المهرجانات الإفريقية

أساسيات الوحدة والتجدد

أساسيات الوحدة والتجدد
  • القراءات: 566
ق. ث ق. ث

بعد طبعة أولى نظمت سنة 1969، خصصت لإرساء أساسيات الوحدة الإفريقية واستعادة التراث الثقافي الإفريقي، عاد المهرجان الثقافي الإفريقي بالجزائر بعد أربعين سنة، تحت شعار تجديد القارة في ظرف تاريخي وسياسي مختلف.

كانت الجزائر قد نظمت سنة 1969، المهرجان الإفريقي الأول، كفضاء للحوار والتفاعل واكتشاف التنوع الثقافي الإفريقي، بدافع استعادة الثقافة والهوية الإفريقية الأصيلة، التي ينبغي أن تنتشل نفسها من ظلام الاستعمار، واستغلال هذه الثروة من أجل دعم الكفاح التحرري والوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لإفريقيا. كما أن الاكتشاف والاسترجاع غير كافيين للاستعمال النشط والفعلي لمكونات الثقافة في حياة الشعوب الإفريقية، وفي مسار تنمية القارة، حيث تم تنظيم أول مهرجان إفريقي، بهدف جمع البلدان الإفريقية حول ملتقى يرمي، فضلا عن التحرر الثقافي والفكري للقارة، إلى تعزيز وتكثيف النشاطات الثقافية في إفريقيا. وقد أفضى هذا التجمع الكبير في المقام الأول، إلى ضرورة إنشاء هيئات ومهرجانات قارية، تتمثل مهمتها في حماية وتمويل وترقية المنتوج الثقافي الإفريقي، على غرار الفدرالية الإفريقية للسينمائيين، والمهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون بواغادوغو.

علاوة على الجانب الفني الذي مثلته أسماء كبيرة للموسيقي الإفريقية والعالمية، على غرار ميريام ماكيبا ونينا سيمون أو ابي لينكولن، فإن الملتقى الذي ترأسه الراحل وزير الإعلام محمد صديق بن يحيى، قد أدرج في صيف 1969، كتاريخ محوري في تنمية القارة. لقد تم اقتراح العديد من الخيارات حينها، مثل إنشاء موسوعة ومجموعة فنون مخصصة للقارة، وإنشاء معهد إفريقي للسينما والأدب، كما ارتأى المشاركون في الملتقى، إلى أنه من الضروري المساهمة في مشروع التاريخ العام لإفريقيا، الذي قامت به "اليونيسكو"، واستعادة الأرشيف والمتعلقات التي نهبها المستعمرون، وهي المسألة التي لا زالت مطروحة بعد أكثر من 50 سنة.

مهرجان للتجديد الإفريقي

بعد مرور أربعين سنة، حضر 8 آلاف شاب، يمثلون 51 بلدا إفريقيا، إلى الجزائر، من أجل استعراض ثقافة وتراث القارة السمراء، من خلال المشاركة في برنامج نشاطات ثري ومتنوع، يشمل الأدب والفنون المرئية والموسيقى والرقص والمسرح والسينما والتراث، مما يدل مرة أخرى، على تمسك الشباب بثقافته ووفاء الجزائر لنضالاتها ومبادئها وهويتها الإفريقية. كما أن برنامج هذه الطبعة الثانية من المهرجان الإفريقي، الذي وضع تحت شعار "التجديد الإفريقي"، والمنتظر من القارة قاطبة، سيوفي بوعوده، ليؤكد على تجديد القارة وعودة الجزائر إلى الساحة الدولية، مبرزة صورة بلد ينعم بالأمن والسلام.

في هذا الصدد، فإن الجزائر التي تحولت إلى مسرح كبير دام أسبوعين، استقبلت الفنانة وردة الجزائرية، وسيزاريا ايفورا من الرأس الأخضر، والمغنية المالية اومو سانغاري والغيني موري كانتي والسنغالي يوسو ندور. كما احتضنت المتاحف والساحات العمومية، العديد من المعارض الخاصة بالصناعات التقليدية والفن المعاصر الإفريقي، فضلا عن احتضان متحف "الباردو" بالجزائر للحفرية البشرية "لوسي" التي تعود إلى حوالي 3.2 مليون سنة، والتي اكتشفت بإثيوبيا سنة 1974. تم على هامش المهرجان الإفريقي، تنظيم عدة ملتقيات، تحت إشراف لجنة علمية من المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، وفي علم الإنسان والتاريخ، حول موضوع المؤسسة الاستعمارية والكفاحات التحررية في إفريقيا، والأدب الإفريقي والأساطير القديمة، والحفاظ على التراث الشعري والموسيقي، أو الاكتشافات الأنثروبولوجية الحديثة التي جعلت من إفريقيا مهدا للإنسانية.

فضلا عن برنامج موسيقي كثيف، من تنشيط أسماء قارية كبيرة، فإن الجزائر شرعت في استراتيجية جديدة لتثمين والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي للقارة، الذي سيتبلور إلى مشاريع قارية عديدة تحتضنها وتمولها الجزائر، من أجل إنشاء واجهات وفضاءات للعمل المشترك.