مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مرفوع لروح «الساحر»

«وقائع قريتي» و15 فيلما تتنافس على الهرم الذهبي

«وقائع قريتي» و15 فيلما تتنافس على الهرم الذهبي
  • القراءات: 854
 مبعوثة «المساء» إلى القاهرة: دليلة مالك مبعوثة «المساء» إلى القاهرة: دليلة مالك

تسجّل الجزائر مشاركتها العربية الوحيدة، إلى جانب البلد المنظّم، في المنافسة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ38، من خلال الفيلم الروائي الطويل «وقائع قريتي» للمخرج كريم طرايدية، ويشارك معه 15 فيلما من مختلف الدول للظفر بالهرم الذهبي، وهي الجائزة الكبرى لواحدة من أهم التظاهرات السينمائية الدولية.

انطلقت أطوار المهرجان مساء أمس بأوبرا القاهرة وتستقبل ست قاعات العروض المبرمجة إلى غاية 24 نوفمبر الجاري، وعددها 204 أفلام، منها 16 عملا ضمن المنافسة الرسمية. واختارت الدورة الـ38 فكرة «السينما للجمهور» ليكون شعارا لها ومرفوعة إلى روح فقيد السينما المصرية «الساحر» محمود عبد العزيز الذي وافته المنية قبل أيام.

أعطت إدارة المهرجان التي تترأسها ماجدة واصف، الأولوية لإرضاء جمهور السينما في مصر، وعلى رأسه الأجيال الجديدة من الشباب محبي السينما ومتابعيها، إذ أضحى المهرجان فرصة وحيدة لهم خلال العام لمشاهدة أفلام لم تعد قاعات العرض التجارية ترحب بعرضها.

11 شاشة لإرضاء الجمهور 

بعد عدة دورات اقتصرت عروض المهرجان فيها على قاعات العرض في دار الأوبرا المصرية، قرّر المهرجان العودة إلى قاعات وسط المدينة، لتتحول خمس شاشات (ثلاثة في سينما أوديون واثنتان في سينما كريم) إلى نقاط عرض لأفلام المهرجان، لتسهيل الأمر على جمهور وسط المدينة، بعدما ساد الأمن القاهرة ولم يبق سوى عودة الجمهور، مع الاحتفاظ بدار الأوبرا المصرية مركزاً للمهرجان تستقبل شاشاته الست (المسارح الكبير والصغير والمكشوف، مسرح وسينما الهناجر، مركز الإبداع) أفلام المهرجان، وتحتضن قاعاته المختلفة ندوات المهرجان وملتقاه وكافة أنشطته الثقافية، مع مراعاة أن تُعرض جميع الأفلام مرة داخل الأوبرا ومرة في وسط المدينة، بما يتيح لكل مشاهد إعداد جدوله بما يناسب ظروفه وتفضيله دون حاجة للتنقل بين المكانين، وهي خطوة أولى لطموح أكبر، هو إقامة عروض المهرجان في كل أحياء القاهرة الكبرى وقاعاتها.

اشتغل فريق المهرجان على ضمان أكبر مجموعة ممكنة من الأفلام المرتقبة التي تابع محبو السينما أخبارها ويترقبون مشاهدتها في بلدهم، ليضم برنامج المهرجان، خاصة أقسام القسم الرسمي خارج المسابقة (9 أفلام) ومهرجان المهرجانات (35 فيلم) والبانوراما العالمية (43 فيلم)، عددا ضخما من الأفلام التي عُرضت في أكبر مهرجانات العالم ونالت جوائز ونجاحا وشعبية، مثل فيلم «طوني إردمان» للمخرجة الألمانية مارين أدي الذي قوبل بحفاوة هائلة عند عرضه في مهرجان «كان» الأخير، لينال جائزة الاتحاد الدولي للنقاد «فيبريسى» فيها، قبل أن يختاره نقاد العالم ليتوج بالجائزة الكبرى السنوية لنقاد العالم.

إلى جانب أحدث أفلام المخرج الصربي الكبير إمير كوستوريتسا «في درب التبانة»، والذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي قبل أسابيع، وفيلم المخرج الكندي زافيه دولان «إنها فقط نهاية العالم» المتوج بجائزة «كان» الكبرى، وفيلم «التخرج» للروماني كريستيان مونجيو أحدث إنتاجات المدرسة الرومانية الحديثة والمتوّج بجائزة الإخراج في مهرجان «كان». 

بالإضافة إلى الإيطالي الكبير ماركو بيولوكيو الذي يعرض له المهرجان فيلم «أحلام سعيدة» الذي اختير ليكون فيلم افتتاح برنامج نصف شهر المخرجين، ويشارك المخرج الفلبيني الأكثر شهرة بريلانتي ميندوزا بفيلمه الأخير «الأم روزا» الذي فاجأت بطلته الجميع بانتزاعها جائزة أحسن ممثلة في مهرجان «كان»، ومن سلوفاكيا يأتي الفيلم المتوّج بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان كارلوفي فاري «المُدرسة» للمخرج يان هريبيك.

