بعد 50 سنة غياباً.. هل يعود تمثال الشهيد زيغود إلى مسقط رأسه؟

أجمل هدية في مئوية بطل الشمال القسنطيني المغوار

أجمل هدية في مئوية بطل الشمال القسنطيني المغوار
  • القراءات: 909
   مريم. ن  مريم. ن

استقبل رئيس مؤسسة زيغود يوسف أحسن تليلاني، مؤخرا، الفنان أحمد بن يحي للحديث عن تمثال زيغود يوسف، الذي بدأ في إنجازه عام 1968، بعدما فشل الإيطاليون في إنجاز أول تمثال للأمير عبد القادر؛ مما دفع بالفنان بن يحي إلى رفع التحدي باختياره تمثالا لزيغود. وأسهب هذا الفنان في حديثه عن تلك الفترة التي شهدت جدلا واسعا، حضره بعض قادة الثورة الكبار، كان منهم بن طوبال وبوالصوف.

أشار الفنان إلى أن هذه الرغبة (إنجاز التمثال) وجدت صداها عند بعض أعيان قسنطينة، أمثال المجاهد مبروك وأعيان بلدية زيغود يوسف، منهم المير في ذلك الوقت السيد كحال، وممثلو الأسرة الثورية، وعلى رأسها المجاهد بوشريحة بولعراس، الذي كثيرا ما استعان به الفنان بن يحي لتدقيق ملامح زيغود مثلما استعان بأرملته السيدة عائشة ظريفة، وأخته من أمه السيدة زبيدة، إضافة إلى بعض رفقائه أمثال لخضر بن طوبال. ويقول أحمد بن يحي بأن التمثال عرف منعرجا بعد مدة قصيرة من الشروع فيه؛ حيث سارع أعيان قسنطينة للاستحواذ عليه بحجة أن زيغود شخصية كبيرة لا تسعه بلدية زيغود الصغيرة، وهكذا راح كبار المجاهدين يحرصون عليه ويتفقدون كل مراحل إنجازه، خاصة رفاق الشهيد زيغود، أمثال السعيد حمروش وصوت العرب والطيب بودربالة ولخضر بن طوبال وعمار بن عودة وإبراهيم شيبوط، بل وحتى عسكريين كبارا، أمثال عبد الحفيظ بوالصوف وحسين بن معلم ومحمد عطايلية وغيرهم من الشخصيات التي عاينت مراحل إنجاز التمثال. وفي شهادته تأسف بن يحي لمصير رئيس بلدية زيغود، السيد كحال، الذي تمسّك بأحقية سكان بلدية زيغود في التمثال؛ مما جعل جماعة قسنطينة يدبّرون له مكيدة، فأدخلوه السجن مدة ثلاثة أشهر بهدف إسكاته.

ويؤكد الفنان بن يحي أن مادة البرونز التي تم توفيرها له، لم تكفه لإنجاز التمثال كاملا، مما جعله يستعين بقطع البرونز الموجودة في تمثال الديك الفرنسي بعدما قام المجاهدون بتفجيره وتحطيمه؛ حيث كان منتصبا بساحة لابراش يوم 24 جويلية 1962. وتم رمي قطعه وجناحيه بحظيرة بلدية قسنطينة، فقام بن يحي بجلب تلك القطع البرونزية وتذويبها، ومن ثمة استعمالها في بناء تمثال زيغود، الذي ما إن انتهى منه أحمد بن يحي عام 1969 حتى تم عرضه للجماهير في استعراض كبير بقسنطينة ضمن الاحتفالات الرسمية بذكرى 20 أوت 55 و56. كما اتُّفق على وضعه في ساحة لابراش وسط المدينة في المكان نفسه الذي كان ينتصب فيه تمثال الديك الفرنسي، لكن برقية عاجلة جاءت من الرئيس هواري بومدين تأمر الكولونيل عبد الغني قائد الناحية العسكرية الخامسة، بمنع نصب التمثال؛ بحجة أن تنصيبه للناس في ساحة عامة في ذلك الوقت، قد يؤدي إلى انتشار الجهوية في الجزائر، فتبادر كل منطقة من الوطن بإنجاز تمثال خاص بشهيد لها، وهكذا تم وضع تمثال زيغود في ساحة محافظة الحزب قبل أن تأتي فرقة من الجيش بأمر من الكولونيل عبد الغني، وتقوم بحجزه في مكان مجهول إلى غاية عام 1986؛ حين تَقدم الفنان أحمد بن يحي بشكوى إلى الرئيس الشاذلي بن جديد، الذي أمر بإرجاع التمثال إلى ساحة محافظة الحزب، وذلك إلى غاية 1988؛ حين شهدت الجزائر تحولات خطيرة، أفرغت محافظة الحزب من مناضليها وروادها، فصار التمثال وحيدا في تلك الساحة، مما جعل السعيد عبادو وزير المجاهدين وقتها، يأمر بأخذ تمثال زيغود ووضعه في مقبرة الشهداء بعين سمارة؛ حيث لايزال هناك إلى اليوم.

وتساءل رئيس مؤسسة الشهيد زيغود يوسف عن إمكانية إعادة تمثال زيغود يوسف إلى أهله في بلدية زيغود يوسف المحروسة، بمناسبة مئوية الشهيد، علما أن هذا التمثال الذي صنعه الفنان أحمد بن يحي، هو أول تمثال لشهيد جزائري، وهو مصنوع من البرونز الخالص، وطوله متران و28 سنتم، وهو أجمل تمثال على الإطلاق.