أمحيس والأخوان فرعون يحاضرون بـ«منتوري

أعمال مولود فرعون مفعمة بالثورة الجزائرية

أعمال مولود فرعون مفعمة بالثورة الجزائرية
  • القراءات: 1910
لطيفة داريب لطيفة داريب

طالبت الأستاذة جوهر أمحيس بضرورة التعمق في قراءة أعمال مولود فرعون والغوص في معانيها، مشيرة إلى القراءات الخاطئة التي طالت مؤلفات هذا الكاتب الشهيد، والتي صاحبتها اتهامات باطلة مسته، معتبرة فرعون رجلا رفع راية الإنسانية عاليا ورفض العنف بكل أشكاله.

احتفاء بيوم الشهيد، نظمت مؤسسة فنون وثقافة، أول أمس، محاضرة في فضاء بشير منتوري، تحت عنوان حول حرب التحرير الوطنية في أعمال الشهيد الكاتب مولود فرعون، نشطها كل من علي فرعون وفازية فرعون وجوهر أمحيس.

بداية المحاضرة كانت عائلية، حيث ألقى ابن المحتفى به علي فرعون، مداخلة تحدث فيها عن والده الإنسان والكاتب، فقال إنه كان كاتبا فريدا من نوعه، كان يكتب لحاجته التعبير عن مشاغل من يحيطون به، وعن ظروف حياتهم القاسية، فقد كان فاعلا في مجتمعه، كما أراد أن يفهم ما يدور حوله، وبالأخص العلاقة الوطيدة بين الحياة المأساوية التي كان يعيشها الجزائريون والكولونيالية.

أضاف علي أن والده خلال قراءته لجريدة ألجيري ريببلوكان، اكتشف مقالات ألبير كامو، ومن ثمة رواياته، وامتعض من عدم ذكر هذا الكاتب لشخصيات جزائرية في أعماله، وعدم تعمقه في الواقع المأساوي الذي كان يعيشه السكان الأصليون، وبالأخص في منطقة القبائل، ولا حتى القيم التي تجمع بينهم، كما التقى به وتأكد من استنتاجاته، وكيف أن الجميع يرى بأن السكان الأصليين لا يملكون حقوقا، في حين يطالبون بواجباتهم، وفي مقدمتها أداء الخدمة العسكرية.ط أشار علي إلى أن والده كان ينتظر شيئا آخر من الصحفيين والأدباء تجاه الجزائر، معتبرا أن هناك فجوة كبيرة بين السكان الأصليين والآخرين، ومن أمثال كامو لم يأتوا إلينا لكي يتعرفوا عن قرب عن مشاغلنا، فلم يكتبوا بالشكل المنتظر منهم، بل كتب البعض منهم باحتقار عن الذين كان يطلق عليهم تسمية الأهالي. كما تحدث علي عن التهديدات التي طالت والده، إلا أن ذلك لم يثنه في الكتابة والتعليم، ليسقط شهيدا في 15 مارس 1962. في المقابل، كشف عن قرب إصدار مجلة عن مؤسسة مولود فرعون اسمها فورولو، سيضع فيها مقال جوهر أمحيس حول أعمال والده، والذي قال إنه قيم فعلا.

أما فازية فرعون، ابنة مولود فرعون، فقد أكدت كتابة والدها عن الثورة الجزائرية في أعماله، مقدمة أمثلة عن ذلك، مثل كتابة مولود فرعون في كتابه أشعار سي محند عن ضيم الاستعمار الفرنسي لعائلة سي محند، وبسبب ذلك تحول هذا الأخير إلى شاعر متجول، كما كتب عن أحداث 8 ماي 1945، وتساءل عن هذا العالم الذي لم يتحرك أمام ما حدث للجزائريين، ليطرح سؤالا مهما هل سيبقى الشعب الجزائري ساكنا، أمام ما يحدث له، أم أنه سيتحرك؟.

من جهتها، تطرقت الأستاذة جوهر أمحيس في مقال مطول، إلى كونه كتاب مولود فرعون (يوميات 1955-1962)، الذي كتبته بطلب من علي موزاوي، الذي أنجز فيلما عن مولود فرعون، قالت عنه، إنه إجابة قوية لكل من شكك في وطنية مولود فرعون، مضيفة أن هذا الأخير استعمل في كتبه كلمة فلاقة، وقصد بها فقط التسمية التي كان يطلقها المستعمر الفرنسي عن المجاهدين، كما أنه كان يناهض العنف لأنه مفعم بقيم الإنسانية لا غير.

دعت أمحيس إلى الحذر من إطلاق دعايات عن مولود فرعون، وقراءة أعماله بعمق حتى ندرك ما يقصده، وأن يكون القارئ ملما باللغة الأمازيغية حتى يستنطق روح كتابات فرعون، لتنتقل إلى معنى الالتزام عند فرعون، الذي ربطه بالمثقف الذي يجب أن يطرح مشاكل مجتمعه، كما حاول صاحب كتاب ابن الفقير الرفع من فكر ومستوى حياة الجزائريين، مستعملا في ذلك، لغة المستعمر للتنديد بسياسته.

أضافت جوهر أن مولود فرعون كتب يومياته انطلاقا من سنة 1955، أي عام واحد بعد اندلاع الثورة التحريرية إلى غاية سنة 1962، قبيل استشهاده، وقد كتب يوما واحدا قبل موته، أنه لا يريد الموت ولا يريد أن يفقد أطفاله، وأنه حذر، لكن لم يمنعه هذا من كتابة يومياته التي قال، إنها عبارة عن ملاحظات قد يتعمق فيها إذا أطال الله عمره.

كما ذكرت جوهر أن ايمانويل روبلاس، صديق فرعون، نصحه بعدم نشر هذه اليومية في هذه الفترة الحرجة التي كانت تمر بها الجزائر، فرد عليه فرعون أنه لو قرر عدم نشر كتابه هذا في الفترة الحالية، لتم اتهامه بالجبن وأنه سينشره حالا أو أبدا. كتب مولود فرعون 54 صفحة خاصة بسنة 1955، 182 صفحة سنة 1956، 78 صفحة سنة 1957، 27 صفحة عام 1958، 9 صفحات سنة 1959، 17 صفحة سنة 1960، 23 صفحة عام 1961، وأربع صفحات سنة 1962.

نوهت جوهر بثراء يوميات مولود فرعون، واعتبرتها شاهدة حية للذاكرة، مطالبة بدراستها والتعمق فيها، حسب السياق التاريخي والاجتماعي الذي كتبت فيه.