«امرأة بظل مكسور» لجمال حمودة

إدانة للمرجعية الاجتماعية البالية

إدانة للمرجعية الاجتماعية البالية
  • القراءات: 495
❊دليلة مالك ❊دليلة مالك

يعود طرح المرأة كقضية اجتماعية بانشغالاتها ومشاكلها وتحدياتها لواقع قاهر، ليكون محل اشتغال العرض المسرحي «امرأة بظل مكسور»، للمخرج جمال حمودة عن مسرح عنابة الجهوي، عرض سهرة أول أمس بالمسرح الوطني «محي الدين بشطارزي»، ضمن تواصل منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف الثاني عشر. وفي النص الذي نسجته كنزة مباركي،   إدانة للمرأة وانتقادا للمرجعية الاجتماعية التي تربت عليها، نجحت الممثلة رجاء هواري في نقل هموم الأنثى وتشريحها على الركح.

منذ البداية، استطاعت رجاء هواري من اكتساح الخشبة بفضل أدائها الحيوي ونقلاتها المتوازنة، وتمكنت من شد الجمهور طوال العرض المونودرامي، بل وأنقذت العرض بسبب هشاشة الإخراج الواضح بين كل لوحة وأخرى، وبذلت كل جهدها لينطق العمل بألم المرأة المنطلق من الماضي، بسبب تربية الجدات والأمهات، وصولا إلى تعنت الرجل، واختارت كنزة مباركي في نصها الرجل السياسي.  

«أبكوا الإنسان الذي لم يسعفه الإنسان»، هي جملة مفتاح العرض، تدين المرأة الذئب والرجل الذئب أو حسبما جاء في النص، وأن ما يضر المرأة وحالتها المزرية هي من صنع الجنسين معا، وأن المرأة أكبر عدو لها هي امرأة ثانية مؤذية، على غرار أن الجدة هي أحد أهم الأسباب في بؤس المرأة، وغلب على العمل أسئلة وجودية طرحتها شخصية «وافية» (رجاء هواري)، ومثال ذلك «هل الحياة يمكن أن تحتضن امرأة كسرتها الحياة نفسها»؟.

استعملت كنزة مباركي لغة عربية راقية، سمت بالمتلقين، وسنده الإلقاء السليم للممثلة، ودعت كما يشبه الثورة على المعتقدات الموروثة عن الأجداد، لكن عبثا تفعل وجعلت «وافية» تداوي جرحها بالبوح فقط، عسى أن يخفف وجعها. ورافق الممثلة ممثل صامت من خلال العبور والمكوث على الركح في كل مرة، في رمزية الدور الخلفي للرجل في كل حالات المرأة.

اعتمد المخرج على الكثير من المقاطع الموسيقية والأغاني من التراث الجزائري والعربي، كأنه أراد أن يتوغل في أفكار وحالات هذه المرأة التي تتحدث بصوت عال، وتخفي صوتا داخليا، وديكورا بسيطا، كرسي وطاولة ومئزر مطبخ ومشجب، في إشارة إلى أعباء البيت.

في البطاقة التقنية للمؤلفة كنزة مباركي، قالت إن «امرأة بظل مكسور»، هي حكاية إنسان يلملم شظاياه في عالم مضطرب غير متوازن، ويحاول إعادة بناء نفسه حتى يغير شيئا في العالم الوحش.. حكاية تفجرها وافية.. صوت المرأة المنبعث من أول ساعة وأد، يصدح بالرفض في أفق ضيق خانق مخنوق، يجترح الحكايات ويقطفها من أعماق نسائية مجروحة، يخترق النواميس العرجاء في ثورة تقلب موازين الحياة، الحياة التي تضحكنا وتبكينا في آن واحد».

دليلة مالك