في الذكرى الثامنة لرحيل أمير الأغنية الشاوية «كاتشو»

إشادة بخصال الفنان ودعوة إلى تثمين إنجازاته

إشادة بخصال الفنان ودعوة إلى تثمين إنجازاته
  • 1588
ع.بزاعي ع.بزاعي

أجمعت العديد من الوجوه الفنية في الذكرى الثامنة المصادفة لـ 12 أوت، لرحيل الفنان «كاتشو» أمير الأغنية الشاوية، أجمعت على أن رحيل فنان من طينة «علي ناصري» يُعد خسارة كبيرة للأغنية الجزائرية عامة والشاوية خاصة، وأشادوا بخصاله، داعين إلى تثمين إنجازاته الفنية، ووصفوا بحّته الشاوية بـ «النادرة» التي تمثل الامتداد لتاريخ وحضارة المنطقة. وبالمناسبة رصدت «المساء» آراء بعض الفانين ورفقاء دربه حول شخصية الفنان الشاوي ومستقبل الأغنية الشاوية بعد بروز أصوات كفيلة بمواصلة المشوار في عينات فريد حوامد ونصر الدين حرة.

تخليدا لروح الفقيد بادرت أول أمس جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة بمشاركة مجموعة من الفنانين بالمنطقة، بتكريم عائلة الفقيد ورفقائه بحضور نجوم من فناني المنطقة، منهم نجل المرحوم « كاتشو» سيف الدين ناصري، فريد حوامد، مليك الشاوي وفوزي الحامي.

وقد ساهم الراحل بقسط كبير في عصرنة الأغنية الشاوية؛ إذ يوصف رصيده بالمهم حيث أدى أكثر من 100 أغنية من إنتاج رفيق دربه عمار جماطي، ضمن مجموعة الأغاني التي اشتهر بها «كاتشو»؛ «على السلامة يا عبد القادر، «احنا شاوية»، «نوارة» و»هزي عيونك».

وقد عُرف الفنان الراحل ‘’كاتشو’’، رحمه الله، بأخلاقه السامية والشخصية المميزة وكان من الجادين في المحافظة على الإرث الفني والمورث الثقافي الذي تزخر به منطقة الأوراس، ما جعله سفيرا للنغمة الشاوية الأصيلة؛ إذ لُقب أمير الأغنية الشاوية.

إنَّ عملية تحديد القيمة الجمالية والأدائية للأغاني التراثية التي أداها كاتشو، مقارنة بالأغاني التي أُديت من قبل بعض معاصري النغمة الشاوية وبصورة عامة، قد أثبتت قدراته العالية. وكان للمرحوم الذي باشر نشاطه الفني مع فرقة «ثازيري» رفقة الفنان سليم سوهالي واشتهر بأغنية «أقوجيل» وتعني بالعربية «اليتيم»، مشوار حافل أنتج خلاله 14 ألبوما في مساره الفني، وكانت كل أغانيه مستلهمة من الواقع الاجتماعي للمنطقة؛ حيث ساهم بقسط وافر في ارتقاء الأغنية الشاوية إلى مصاف العالمية والوطنية، وهو من القلائل الذي غنوا بالأولمبياد في باريس بعد عميد الأغنية الشاوية عيسى الجرموني ومطربين كبار أمثال إيدير وآيت منقلات.

ويروى عن المرحوم أنه كان رياضيا يناصر مولودية باتنة، وتربطه علاقات مميزة بأندية باتنة، وكان يحظى بتقدير واحترام من زملائه الفنانين. ويُعد حسان دادي أفضل صديق له أدى معه ديو وملحمة كانت مجرد فكرة بعنوان «الزردة»، وبعد تدخل مسؤول سابق بالولاية أنجز العمل بعنوان «الموعد»؛ حيث تقاسم مع دادي عدة مميزات من الناحية الفنية وكان ينوي إنجاز مشاريع أخرى معه.

