معرض إسماعيل أوشان برواق محمد راسم

"أسترة" طريق مفتوح نحو الإبداع

"أسترة" طريق مفتوح نحو الإبداع
  • القراءات: 562
❊مريم. ن ❊مريم. ن

يعرض الفنان إسماعيل أوشان آخر أعماله برواق "محمد راسم" إلى غاية العاشر جويلية الداخل، حيث يهدي الزوار جهد 4 سنوات عمل، وينتظر منهم ردة الفعل التي يراها ضرورية لتجدد الإبداع وكشف التفاصيل. ويحمل المعرض عنوان "أسترة"، وهي بمثابة خلطة كيميائية (الكحول والحمض)، مهمتها تفعيل الخيال وتجديد نظرتنا إلى الحياة، وتخليص الذات من الشوائب، وتحميلها طاقة جديدة تكسر الرتابة واليأس وأي سدود تقف في وجه الخيال والإبداع.

أشار الفنان خلال حديثه إلـى "المساء"، إلى أنّه انقطع عن العرض لمدة 4 سنوات، ليتفرغ لإنجاز أعمال هذا المعرض البالغة 61 لوحة. كما أوضح أنه يفضل العرض في الأيام المضيئة والطويلة؛ أي في الصيف؛ ليكون العرض أطول وأكثر زيارة من طرف الجمهور.

وكتشف الزائر سريعا مدى تأثر الفنان بالكيمياء، ليس فقط في العنوان الذي اختاره، بل أيضا من خلال خلطات الألوان السحرية، وكذا عناوين اللوحات مثل "المحيط الحيوي" و«بتروليوم ديناصور" و«تحنيط المكان" و«اليد الحمراء" و«نافذة الشهداء".

كما أكد محدث "المساء" أنه قدّم سفرا مفتوحا عبر المدارس الفنية، منها التجريدي والتشخيصي وغيرهما. وحرص على إعطاء المجال لكل زائر، ليقرأ ويرى اللوحة كما يشاء، حيث يرى أن نظرتنا إلى اللوحة ما هي إلا نتيجة تركيز كل واحد فينا لها، وبالتالي لا يرغم الزوار على فكرة معيّنة، فأحيانا ـ يضيف الفنان ـ يرى الجمهور ما لا يراه الفنان في حد ذاته في لوحته المنجزة، يقول أوشان: "بالنسبة للمعرض أرى أنه حالة أزمة يعيشها الفنان. وبالنسبة لي أعرض اللوحات التي أشك في درجة قبولها ونجاحها لأنتظر ردة فعل الجمهور. أما اللوحة التي أثق فيها فأنا لا أعرضها، وتبقى في ورشتي ".

وينقسم الجمهور عند هذا الفنان الأكاديمي المحترف، إلى فئتين؛ فهناك الجمهور المثقف الذي يحمل أفكارا ورؤى فنية، وهناك عموم الشعب الذي لا يدرك هذا الفن، وهنا مطلوب من الفنان أن يجعل فنه مشاعا، وأن يلتزم بديموقراطية الفن، ليؤكد أوشان أنه يميل إلى الفئة الثانية؛ لذلك يفضل العرض في المساحات المفتوحة وفي المقاهي والساحات العمومية ليحتك بالشعب، وبالمقابل لا يميل كثيرا إلى المعارض المغلقة، ولا يهمه عرض مجموعاته وبيعها، فهو يفضل الناس بكل شرائحهم؛ من أطفال وشباب ومسنين وغيرهم.

يقول الفنان إنّه لا يهمه أن يكون له جمهوره الخاص؛ فهو لا يلبي الأذواق، بل يلبي الفضول، "ومع العامة تُفتح الآفاق ويخرج الإبداع"، وعندما يدخل شخص عادي من عموم الناس يفاجئ الفنان بفكرة أو سؤال ما، بينما في أروقة العرض الخاصة يحدث العكس؛ الفنان أوشان لا يحبها ولا يتطور فيها، ويجد نفسه وكأنه يخدم الزبائن فقط.

يصف أوشان فنه بـ "الفن التجريبي" الذي يستهدف الشعب والمجتمع الجزائري، ليقدم من خلاله اقتراحات قابلة للنقاش وليست مقدسات. ويرى أنه بعد 4 سنوات عمل يقدم جديده كإنسان وكمواطن وكفرد من شعبنا قبل أن يكون فنانا مهمته فرض ذوقه على الجميع، ومن هنا يبيّن هذا الفنان الجانب الجماعي للوحة التي تولد من عمق مجتمعها ومن اهتماماته وخصوصياته. ومن جهة أخرى يقول الفنان إنّ اللوحة يشارك فيها البعض ولو بطريقة غير مباشرة، فأحيانا وهو يرسم يصاب بالضجر أو الانسداد، فيخرج إلى المقهى ويعطيه النادل فنجانا ساخنا ويدردش معه، فيزيح عنه حالته السيئة، ليواصل فيما بعد لوحته.

وعن "الأسترة" يرى المتحدث أنها ترجمة لحواس الإنسان مجتمعة، وأنها تنوع في التفاعل الكيميائي الأساس، قد تثير التفاعل لكنها تضمن الجمال والإبداع الجميل بكل تجلياته. ويعطي الفنان مثلا بالعطار الذي يثير في خلطاته مواد كيميائية، وكذلك الحال بالنسبة للوحة؛ حيث تتفاعل الألوان كيميائيا لتُخرج عطرا يشمه الجمهور. أما إذا لم يشم هذه الرائحة وهذا التفاعل فمعنى ذلك أن اللوحة غير ناجحة ولا تصل رسالتها، وهو أمر لم يعد متوفرا في معارضنا اليوم حسب أوشان.

وعن هذا التفاعل الكيميائي دائما يفسره الفنان بأنه تزاوج بين الحمض الذي غالبا ما يعني الألم والقسوة والحزن، وبين الكحول الذي هو محلول حالم يعني الشاعرية، وهنا تكمن ديناميكية المعرض رغم هذا التفاعل القاسي والصادم ذي النتائج الرائعة.

للتذكير، فإن الفنان أوشان ابن مدينة بجاية، حصل على شهادة في الكيمياء الصناعية من جامعة بجاية (1992)، وشهادة دراسات عليا في الفنون التشكيلية من المدرسة العليا للفنون التشكيلية بالجزائر (2000)، وهو يشتغل منذ سنة 2018، أستاذاً مساعداً بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر.

شارك خلال مسيرته الفنيّة في الكثير من المعارض الجماعية والأسابيع الثقافية، كما نظّم العديد من المعارض الفردية.