الممثل المسرحي التونسي إكرام عزوز لـ «المساء»:

أدعو إلى وحدة المسرح المغاربي

أدعو إلى وحدة المسرح المغاربي
  • القراءات: 1838
حاورته: وردة زرقين حاورته: وردة زرقين

استلهم محبته للمسرح من الموهبة والشغف، وبدايته الفنية كانت بين المسرح المدرسي والهواية إلى أن احترف وأصبح ممثلا مسرحيا سينمائيا وتلفزيا تونسيا. واستفاد من عدة تجارب حتى أصبح نجما مسرحيا. اشتغل في عدة أعمال إذاعية وتلفزية تونسية. كما قام بأدوار في أفلام أجنبية. إنه الممثل المسرحي كروان عزوز الذي التقته «المساء» في الأيام المغاربية للمسرح بوادي سوف، وكان هذا الحوار.

❊ كيف تقدم نفسك؟

❊❊ أنا ممثل مسرحي سينمائي وتلفزي تونسي، ممثل محترف منذ 1985، بدايتي كانت بين المسرح المدرسي والهواية، واشتغلت في مسرح الهواة بالجامعة. ولما احترفت اشتغلت مع العديد من رجال المسرح المعروفين على المستوى العالمي مثل عز الدين قنون، البشير إدريسي، منى نور الدين وغيرهم، كذلك مع الفرقة البلدية، وهي أول فرقة محترفة في الجمهورية التونسية، بحيث استفدت من عدة تجارب كممثل حتى أصبحت نجما مسرحيا، بالإضافة إلى اشتغالي في عدة أعمال في الإذاعة والتلفزة التونسية، وقمت بإخراج أعمال إذاعية، ولدي بعض الكتابات الناجحة في الميدان الإذاعي، ناهيك عن الأفلام الأجنبية مع فرونكو نيرو، خوزيس سانشاز وغيرهم.

❊ وكيف تقيّم مشوارك الفني بالقيام بهذه الأعمال؟

❊❊ شرف لي أنني من الممثلين الذين استفادوا من مسرح التجوال، لأن التعرف على ثقافات الشعوب وتقديم المقترحات الفنية الخاصة على الغير؛ أي الفضاء الذي يعيشه الفنان هو اختبار مدى أهمية العمل الذي يقوم به، فأنا قمت بجولة إفريقية في الكوت ديفوار والبنين وسأعود إن شاء الله في 2018 إلى الكاميرون في جولة أخرى. كذلك قمت بجولات أوروبية في فرنسا، إيطاليا وإسبانيا وفي الدول العربية.

❊ وماذا يعني لك هذا التبادل الثقافي؟

❊❊ أعتبر التبادل الثقافي انتقالا من دولة إلى دولة، وهو تأكيد للثقافة التي تجمع الجميع. وبالنسبة للمغرب العربي فهو مهم جدا، وقد تطرقت لذلك من خلال غمزة في الموضوع في مسرحيتي «سيلفي» وللوطن العربي بصفة عامة، لأننا نحن العرب والمغاربة بشكل عام، مهاجَمون، فصفارة الإنذار تنذرنا بربط جسور التواصل بيننا، لتفادي واجتناب النية الضيقة وسوء التفاهم السائد بيننا.

❊ ما نظرتك إلى الفن؟ ولماذا اخترت المسرح؟

❊❊ أعتبر أن الفن ليس له حدود، قدمت مسرحية في نابولي أمام جمهور إيطالي بحت. ولما ناقشوا العرض تفاجأت في مدى استيعابهم العرض والمسرحية، لأننا وفّرنا الإمكانيات من خلال الترجمة على حائط المسرحية باللغات، لكن الأهم هو طريقة تقديم الرسالة والتمثيل الدرامي الذي يحسه الفنان حتى لمن لا يتقن لغة الغير، لأن المسرح لغة عالمية، ويمكن أن يُشاهد العمل ويتم فهمه حتى لو لم يستطع المشاهد والحضور أن يشفّر الكلمات الواردة، والدليل على ذلك شارلي شابلن، بالصمت وصلت رسائله إلى العالمية. ورغم أنني درست في كلية الحقوق والعلوم السياسية، لكن محبتي للمسرح استلهمتها من الموهبة والشغف، ثم الرسالة. وأعتبر أن للفنان والمثقف رسالة يقدم من خلالها أشكالا فنية مختلفة، لكنه كذلك أحد قادة الرأي العام والمواقف الشعبية من خلال تصرفاته.

