من عاصمة الثقافة العربية
ألفا بلوندي ينشد للسلام

- 1396

أحيا الفنان العالمي ألفا بلوندي حفلا فنيا ساهرا بقاعة العروض الكبرى "أحمد باي" بقسنطينة، حيث أمتع أكثر من ثلاثة آلاف متفرّج بأغانيه الخالدة التي ترسّخت في ذهن العديد من الأجيال، وبعث مغني الريغي العديد من الرسائل عبر الأغاني التي قدّمها، وشنّ فيها هجوما لاذعا على القوى الكبرى، التي يرى أنّها وراء الدمار الذي يعيشه العالم والحروب التي انتشرت بشكل رهيب خلال السنوات الأخيرة. افتتح بلوندي حفله الفني في القاعة التي امتلأت عن آخرها من جمهور جاء من مختلف أنحاء الوطن، بأغنية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ثم غنى "من قتل بلدي؟ من قتل ديمقراطيتي؟" (كيا توي ما كلاكلا)، و"سويت سويت فنطا ديالو"، وأدى أغنية "جيروسلام" التي تتحدّث عن الصراع العربي الإسرائيلي، ثم أغنية "أريد أن تكون هنا" (أي ويش يو وير هير)، وختم حفله الفني بأغنية "بريغادي سافاليس". وعرف الحفل الذي حضره جمهور من مختلف الأعمار، تفاعلا كبيرا مع مغني الريغي العالمي، حيث ووقف ورقص جمهور قاعة "أحمد باي" على مدار حوالي ساعتين من الزمن، واستذكر العديد من الكهول وحتى الشيوخ الذين حضروا الزمن الجميل؛ من خلال ترديد أجمل أغاني ألفا بلوندي التي صنعت لنفسها مكانا في السوق العالمية.
ووصف بلوندي الذي قال إنّ رأس مال الفنان هو جمهوره وعشّاقه، وصف الجمهور الجزائري بالرائع، وقال إنّه أُعجب كثيرا بهذا الجمهور. وأضاف أنّ مهمة الفنان هي إعطاء الحب والأمل لجمهوره؛ لأنّ الموسيقى تقرّب الشعوب أكثر من أيّ شيء آخر. وكشف عن مشروع جديد سيقدّم من خلاله الأدب الإفريقي عبر أثير الإذاعة، حيث طلب بعض المؤلّفات لأدباء جزائريين من أجل عرضها في حصته الإذاعية المستقبلية. واعترف السفير العالمي للسلام بأنّه تفاجأ عندما اقترح عليه المجيئ إلى قسنطينة، حيث قال إنّه كان يأمل في زيارة منطقتين بالجزائر بعد العاصمة، هما وهران التي أكّد أنّه كان يرغب في زيارتها بسبب موسيقى الراي، وقسنطينة بسبب فيلم شاهده وكان يعشقه في فترة شبابه والذي كان يحمل عنوان "إدي كونسطونتين". وقال إنّه تفاجأ عندما رأى قسنطينة بهذا الحجم، مضيفا أنّ الأفارقة، بشكل عام، يعرفون أوروبا وأمريكا ولا يعرفون قارتهم، ليؤكّد أنّه سعيد جدّا بتواجده في الجزائر، وسعيد عندما يرى الفرح في أعين شباب هذا البلد، وقال إنّه بالاحتكاك بالآخر تنشأ العلاقة الطيبة، ومثل هذه المهرجانات تسمح بالتبادل، وعليه دعا إلى التكثيف من مثل هذه المهرجانات من أجل التعارف بين أبناء وفناني هذه القارة، التي هي في حاجة ماسة إلى تقوية العلاقات الثقافية فيما بين أبنائها، وأن تكون مثلا حيا يقتدي به السياسيون، مشيرا إلى أنّه يعرف طابع الراي في الموسيقى الجزائرية، كما يعرف الشاب خالد ويوسف ديدين الذي أعاد إحدى أغانيه باللغة العربية وهو فخور بذلك.
وفتح مغني الريغي العالمي النار على الذين يقتلون الأنفس البريئة باسم الإسلام، حيث أكّد أنّ الإسلام بريئ من هؤلاء الذين يقتلون الأبرياء باسم الدين، ووجّه لهم رسالة بعدم استعمال كلمة الله ومحمد عليه الصلاة والسلام في أعمالهم الإرهابية، مضيفا أنّ الإسلام ليس دين إرهاب، والمسلم ليس إرهابيا، وكلّ الكتب السماوية تحرّم قتل النفس البريئة، ودعا إلى التفريق بين الأعمال التي يقوم بها أشخاص وبين الدين في حدّ ذاته. وقال إنّ رجل الكنيسة إذا أخطأ فإنّ الغرب لا يحمّل المسؤولية الديانة المسيحية، وهو الأمر الذي يجب أن يكون كذلك مع الإسلام، ودعا إلى التعايش السلمي بين مختلف الديانات. ورافع المغني ذو الأصول الإيفوارية عن السلام في إفريقيا، حيث ناشد شعوب القارة وكذا قادتهم والاتّحاد الإفريقي، بالتفطّن لألاعيب الغرب التي تحاول استغلال ثرواتهم وإدخالهم في حروب ضروس لا فائدة تُرجى منها، كما دعا قادة هذه الدول إلى عدم أخذ السلطة بالقوّة أو الانقلابات العسكرية التي تزيد من معاناة شعوب هذه القارة. وقال إنّ الاستقرار السياسي يولّد الاستقرار الاقتصادي، وإنّ السلام هو المادة الأولية التي يجب الحفاظ عليها لتقدّم الشعوب، وإنّ المستفيد الوحيد من هذه الحرب تجار السلاح.
واتّهم مغني الريغي العالمي القوى الكبرى بخلق الإرهاب، حيث أكّد أنّ شنّ الحروب على العديد من الدول على غرار العراق، ليبيا، اليمن وسوريا بحجة القضاء على الإرهاب، هو الذي زاد من احتقان الوضع وخلق شعورا بالانتقام لدى هذه الشعوب، وبذلك خلقت هذه الوضعية أرضية خصبة لظهور الإرهاب. وقال أمام الملأ إنّ إيقاف الحروب عن هذه الدول سيوقف لا محالة انتشار الإرهاب، وإن الديمقراطية لا تأتي بالقنابل ولا تخرّب البلدان. كما اتّهم بلوندي الذي قال إنّه مناضل شرس ضدّ الحروب ولا يخشى أيّ طرف في قول الحق، هيئة الأمم المتحدة بالتقصير في حلّ القضية الفلسطينية. وقال خلال الندوة الصحفية التي نشّطها عقب نهاية الحفل، إنّ كلّ من يدافعون عن إسرائيل منافقون، وإن النكبة الفلسطينية تعيش أكثر من 70 سنة بدون حلّ، حيث تساءل عن الأجيال التي دفعت الثمن، وعن البراءة التي تُغتال كلّ يوم والعالم يتفرّج. كما دعا كلّ الأطراف المتنازعة في هذه القضية إلى حلّ مشاكلهم بعيدا عن العنف والتعصّب، وبعيدا عن الهيئات الأممية التي فشلت، حسب رأيه، في تعبيد طريق السلام بين من وصفهم بالجنس السامي.