المهرجان يعرض أيضاً ثمانية أفلام اختارتها دولها كي تتنافس رسمياً على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي، منها ممثل المجر «قتلة على كراسي متحركة»، وسلوفاكيا «إيفا نوفا»، ومرشح دولة نبيال «الدجاجة السوداء» المتوّج بجائزة أحسن فيلم في أسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا السينمائي. كما يولي المهرجان اهتماماً خاصا بالسينما التسجيلية عبر عرض برامجه مجموعة من أحدث إنتاجاتها المصرية والعالمية، يتصدّرها الفيلم الأمريكي «جمهورية ناصر، بناء مصر الحديثة» للمخرجة ميشال جولدمان التي تعرض مشاهد ولقطات نادرة حول الزعيم جمال عبد الناصر، ويشارك مخرج الأفلام التسجيلية الأشهر الأمريكي مايكل مور بفيلمه الجديد «أين الغزوة المقبلة؟» الذي تم قبوله بحفاوة كبيرة عند عرضه في مهرجان برلين.

الاعتماد على التنظيم الذكي

لإكمال تجربة المشاهدة الممتعة للجمهور، فبعد سنوات من الاعتماد على نظام الدخول التقليدي، يدخل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للمرة الأولى عالم تكنولوجيا التنظيم الذكي، بعد إبرام تعاقد مع موقع «السينما.كوم» الرائد في مجال حجز تذاكر السينما إلكترونياً، ليتم استحداث نظام جديد لحجز تذاكر المهرجان إلكترونياً عبر الموقع الإلكتروني، وهاتفياً من خلال أرقام مختصرة، مع إتاحة الفرصة للمشاهد أن يحدد المقعد المناسب له داخل القاعة ليشاهد من خلاله الفيلم، ودفع قيمة التذكرة من خلال بطاقات الائتمان أو خدمة فوري. مع استمرار شكل الحجز التقليدي من شباك التذاكر بالطبع. 

سيدير عمليات حجز الدخول والخروج منها فريق متخصص مدرب لضمان وصول كل مشاهد إلى مقعده المحدّد بسهولة وسرعة، بالإضافة إلى إطلاق المهرجان لأول مرة تطبيقا ذكيا للهواتف المحمولة، يضم كافة المعلومات التي يحتاجها الجمهور لمتابعة المهرجان، سواء المعلومات الخاصة بجميع الأفلام أو مواعيد عرضها وكيفية الوصول إلى كل قاعة، مع معلومات أخرى عن لجان التحكيم وأنشطة المهرجان المختلفة ورصد تاريخ الدورات السابقة.

يقدّم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا العام خمسة أفلام مصرية تُعرض للمرة الأولى (عالمياً أو في الشرق الأوسط) خلال المهرجان، يتقدّمها بالطبع، الفيلمان المشاركان في المسابقة الرسمية ويتعلّق الأمر بفيلم الافتتاح «يوم للستات» للمخرجة كاملة أبو ذكرى وبطولة إلهام شاهين ومحمود حميدة ونيللي كريم وعدد كبير من النجوم، و«البر الثاني» للمخرج علي إدريس الذي يناقش بجدية قضية الساعة عالمياً وهي الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.

وفي قسم «آفاق السينما» يقدّم العرض العالمي الأوّل لفيلم «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار في أوّل أفلامها الروائية الطويلة، بينما يُقدّم قسم البانوراما، فيلمين تسجيليين يعرضان للمرة الأولى هما «إحنا مصريين أرمن» لوحيد صبحي حول تاريخ الطائفة الأرمنية في مصر، و«هامش في تاريخ البالي» لهشام عبد الخالق حول أوّل جيل من راقصات البالي المصريات.

ولأنّ دور المهرجان لا يقتصر على تقديم الأفلام الجديدة، وإنما يمتدّ لدعم التجارب المتميّزة في السينما المصرية المعاصرة، فقد تمّ استحداث قسم بانوراما للسينما المصرية الجديدة، يُعرض فيه ثمانية أفلام من أهم إنتاجات عامي 2015 و2016 التي لاقت نجاحا نقديا وتجاريا وشاركت في أكبر مهرجانات العالم.

السينما الصينية ضيف الشرف

تحلّ السينما الصينية ضيف شرف المهرجان في دورته الثامنة والثلاثين، ليخصّص برنامجا تمّ اختياره بعناية، يُعرض فيه 15 فيلماً تمثل السينما الصينية المعاصرة في مرحلة انفتاحها على العالم وسيطرتها على السوق الآسيوي (2001-2015)، بالإضافة إلى فيلمين كلاسيكيين مرممين يتم عرضهما بالتعاون مع أرشيف الفيلم الصيني، بالإضافة إلى مشاركة فيلم صيني حديث في المسابقة الرسمية وفيلمين آخرين في قسم مهرجان المهرجانات.

