكتاب في الجزائر سجل أكثر من 1100 ناشر، علما أن القليل منهم تتوفر فيهم شروط النشر الحقيقي والاحترافية، وتوقف عند دور النقابات في الوصول إلى عالم الاحترافية بالنسبة لصناعة الكتاب ومناقشة كل ما يتعلق به، منها السعر الذي يجب أن يكون موحدا. وهنا ذكر أن الوزارة طلبت من الناشرين رفع حقوق المؤلفين إلى أكثر من 10٪ لتثمين أداء المؤلف ومناقشة النتائج التي توصلت إليها أفواج العمل التي تم تنصيبها في اجتماع 16 أكتوبر الماضي.  

❊س.زميحي