"مناظر الخريف" لمرزاق علواش

إدانة للفساد في مبنى درامي فاشل

إدانة للفساد في مبنى درامي فاشل
مرزاق علواش
  • القراءات: 799
❊دليلة مالك ❊دليلة مالك

"عمار" هي الشخصية البطلة في أول عمل سينمائي روائي طويل للمخرج الجزائري مرزاق علواش، الفيلم عنوانه "عمار قتلاتو الرجلة" (إنتاج 1976)، اعتبره النقاد وقتها تحفة سينمائية فريدة ونقطة تحوّل بالنسبة للسينما الجزائرية، هذه الشخصية التي تمثل مسار شهامة الرجل الجزائري ورقيه بمنظر المخرج طبعا، يبديه أيضا في آخر أعماله "مناظر الخريف" مع بطلة الفيلم "حورية" التي أدّت دور صحفية شجاعة تعمل بجهد لتضيء الحقيقة أمام واقع يسوده الفساد والخوف.

ربما يطرح السؤال لم المقاربة بين العملين الأوّل والأخير لمرزاق علواش، الذي عوّدنا على أعمال متميزة على غرار "مادام كوراج" (إنتاج 2015)، والواقع أن الدنو من شخصية "حورية" (أدت الدور سليمة عبادة) يشبه كثيرا دنوه من شخصية "عمار" في الفيلم الأول (أدى الدور بوعلام بناني)، وذلك من حيث إبراز القيم المثالية في الإنسان، غير أن الاشتغال الأول كالاشتغال الأخير، ففي "مناظر الخريف" (إنتاج 2019، 90 دقيقة) بدت قصة الفيلم مبعثرة، وأحداثها غير متوازنة، إذ يبدو أن مرزاق علواش في عمله هذا إدان إعلام المداهنة ونقد النظام عبر مؤسساته وأطيافه السياسية، دون أن يهتم بالبناء الدرامي الذي يتبنى هذه الأفكار.

واتكأ المخرج كثيرا على القوالب الجاهزة أو ما يعرف بالكليشيهات على غرار الملتحي الذي يمثّل المتديّن، لكنه صوّره في شكل ساذج ومتعطش للقاصرات، وهو موضوع الفيلم أو موضوع قصة حورية في بحثها عن حقيقة شبكة دعارة وراءها شخصية سياسية دينية بارزة، غير أن القصة لم توضح ولم توح عن سبب قتلهن ورميهن في أحد شواطئ مستغانم غربي البلاد، وبقيت القصة تطفو على السطح فقط.

في عنوان "حورية اللي علمتهم الرجلة"، تقوم حورية برصد الموضوع بمساعدة مخبرين مقابل المال، تحاول عبثا أن يساعدها الشرطي "مصطفى" (خالد بن عيسى)، تجد رأس خيط الجماعة المدير لشبكة الدعارة، رفقة زميلتها المصورة "لطيفة" (أدت الدور نور الهدى لبقع)، غير أنها تجد صعوبات في النشر، وهنا يضيء علواش جوانب مظلمة من العمل الصحفي المتعب.

ويعطي الفيلم مثال الرجل الفاشل من خلال شخصية مصطفى، الذي نكتشف في الأخير أنّه مجرد عميل للشبكة هدفه جني المال، لكن تصرّفه غير مقنع وغير مبرّر خاصة وأنّه ابن ضحية إرهاب، والأمر عينه بالنسبة لحورية الذي اغتيل والدها على يد المتطرفين الاسلامويين، إلاّ أنّ المخرج أعطاها مكانة النموذج الناجح في الحياة التي تواصل السير على درب أبيها الصحفي السابق.

في الفيلم مشاهد غير مقنعة، أو غير منطقية، في مثال مطاردة الصحفية والمصورة للشخصية البارزة وهي تضرب واحدة من ضحاياه في سيارة على الطريق السريع، ولما تأخذ الصور اللازمة، تتجاوزه ويلحقها، عند نقطة الطريق المغلقة تتوقف ولا تعود للخلف وهو المفرووض أن تقوم به تلقائيا.

جدير بالذكر أنّ عرض الفيلم كان لحساب المنافسة الرسمية للمهرجان السينمائي الدولي بالجزائر، أيام الفيلم الملتزم، سهرة أول أمس، بقاعة "ابن زيدون"، وسط حضور إعلامي وفني وجماهيري عال، فضلا عن فريق العمل والمخرج مرزاق علواش الذي برّر بأنّ خياراته الفنية تخصّه هو فقط