"السياسة العقارية الكولونيالية في الجزائر"

"أبوبكر بلقايد" تناقش الأغراض والانعكاسات على المجتمع الجزائري

"أبوبكر بلقايد" تناقش الأغراض والانعكاسات على المجتمع الجزائري
  • القراءات: 579
ل. عبد الحليم ل. عبد الحليم

شـكّل موضوع "السياسة العقارية الكولونيالية في جزائر القرن 19، الأغراض التشريعات والانعكاسات على المجتمع الجزائري" ، محور المؤتمر العلمي الدولي الذي احتضنته قاعة المحاضرات الكبرى لكلية علوم الطبيعة والحياة وعلوم الأرض والكون، بالقطب الجامعي الجديد بجامعة "أبوبكر بلقايد" بتلمسان، على مدار يومين كاملين، بمشاركة كوكبة من الأساتذة والباحثين الأكاديميين المختصين في مجال التاريخ والذاكرة الوطنية، والأرشيفيين من فرنسا.

بالمناسبة، قال مدير الجامعة الأستاذ مراد مغاشو، "منذ احتلت فرنسا الجزائر سنة 1830 وهي تعمل على ترسيخ دعائم وجودها؛ من خلال تبنّي سياسة تسمح لها بالاستحواذ على ثروات وخيرات البلاد؛ حيث أدركت منذ الوهلة أنّ السيطرة على الأرض تعني السيطرة على الشعب، وبذلك برزت قضية الأرض وملكيتها كميدان للصراع بين مجتمع متمسّك بأرضه، ومحتلّ يعمل بكل الأساليب، على انتزاعها منه ".

وأبرز المتحدث أهمية هذا الملتقى في إلقاء الضوء على تاريخ الجزائر الاستعماري، وسياسة الاستيطان التي انتهجتها فرنسا خلال القرن 19، وما خلّفته من آثار سلبية على الشعب الجزائري، مؤكدا أن هذا النوع من الفعاليات العلمية، يساهم في تعميق الوعي بتاريخنا الوطني، والحفاظ على ذاكرتنا الجماعية.

ومن جهته، أكد الأستاذ محمد القورصو، عضو اللجنة الجزائرية للتاريخ والذاكرة في مداخلته، أن الأرض تشكل أساس الهوية الوطنية، وأن الاستعمار الفرنسي سعى للاستيلاء على الأراضي في إطار سياسة طمس الهوية الوطنية، والقضاء على كيان الأمة. وأضاف أن نضال الشعب من أجل استرجاع الأرض، كان المحرّك الرئيس لثورة التحرير، مشددا على ضرورة المحافظة على مكتسبات الاستقلال؛ إذ قامت الإدارة الاستعمارية بمختلف عمليات النهب والسلب، وتجريد الجزائريين من أغلى ما يملكون، وهي الأرض رغم تعهّد فرنسا باحترام ممتلكات السكان؛ إذ لجأت إلى الاستيلاء على الأراضي؛ باعتبار أن هذه الأخيرة مصدر قوت الأهالي.

ومحاولة سلب هذه القوة منهم تعني الانتصار عليهم، وكسر شوكتهم، مستخدمة في ذلك قوانين وقرارات تسهّل بها عملية انتقال الأراضي من أيدي الجزائريين إلى المستوطنين الأوروبيين، وبذلك فقد أثرت هذه السياسة على الشعب الجزائري من عدة جوانب، فأفقرته وهمّشته، وأوصلته لأن يصبح في أسوأ حالات الفقر والعوز، وهذا ما انعكس سلبا على الفلاح الجزائري البسيط.

وأكد القائمون على هذه التظاهرة العلمية التاريخية بجامعة تلمسان، أن الدراسات التاريخية التي ستناقَش خلال اللقاء، توضح إحدى السياسات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر في المجال الاقتصادي بشكل عام، والمجال العقاري بشكل خاص، والمتمثلة في السياسة الفرنسية المتّبعة في تفكيك الملكية العقارية للجزائريين 1830 1900؛ حيث أدرك الاستعمار الفرنسي أن للأرض أهمية ودورا كبيرا في تلاحم وترابط القبائل والأعراش الجزائرية. وتيقّنوا أن إحكام القبضة على الشعب الجزائري لن يتم إلا بتفتيت هذه القبائل والأعراش. وبحكم أن فرنسا دولة القانون، كما يقولون، فإنها حاولت تقنين تفكيك الأرض والمجتمع الجزائري. وتجلى ذلك واضحا في القوانين والمراسيم التي أصدرتها، وأهمها قانون "سيناتوس كونسيلت" 1863م، وقانون "وارني" 1873م. وقد كانت لهذه السياسة انعكاسات سلبية في معظمها، على المجتمع الجزائري اقتصاديا، واجتماعيا وسياسيا.

وعرف المؤتمر على مدار يومين من بحر الأسبوع الماضي، عدة محاور تتعلق بالسياسة العقارية الكولونيالية بالجزائر؛ من خلال عروض محاضرات ومداخلات ومناقشات تتعلق بقضايا الذاكرة التاريخية، تستهدف مسألة السياسة العقارية الكولونيالية في الجزائر خلال القرن 19؛ منها السياقات التاريخية للسياسة العقارية للنظام الكولونيالي في الجزائر، والعقار في الجزائر في القرن 19 من منظور ضباط الجيش والمستوطنين دعاة الاحتلال الكليّ للجزائر: تحليل وتفكيك الخطاب الكولونيالي، وتدمير البنية المجتمعية والبيئية للجزائر، وآثارها في المدى البعيد، وعدم استسلام الجزائريين: بعض المحاولات الاسترجاع ممتلكاتهم، وقراءة في بعض المحطات التاريخية: من مشروع قسنطينة (1958) إلى مراسيم مارس 1963.

للإشارة، يأتي تنظيم هذا المؤتمر الدولي من طرف جامعة تلمسان واللجنة الجزائرية للتاريخ والذاكرة، في وقت تسعى هذه الأخير إلى استرجاع الأرشيف والممتلكات المنهوبة، ورفات رجال المقاومة، وكذا استرجاع الممتلكات التي ترمز إلى سيادة الدولة الخاصة بالأمير عبد القادر، إضافة إلى التعرف على مقابر الجزائريين الذين كانوا في جزيرة سانت مرغريت بفرنسا، فيما يُعد الأرشيف نقطة محورية في عمل اللجنة.