فضاء "غسان كنفاني" يجمع الفرسان

أمسية جزائرية بعبير الشعر

أمسية جزائرية بعبير الشعر
  • 144
د. م د. م

في رحاب صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الثامنة والعشرين، تنفّس فضاء فلسطين "غسان كنفاني" عبير الشعر في أمسية جزائرية رفعت شعارا يليق بجمالها، جمعت القلوب وأيقظت الإحساس، هناك، تهادت الكلمات بين أيدي الشعراء كأنّها نغم يوشّح المساء، وارتسمت على وجوه الحاضرين ابتسامات امتنانٍ لجمال اللغة وقدرتها على ملامسة الوجدان.

أدارت الأمسية الإعلامية سمية معاشي بحسّها المرهف، فيما منح الفنان وحيد صابر بورنان أوتارًا موسيقية داعبت القصائد كما يداعب النسيم قلوب العاشقين. تعاقب الشعراء على المنصّة كنجومٍ في سماء القصيدة، كلٌّ منهم أضاء ليل الفعالية بوهجه الخاص.

افتتح الشاعر عبد القادر مكارية الأمسية بقصيدته "ذاكرة وذكريات"، فاستعاد بها نبض الوطن في أيامه الصعبة، مؤكّدًا أنّ الحياة دائمًا ما تنهض من بين الركام. وتلاه مبروك بن نوي، الذي حمل الجمهور إلى الجنوب الكبير عبر "ما صدوقك"، قصيدة تنبض بحكمة الصحراء ودفء إنسانها. ومن عمق الجنوب أيضًا، أطلّ مولود فرتوني بنصه "من جنوب البدء"، مرافعة رقيقة للقدس ومكانتها في قلب الجزائر.

ثم جاء عادل صياد بحروفٍ متمرّدة تمتح من قلق القصيدة ودهشتها، لتتبعه كريمة مختاري التي صاغت بشعرها الشعبي لمسات من الحنين والحب في قصائد مثل "الهمسة واللمسة" و"ذاب القلب". أما محمد عبو، الحائز على جائزة البابطين، فقد أهدى الحضور قصيدته "فصّ موسى" استحضارًا للأمير عبد القادر، ثم قدّم "العذراء" لأول مرة، بلوحات شعرية تنبض بالجمال والإبداع.

واختُتمت الأمسية بصوت سالم عبداوي وسمية محنّش التي وجهت كلماتها لأسيرٍ فلسطيني محرّر، فامتزجت الدموع بالتصفيق، والكلمة بالمشاعر. وكانت ليلةً من ضوءٍ وشجن، تجلّت فيها القصيدة كجسرٍ من المحبة بين القلوب، وكأن الشعر عاد ليهمس في أذن الجزائر: ما زال في الحروف متّسع للحياة والجمال.