❊ هل اشتغلت في أعمال مغاربية؟ ومع من؟

❊❊ أنا متأثر بالتجارب الجزائرية، وقد تعاملت مع صديقي عبد القادر علولة، رحمه الله، وشريف زياني عياد. كما اشتغلت مع رشيد بوشارب في شريط ضد السلطة وضد القانون. علاقتي قوية بالفنانين الجزائريين وبالمخرجين المغاربة؛ بحيث اشتغلت معهم في عملين مسرحيين، وتربطني صداقة قوية بالإخوة في بنغازي بليبيا، وهي صداقة قديمة منذ 1991، ثم المسرح الموريتاني، التقيت بهم في مهرجانات بالمغرب. أشعر بأن الانتماء المغاربي يفرض علينا أن نساعد بعضنا البعض؛ لأن هناك تجارب رائدة في الجزائر، ومسرحية «شهداء يعودون» للمسرح الوطني هي عمل بارع لن أنساه أبدا .

❊ما رأيك في فكرة توحيد المسرح المغاربي؟

❊❊ أكيد، أنا كنت من دعاة توحيد المسرح المغاربي، لأنني كنت عضوا في الاتحاد المغاربي في مسرح الهواة، لكن للأسف الشديد عدة منظمات وجمعيات تُضبط بأشخاص معينين. يجب تفعيل الجمعيات بشكل جيد حتى نحيي ضمير الشعوب لفتح الحدود بطريقة جميلة وحضارية راقية. كما يجب على جميع المنظمات الفنية أن تصنع الاتحاد المغاربي، وتفتح الحدود بشكل سلس حتى نبقى على تواصل كبير بين الجزائر وتونس، فالشمال الغربي من تونس تقريبا يدخلون الجزائر باستمرار، والجزائريون كذلك يدخلون تونس باستمرار، خاصة أن لنا عادات وتقاليد مشتركة واللغة العربية والدين الإسلامي، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، لكن للأسف حزّ في نفسي عندما كنت في الصيف بمنطقة حدودية بين الجزائر والمغرب، ما يحدث على مستوى شعبين؛ نفس العائلة؛ بمعنى تقارب كبير، لكن الحدود مشددة وليست سلسة، هنا نتساءل مسؤولية من؟ هي مسؤولية كل مثقف وإنسان عربي. لا يجب أن نبحث عن أصل المشكلة، بل يجب أن نعلنها: محبة الجميع شرط ضروري، ونحن أمة واحدة قسمتها اتفاقية سايكس بيكو. ويجب علينا أن نؤكد دائما أن الحدود هي مسألة تنظيمية وليست حدودا بالمعنى الحقيقي. كل يوم نسمع عن محاولة، ثم عجز، ثم فشل لتوحيد المغرب العربي.

❊ كيف هي حالة المسرح التونسي حاليا بعد أحداث 14 جانفي؟

❊❊ بعد أحداث 14 جانفي المسرح التونسي أخذ فترة معينة وأصبح أقل إنتاجا لسبب بسيط؛ لأن الأحداث الكبرى يواكبها دائما التمعن في الأعمال التي تقدم شيئا ثقافيا جديدا، فبعد الأحداث بسنة ونصف سنة، تم تعييني عضوا في لجنة الانتقاء المسرحية، وتمكنت من مشاهدة عدد كبير من الأعمال المسرحية، فشعرت بأنه بعد سنة ونصف سنة الصحوة أصبحت أكبر، وشاهدت عدة أعمال هامة حتى التغيير في الأشكال الفنية والقراءات، والحريات كذلك أصبحت أكبر، فالمسرح التونسي حاليا يقدَّم بشكل موضوعي. وأعتقد أنه يأخذ أشكالا جديدة بتطور الحياة الاجتماعية في البلاد، فهو يتنفس بشكل جيد؛ لأن المسرح دائما كان ضد السلطة؛ فكل المسرحيات حتى وإن ابتعدت عن السياسة كانت ناقدة لحياة اجتماعية، وهذا ما يعبر عنه في علم الاجتماع.

❊ كلمة أخيرة

❊❊ أريد أن أقول إن مسرحيتي «سيلفي» كانت متعة كبيرة، وأنا أقدم عرضا أمام إخواني في الجزائر. وسأبحث بكل الطرق لتقديم المسرحية نفسها في عدة فضاءات في الجزائر بطريقة تشاركية؛ لأن جمهور الجزائر جمهور رائع، وقد جمعتني به في التسعينات ذكرى جميلة، سعيد جدا لاستضافتي في جريدة «المساء» الموقّرة.