وكان آخر ظهور له بمهرجان جميلة العربي في سهرة العاشر من شهر أوت 2009، أي قبل يوم واحد من وفاتـه، حيث أكد مسير أعماله السيد بوزيد زهير، أنه لم يشارك في طبعتي جميلة وتيمقاد من تلك السنة، وفضل قضاء العطلة بمعية أولاده، لينضم لقائمة الفنانين ضحايا إرهاب الطرقات، أمثال الفنان دحمان الحراشي، كمال مسعودي، سمير السطايفي وغيرهم.

نجل «كاتشو» سيف الدين: والدي أدى دوره بامتياز

أبدىسيفالدينناصرينجلالفنان «كاتشو» استياءه مما وصفه بـ «التقصير» في حق والده وتجاهل الجهات الثقافية عطاءاته للتراث الشاوي، مؤكدا لـ «المساء» أن عائلته تثمن باعتزاز مبادرة جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة التي بادرت باستحضار ذكرى رحيله، متأسفا مما وصفه بالدور السلبي لبعض الجهات التي لم تحرك، بحسبه، ساكنا. كما تساءل عن سر تجاهل الجهات الثقافية بالولاية دور والده؛ إذ لم تكلف نفسها مشقة الإسهام في مبادرة كتلك التي بادرت بها هذه الجمعية، مشيدا بدور رئيس الجمهورية الذي خص والده المرحوم مؤخرا بتكريم في حجم الفنان الفقيد، مضيفا أن والده كان يوصي أولاده بالتمسك بالدين الإسلامي وبالصلاة، وكان صريحا في مواقفه؛ إذ كان ضد فكرة ولوج أبنائه عالم الفن، وحرص على أداء الفن النظيف خصوصا بعدما أدى مناسك الحج التي كشفت عن معدنه النفيس؛ إنسان طيب، صبور، طموح، ملتزم ومتخلق.

كما دعا سيف الدين إلى إقامة مهرجان ثقافي فني باسم والده، وتجسيد هذه الفكرة التي لقيت استجابة كلية في الوسط الفني، محبذا أن تكون وراء المشروع مؤسسة ثقافية تلتزم بالمحافظة على التراث الفني، وتعمل على الاهتمام بالإنتاج الفني للمرحوم وتنظيم ندوات، ولقاءات تؤسس لحوار ثقافي وإنساني بهدف ترسيخ ثقافة الانفتاح على الإرث الحضاري الإنساني وإحداث جائزة فكرية في حجم قيمة الفقيد.

فريد حوامد:الراحل حمل رسالة فنية

وحرص حوامد على أن يقتدى بمبادرة جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة رغم محدودية إمكانياتها، والتي جعلت من الذكرى الثامنة لوفاته ملتقى فنيا مع شباب المنطقة،الذين استحضروا أعماله الفنية من خلال الفنانين الذين تداولوا على المنصة في هذه المناسبة للتذكير بإنجازاته الفنية؛من خلال إعادة أغانيه التي رددها الحضورعن ظهر قلب وبعثت الحنين لبحته المتميزة التي حركت الباطن، ورقص للأنغام حتى العجائز والشباب الذين اكتسحوا قاعة عروض المسرح الجهوي الذي احتضن المناسبة بصدر رحب.

عن إمكانية تسمية أحد المهرجانات باسم المرحوم قال فريد: «وُلدت الفكرة منذ مدة ولم تجسد بعد، وكان الوالي السابق لولاية باتنة والوزير الحالي للفلاحة عبد القادر بوعزغي، هو السبّاق إلى تكريم المرحوم من خلال إعطاء تسمية مسرح الهواء الطلق بالقطب الثقافي الرياضي بحي كشيدة بباتنة، باسم الفقيد». وبحسب المتحدث فإن تسمية مهرجان باسمه ممكنة جدا إذا تضافرت جهود الجميع.

