المجلس الأعلى للغة العربية ينظّم ملتقى دوليا
إبراز دور القرآن في حفظ وتطوير لغـة الضاد

- 207

شهد المجلس الأعلى للغة العربية، أمس، بفندق أولمبيك، تنظيم ملتقى علمي دولي بعنوان: "القرآن في علوم الانسان بين القاعدة اللغوية والخصوصية القرآنية" بمشاركة باحثين وأكاديميين من مختلف الجامعات الجزائرية، وعدد من الدول العربية والإسلامية ناقشوا في هذا اللقاء العلمي، الذي جاء تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للعيش معاً في سلام، الجوانب اللسانية والبلاغية والدلالية للنّص القرآني، وأثره في نشأة وتطور علوم اللغة العربية، إضافة إلى دوره في ترسيخ قيم التعايش والتسامح بين الشعوب.
بالمناسبة ذكر الدكتور محمد حرّاث، رئيس الملتقى قبول اللجنة العلمية لـ39 مداخلة من مختلف جامعات الوطن ومن خارج الجزائر تحديدا من قطر، السودان، السعودية، العراق، تركيا، النيجر، مصر ولبيبا. مضيفا أنه يتم في هذه الفعالية تسليط الضوء على العلاقة الخاصة بين اللغة وعلومها، وبين القرآن الكريم وخصوصيته في الدرس اللغوي صوتا وصرفا ونحوا وبلاغة، ودلالة ومعاني وغيرها من العلوم اللسانية القديمة والحديثة.
وقال المتحدث، إن العلماء دأبوا منذ نزول القرآن العظيم على قراءته وحفظه ومن ثم دراسته وشرحه. فظهرت بذلك علوم لم تكن معروفة وازدهرت أخرى لم تكن مزدهرة، كما كانت علوم اللسان وسيلة لفهم القرآن ودراسته.
من جهته، قّدم عميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، كلمة في افتتاح هذا الملتقى قال في بعضها إن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وإن لأسلوبه خصوصية في الصيغ والتراكيب والبيان، مضيفا إن القرآن لم يقتصر على الجوانب العقائدية والتشريعية والأخلاقية بل امتد ليشمل اللغة العربية ليكون له الفضل في حفظها وتطوير علومها المختلفة، وبالتالي من هذا المنطلق يكون السعي إلى استكشاف العلاقة الجدلية بين النّص القرآني والقاعدة اللغوية العربية مع التركيز على خصوصية القرآن.
تابع العميد، أن القرآن يمثل دعوة إلى العيش المشترك بين النّاس مهما اختلفت أديانهم، مشيرا أنه حينما نربط بين الخصوصية اللغوية للقرآن والقيم الإنسانية نقف عند دقّة اللغة القرآنية وإسهامها في إنشاء مفاهيم التعايش، ليقدم تجربة الأمير عبد القادر الذي جسّد قيم العيش المشترك والتسامح في حياته ومواقفه مستلهما من الفهم العميق لروح الإسلام.
وأضاف أن العيش المشترك يقوم في الإسلام على مجموعة من الأسس والمبادئ الراسخة والمستمدة من القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة التي تشكل إطارا مرجعيا لتنظيم علاقة المسلمين بغيرهم، وبناء مجتمع إنساني يسوده السلام والعدل والوئام.
أما رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الشيخ عبد الحليم قابة، فقد تحدث عن الإعجاز القرآني في أكثر من نقطة مثل الإعجاز حول تأثير تلاوة القرآن على السامعين حتى وإن كانوا يجهلون اللغة العربية، وإعجاز ثان حول الاصطلاح الشرعي لمفردات ذكرت في القرآن والتي قد تختلف أو تزيد عن معنى اصطلاحها اللغوي بالإضافة إلى خصوصيات أخرى.
ودعا المتحدث، إلى تقديم المزيد من الدراسات العميقة حول موضوع الملتقى، مؤكدا أن اللغة العربية هي وعاء للقرآن الكريم الذي لا يمكن فهم عمقه بجهلنا للغة الضاد، وطالب أيضا بالتعمق في عرض منهجيات جديدة للعلاقة بين القاعدة اللغوية والآيات القرآنية وتراكيبها وألفاظها.
القرآن الكريم بحر لا ينضب
أما رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، الدكتور صالح بلعيد، فقد أعلن عن إصدار المجلس لكتاب يضم كل المداخلات المشاركة في هذا الملتقى الذي ينظم بمناسبة احتفائنا باليوم العالمي للعيش معا بسلام (16ماي). كما تطرق إلى إصدار المجلس لمدونتين حول المجلة الإفريقية ومجلة أول نوفمبر.
أما عن موضوع الملتقى قال بلعيد، إن القرآن بحر لا ينضب ولا تتحدد شواطئه ولا تنتهي مفاهيمه، وله معجزات كثيرات لا يمكن الإحاطة بها، ويبقى صالحها للباحثين والدارسين وهم يبحثون في وجوه إعجازه التي لا تنقضي عجائبه وأسراره، وقد شكل ذلك ولا يزال مرتكزا معرفيا مهما في العبقرية العربية وسيبقى منبعا للمعرفة بل هو أصل المعرفة.
ولهذا اعتبر بلعيد، أن موضوع الملتقى مهم جدا إذا ما وقع استثمار علم النّفس المعرفي وعلم اللغة الاصطناعي في دراسته مع ما يقابله من ربط الدراسات والتخصصات اللسانية العامة والتطبيقية في أقسام اللغة العربية بالدراسات القرآنية من باب تعزيز هذه الدراسات في بعدها القرآني، وإدراك التداخل بينها وابتكار أصناف أدبية أخرى معاصرة على غرار النّسج والإبداع المعاصر في التباري في إنتاج البودكاست القرآنية مع تطبيقات لسانية في مباحث الإعجاز اللغوي بحسب سياق الآيات، من منظور الرؤية التوصيفية التحليلية للتطرق إلى قضية الألفاظ المشتركة وتعددية المعنى في القرآن الكريم. ـ يضيف الدكتور ـ .
وتابع أن البحث اللساني المعاصر يقبل المغامرة في مسألة الإعجاز القرآني وفي المعارك الكلامية والتفسيرية فيجد لها بعض المخرجات المسهمة في تطور حقل اللسانيات بما يملكه من بعد نظر، والركون إلى إبداع اللسانيات الحاسوبية في ربط الدلالة بالاعجاز، وايجاد المعنى للوحي الجليل بمكمون أو بظاهر الكلمات، ولا يعني أن تكون اللسانيات الحاسوبية هي الحل بقدر ما تسهّل عمل الباحث وتقرّب له الكثير من الخيارات التي تخرج من أعمال البرمجيات التي تقدمها خوارزميات الذكاء الاصطناعي. للإشارة تم خلال هذا الملتقى تكريم أربعة أساتذة متميّزين وهم: رشيد بن مالك وعبد المجيد قدي ورابح دوب وهشام قارة، علاوة على تقديم جلستين وورشتين علميتين.