31سنة على رحيل صافية كتو

إشراقة الكوكب البنفسجي على مبدعات النعامة وما جاورها

إشراقة الكوكب البنفسجي على مبدعات النعامة وما جاورها
  • القراءات: 627
 مريم . ن مريم . ن

احتفلت "جمعية صافية كتو" بالأصوات الأنثوية خلال لقاء نظم أول أمس بدار الثقافة أحمد شامي بولاية النعامة، بحضور العديد من المشارِكات، اللواتي لبّين الدعوة تزامنا والذكرى 31 لرحيل الكاتبة والصحفية صافية كتو. كما تم، بالمناسبة، اقتراح تأسيس ناد أدبي، ليكون منبرا لصوت المبدعات بالنعامة.

تعد هذه المبادرة سبقا، وعربون وفاء لهذه الشاعرة والقاصة والإعلامية الراحلة الزهراء رابحي المعروفة أدبيا بصافية كتو، بنت العين الصفراء. وبهذه المناسبة، كتب رئيس الجمعية الأستاذ عبد القادر ضيف الله"بجمال أصبوحة اليوم التي أحيتها مبدعات ولاية النعامة تكريما لروح صافية كتو، سعدت بأن أهدتني كل من الروائية نسرين سماحي روايتها "دانتسو"، والروائية الشابة عيساوي مريم، روايتها "عاطل عن العمل"، ليضيف: "كل التوفيق لكنّ أيتها المبدعات الرائعات؛ صوت صافية كتو لن يخبو بوجودكن أبدا".

كما أحيا بعض المثقفين والإعلاميين والناشطين خاصة من أبناء هذه المنطقة، الذكرى؛ باستعراض مسار الراحلة، وكذا ذكرياتهم معها، منهم الكاتب أحمد ختاوي، الذي قال: كانت صديقة حميمة لي؛ تبادلني أسرارها، وتتحدث معي بكل أريحية، مثلما أتحدث معها بنفس الأريحية؛ لاعتبار وجداني؛ أننا من منطقة واحدة؛ أي من العين الصفراء، وأنني أخ وصديق حميم لها، كانت تناديني أحمد، وكنت أناديها الزهراء، وإن كان من شيء أقوله فيها وفي حقها وقد عاصرتها وعرفتها عن قرب وقد كنا - تقريبا، يوميا ـ نتناول قهوتنا سويا بمقر اتحاد الكتّاب الجزائريين بالجزائر العاصمة أواسط الثمانينيات، نتغدى معا، ونتبادل كثيرا من الأسرار. كانت ـ رحمة الله عليها ـ تطلعني على دواخل أسرارها. وكنت من منطلق حرصي على صحتها، أنصحها كأخ وكشقيق، بأن تتريث في أخذ القرارات التي لا تخدم صحتها. كانت تصغي لنصائحي الدافئة. كانت مؤازرتي لها لا تنقطع؛ إذ كنت ألحظ، يوميا، انكساراتها، وبعض من همومها يطفو على تقاسيم محيّاها. كنت لها السند في تلطيف بعض المآسي التي كانت تعيشها، وتطلعني عليها.. كانت الراحلة صافية كتو مقاومة، وامرأة من حديد، طيبة الخلق، سخية، من أطايب ما عرفت. وها نحن نعيش ذكراها 31، ولا يسعني إلا أن أجدد عليها الرحمات، وأن يتجاوز الله عنها، وأن يشملها الله بواسع رحمته؛ إنه السميع المجيب؛ امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: اذكروا محاسن موتاكم بالخير.

كما أحيا هذه الذكرى صديق آخر ابن المنطقة، وهو المثقف الناشط داود عمير؛ من خلال نشره مقالا بعنوان صافية كتو: قصائد هوت من الجسر، استعرض فيه حياتها بمسقط رأسها وبالعاصمة، وبعضا من الفترات المهمة التي عاشتها وأثرت عليها كإنسانة وكمبدعة. ومن ضمن ما جاء في هذا المقال، أن الراحلة لم تنشر سوى مجموعة شعرية واحدة بعنوان صديقتي القيثارة. وقد لا يعثر المتصفح في مجموعتها تلك، على نصوص متفردة، فقصائدها، عموما، لا تكاد تنفصل عن منحى أدب الكتابة في فترة السبعينيات، لكن التميز يبدو واضحا في الكتابة السردية، خاصة من خلال مجموعتها القصصية الكوكب البنفسجي؛ حيث الإرهاصات الأولى للكتابة في مجال الخيال العلمي، ولو لم تغب إلى الأبد لربما استكملت اشتغالها على جنس أدبي لم ينل حظه من الاهتمام في الجزائر والعالم العربي.

ولم تحظَ صافية كتو، حسب الكاتب، باهتمام كبير لولا جمعية ثقافية محلية تحمل اسمها، وتنشط في بلدة صغيرة حيث ولدت، وحيث تدفن في مقبرتها على بعد أمتار من قبر إيزابيل إيبرهارت، وهي الكاتبة والرحالة التي كانت تعشق نصوصها، وتبحث في سيرتها ومغامراتها. لم تكن كتو سوى فتاة حالمة فارة من القرية إلى المدينة لاكتشاف ذاتها، ولكنها وصلت إلى خيبة الأمل، فالسقوط.

للتذكير، فقد ولدت صافية كتو في 15 نوفمبر 1944 بمدينة العين الصفراء بولاية النعامة. عملت معلمة اللغة الفرنسية في المدرسة الابتدائية للبنات بالمنطقة لمدة سبع سنوات (من سنة 1962 إلى غاية 1969)، ثم انتقلت إلى الجزائر العاصمة عام 1970، لتلتحق بالعمل الصحافي عام 1973 كصحفية معتمدة في وكالة الأنباء الجزائرية. نشرت عددا من مقالاتها وقصصها وأشعارها في يومية المجاهد، و"أوريزون، وأسبوعية الجزائر الأحداث باللغة الفرنسية، إلى جانب مجلتي الثورة الإفريقيةوأفريك آزي اللتين كانتا تصدران بفرنسا آنذاك.

وصدر لكتو عن دار النشر نعمان بكندا، مجموعة شعرية بعنوان صديقتي القيثارة سنة 1979. وتضم 67 قصيدة باللغة الفرنسية. كما صدر لها عن نفس الدار سنة 1983، مجموعة قصصية بعنوان الكوكب البنفسجي، وتضم 14 قصة، أغلبها في الخيال العلمي. وأنتجت مسرحية إذاعية (القناة الثالثة) بعنوان أسماء مع مطلع الثمانينيات. وتركت مخطوطا روائيا لم يكتمل، يحمل بعدا نفسيا واجتماعيا.

توفيت صافية كتو بالعاصمة في 29 جانفي 1989 بجسر تيليملي بالعاصمة. ودفنت بمدينة العين الصفراء. وفي سنة 2008 وتخليدا لذكراها، أسس مبدعون شباب جمعية ثقافية باسمها، هي جمعية صافية كتو للإبداع الثقافي لمدينة العين الصفراء. كما أصبحت تنظَّم، سنويا، بولاية النعامة، ملتقيات وطنية باسمها كذلك.