الفنان فوزي الحامي: «كاتشو» طوّرالأغنيةالشاويةبامتياز

قال فوزي بصريح العبارة: «لا يمكن تعويض المرحوم، ولكل منا خصوصياته، فهو اجتماعي بطبعه، وكان حريصا على أداء واجبه في تطوير الأغنية الشاوية»، مضيفا: «لا أحد ينكر مساهمته القوية في النهوض بالأغنية الشاوية في زمن احتاجت إلى من يدفعها إلى الإمام. وقد أصدر ثلاثة ألبومات بالشاوية البحتة، نالت شهرة كبيرة بحكم جمال التأليف والأداء والألحان، وكان محافظا على الشاوية وميراث الآباء والأجداد في بيته، كما كان متواضعا، حلو اللسان مع الجميع بدون تمييز على مر السنين».   وأضاف فوزي أن الأصوات الشابة موجودة، وبالإمكان الاعتماد على نماذج المرحوم. وقال إن المرحوم قدّم الكثير للأغنية الشاوية، وفي مواضيعه المعالجة طريقة للشباب الصاعد في العمل الجدي على درب المرحوم، الذي كان قدم نصائح كثيرة للشباب بالخوض في اللون الأصيل، مستدلا بأن سيف الدين يمثل النموذج بحسبه بعدما أنجز معه عملين فنيين ترديدا لأغاني المرحوم في ذكرى رحيله السادسة والسابعة.

وعنالفراغالذيتركه «كاتشو» بعد رحيله قال محدثنا: «نتقاسمه جميعا، وهو يعد خسارة كبيرة للوطن ليس فقط بوقعه على الوسط الفني». وأضاف: «لا يسعني في هذا المقام والمناسبة الأليمة، سوى أن أدعو له وأتضرع لله أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه الصبر والسلوان».

سمير بوراس:  المرحوم خسارة كبيرة للأغنية الشاوية

رئيس جمعية شباب أصدقاء بلدية باتنة سمير بوراس، نوّه بالمبادرة واعتبرها تواصلا مع الفن ودعما آخر للجهود المبذولة لتطوير الأغنية الشاوية، فضلا عن كونها فرصة للنبش في التراث الشاوي الأصيل واستحضار أمجاد الفقيد وما قدمه في مشواره الفني، مذكرا بمناقب المرحوم الذي عُرف في الوسط الفني بتواضعه وأعماله الخيرية وحبه للوطن، مضيفا أن الفقيد الذي صدح في أرجاء الوطن ونشط العديد من المهرجانات الفنية الثقافية داخل وخارج الوطن، يُعد شخصية فنية فذة نفتخر بها.  كما عرّج في حديثه مع «المساء عن إمكانية تصنيف الراحل ضمن خارطة الموسوعة الفنية الجزائرية، قائلا: «إن المرحوم كان وطنيا حتى النخاع؛ بدليل أنه في تضحياته من أجل رسالة الفن، رفض عروض الإقامة بأفخر الأماكن بالخارج خلال العشرية السوداء، وأغانيه التي قدمها في الخصوص تعكس صدق نيته في خدمة الوطن بدون مقابل أو طمع أو لهث وراء المادة؛ حيث كان اجتماعيا في طبعه محبوبا عند عامة الناس». وأوضح المتحدث أن المبادرة التي تقوم بها جمعيته للمرة الثانية في حدود الإمكانيات، تُعد نموذجا للنبش في التراث الفني والمحافظة عليه لتلقينه الشباب.

محدثنا الذي يستبعد أن يستمر الجفاء الفني بالمنطقة خصوصا أن الفئات الشابة والوجوه الجديدة أبدت استعدادا لتطوير الأغنية الشاوية التي خطت، حسبه، خطوات مهمة نحو العالمية وأصبحت مطلوبة في أوروبا وأمريكا وكندا.

وخلص بوراس الذي تفاءل بمستقبل زاهر لنجل الفقيد سيف الدين وهو يستمع إليه في حفل التخليد بعدما ردد روائع والده الفقيد بامتياز واستحضر صورة بلا صوت لأمير الأغنية الشاوية، خلص إلى أن ثمة من الجهود التي تُحسب للعديد من المطربين لتطوير الأغنية الشاوية التي تلقى رواجا كبيرا بفضل روادها، أمثال ديهيا، ماركوندا، مسينيسا، حرة، حوامد وغيرهم من فناني المنطقة.