اختتام الأيام المسرحية "محمد توري" بالبليدة

ابنة الفنان محمد توري: الاعتراف بنضال والدي ضروري والمشعل لابد من تسليمه للجيل الجديد

ابنة الفنان محمد توري: الاعتراف بنضال والدي ضروري والمشعل لابد من تسليمه للجيل الجديد
  • القراءات: 1273
لطيفة داريب لطيفة داريب
اختتمت الأيام المسرحية "محمد توري" التي احتضنتها دار الثقافة الجيلالي بونعامة بالبليدة، مؤخرا، وهذا بتقديم مسرحية "المنسي" لجمعية المسرح لمدينة فوكة وكذا تكريم عائلة الفنان الراحل محمد توري. كما شهدت الفعالية منذ بدايتها، تقديم محاضرة وعرض ثلاث مسرحيات أخرى. وقدمت جمعية المسرح لمدينة فوكة، عرضها المسرحي "المنسي"، تمثيل طاهر طاهيري وإخراج أمين حبوشي، كتابة يوسف تعوينت، تناولت فيها حياة الفنان في الجزائر وتعرضه للكثير من العراقيل في حياته الفنية والشخصية، وهذا من خلال شخصيتين، الأولى الباز، فنان مخضرم يائس والثاني الوناس ممثل سابق وسكير حاليا.
التقى الباز بالوناس على ركح مسرح ليس للتمثيل معا بل لتقاسم الهموم، فالباز يئس من الحياة ومن الفن ولم يعد ينظر للحياة إلا من ركن الريبة والقلق، أما الوناس، فقد كان في يوم من الأيام ممثلا ليتخذ اليوم المسرح فضاء يفترش أرضه لينام عليه وينسى همومه ومستقبله المجهول. ويحكي الباز الذي لا يريد أن يغادر المسرح، همه للوناس، هذا الأخير الذي لم يعد يرى حياته إلا من باب السخرية ربما لكي ينسى همومه أو يتناساها، ويدور حوار بينهما عن حاجة المجتمع والسلطات للفنان في مناسبات محددة وبعد يتم نسيانه طيلة ما تبقى من الزمن، أو حتى الفقير هو الذي يفقد كرامته وليس الذي لا يملك المال، ليقررا فيما بعد أداء بعض الأدوار لتأكيد أفكارهما.
ويقرر الوناس أن يكون مديرا لشركة، يتخفى وراء لباس إسلامي ليحقق غرائزه، أما الباز فمرة هو الطالب الجامعي الذي يحضر معه كل الشهادات حتى المتناقضة منها مثل الزواج والعزوبية، أوالميلاد والوفاة لكي يجد عملا في الشركة ولكن طلبه يرفض، أما حينما يتحول إلى زوزو أو إلى شاب صاحب وساطة عظيمة... فمرحبا به في العمل. ويقول الوناس وهو يعاقر الخمر إن الجزائري حينما توصد في وجهه الأبواب، يشرب الخمر أو يقوم بالإضراب، ومن ثم يعود إلى خصومة الباز وهذه المرة من أجل الفراش، فالباز قرر النوم في المسرح هربا من الكلاب التي تنتظره في الخارج وأمام إصراره يقوم الوناس بالبحث عن كرتون لينام عليه.
ويتحدث الممثلان عن تجربة الحب وعن الزواج المستحيل بسبب الوضعية المزرية للفنان، ومن ثم ينتقلان إلى المقارنة بين الفن والعفن، وبعدها يرقصان علّهما ينسيا هموم الحياة ولكن هيهات هيهات، فمتى تصلح أحوال الفنان يا ترى؟

ابنة الفنان محمد توري: الاعتراف بنضال والدي ضروري والمشعل لابد من تسليمه للجيل الجديد

التقت "المساء" على هامش فعاليات "الأيام المسرحية محمد توري" التي احتضنتها مؤخرا دار الثقافة الجيلالي بونعامة بالبليدة، بالسيدة عائشة، ابنة الفنان الراحل محمد توري، وأجرت معها هذه الدردشة.
❊ ماذا يعني لك تنظيم الأيام المسرحية محمد توري؟
= تنظيم هذه الأيام يعني لي الكثير، فأنا لم أذق حنان والدي إلا لمدة سنتين فقط، أحتاج إلى صورته وإلى حضوره الضمني من خلال مثل هذه التظاهرات، وأحتاج أكثر إلى شهادات حية تحكي عن نضاله الفني والثوري. صحيح أن والدي الذي رحل في عمر 45 سنة تاركا وراءه طفلتين، أصغرهما أنا في عمر العامين، لم يعش طويلا إلا أنه خلّف من بعده حياة ثرية، وفي هذا السياق، أطالب من السلطات المختصة، إحياء ذكرى الفنانين الراحلين وكذا ممن هم على قيد الحياة وكذا التفكير جديا في مساعدة الشباب الفنانين الذين حملوا المشعل ويعملون بكل جدية.
❊ فقدت والدك وأنت طفلة ولكن الأكيد أنك سمعت محيطك يتحدث عن خصاله، فماذا يمكن أن تقولي في هذا الخصوص؟
= أخبرتني والدتي أن أبي كان إنسانا كريما اجتماعيا يعطف على الصغير ويساعد المحتاج، ولم يكن من السهل أن تكون كذلك في عهد الاستعمار حيث كان أبي وحتى والدتي مراقبين، و أريد أن أؤكد أيضا أن والدي لم يضع عائلته في صدارة أولوياته بل كانت خدمة البلد في المرتبة الأولى من فروضه التي كان يؤديها دون كلل.
❊ كيف استطاع توري أن يزاوج بين النضالين الفني والثوري؟
= كان توري مناضلا من خلال أعماله الفنية سواء الأعمال المسرحية أو التلفزيونية التي كان يؤديها بكل حب ولكنه كان أيضا ثوريا من خلال نقله للمعلومات وتوفيره للأدوية، هل تعلمين أنه الأول من لحن نشيد قسما؟ نعم كثير من الناس لا يعرفون ذلك، وهو ما أريد أن يكتشفه الناس.
❊ هل صحيح أن التعذيب الذي تعرض له توري كان سببا في وفاته؟
= تعرض والدي للتعذيب والله يعلم ما أشربوه له وهو مقيد اليدين ورأسه إلى الأسفل، علما أن بنيته ضعيفة، ولكن لماذا لا يروي زملاؤه في السجن عن كل ما قام به في تلك الفترة، ألم يضحكهم؟، ألم يسلهم؟ ألم يرقص لهم حتى ينسيهم آلامهم؟ وهو الذي كان يقاسي ويعاني مثلهم.. لماذا لا تروى هذه الشهادات للملأ؟ لماذا لا تخلد في كتابات؟ أنا لا أعرف أبي، مات وتركني طفلة لا يتجاوز عمري العامين ولكنني فخورة به وبالإرث الذي تركه.
❊ ماذا ورثت عائشة من أبيها محمد توري رغم وفاته وهي طفلة صغيرة؟
= قالت لي عماتي وخالاتي رحمهن الله، أنني أشبه والدي في بعض تصرفاته وطباعه، مثل أنني متحمسة مثله في العمل الاجتماعي، أحب مساعدة الآخرين والتوجه نحو الآخر. بالمقابل أتوجه بنداء إلى كل السلطات المختصة لمساعدة الشباب في ممارسة الفن خاصة ممن يمتهنونه.