المهرجان يُصدر كذلك باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية كتاباً بعنوان «نظرة على السينما الصينية»، كتبه الناقد الفرنسي الكبير جان ميشيل فرودو رئيس التحرير السابق لمجلة «كراسات السينما» المجلة النقدية الأهم في التاريخ، وينظّم المهرجان ندوة موسّعة حول السينما الصينية، يشارك فيها فرودو ويديرها الناقد أمير العمري مؤلف كتاب «السينما الصينية الجديدة»، كما يحضر الفعاليات وفد صيني رفيع المستوى، يتقدّمه المخرج الكبير جيا زانكيه الذي يمنحه المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميّز، والمخرجة والمنتجة الشهيرة لي يو عضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية.

تكريم وعرفان لرواد السينما

محمد خان ليس هو المكرّم الوحيد بجائزة فاتن حمامة التقديرية عن مجمل الأعمال، وإنّما يمنح المهرجان ثلاث جوائز تقديرية أخرى، أوّلهما للمنتج الفلسطيني حسين القلا، واحد ممن أثروا السينما المصرية والعربية بعدد ضخم من الأفلام التي أنتجها لتدخل تاريخ الصناعة من ضمنها «الكيت كات» و«أرض الخوف» لداود عبد السيد، «يوم مر ويوم حلو» لخير بشارة، «زوجة رجل مهم» لمحمد خان، و«البداية» و«المواطن مصري» لصلاح أبو سيف. 

الجائزة الثانية يحصل عليها المخرج المالي المخضرم شيخ عمر سيسوكو، عن مسيرة ممتدة من بداية ثمانينيات القرن الماضي، كان خلالها واحداً من أنشط وأنجح صُناع السينما الأفارقة، مقدماً أحد عشر فيلماً نال بها جوائز من مهرجانات لوكارنو ونانت ونامور، بالإضافة إلى أربعة من جوائز فيسباكو، المهرجان الأهم في عالم السينما الأفريقية.

بينما تذهب الجائزة التقديرية الرابعة للنجم الكبير يحيى الفخراني، الممثل الذي قدم للسينما والمسرح والتلفزيون في مصر عشرات الأعمال التي يحفظ الجمهور تفاصيلها ويعيدون مشاهدتها في كل فرصة ممكنة، ويكفي أن نذكر أدواره في أعمال مثل «للحب قصة أخيرة» لرأفت الميهي و«عودة مواطن» و«خرج ولم يعد» لمحمد خان.

أما جائزة فاتن حمامة للتميز والتي تُمنح لمبدعين تمكنوا في سن مبكر نسبياً من تحقيق إنجاز سينمائي ملموس، فيتلقاها هذا العام ثلاثة فنانين، يتصدرهم المخرج الألماني كريستيان بيتزولد رئيس لجنة التحكيم الدولية، أحد أهم صناع الأفلام في السينما الألمانية والأوروبية المعاصرة، والفائز بـ29 جائزة دولية مختلفة على رأسها «الدب الفضي» لأحسن مخرج من مهرجان برلين عن فيلم «باربرا».

جائزة التميز الثانية تذهب للمخرج الصيني جيا زانكيه، الذي يعده البعض رمزاً للسينما الصينية المعاصرة، والذي كتب عنه جان ميشيل فرودو أنه بخلاف موهبته الكبيرة وأفلامه المُقدرة عالمياً فقد «قام بدور المعلم لمجموعة من المخرجين والفنيين والمنتجين الشبان».

وينال جائزة فاتن حمامة للتميز من مصر النجم أحمد حلمي، الممثل الشاب الذي طوّع نجوميته التي بدأت من عالم الكوميديا كي يقدّم عدداً من الأفلام المتميزة التي نالت إعجاب الجمهور والنقاد على حدّ سواء، ومن بينما «آسف على الإزعاج» و«عسل أسود» لخالد مرعي و«كده رضا» لأحمد نادر جلال، وعنه يصدر المهرجان كتاباً أعده الناقد طارق الشناوي.

لجنة تحكيم محترفة

استطاع مهرجان القاهرة هذا العام أن يقنع مجموعة من أهم الأسماء في عالم السينما بالانضمام إلى لجنة تحكيمه، يتقدمهم رئيس اللجنة المخرج الألماني كريستيان بيتزولد والمخرج المالي شيخ عمر سيسوكو، إلى جانب المونتيرة والمنتجة والمخرجة الأمريكية ماري سويني، التي تملك مسيرة مبهرة من التعاون مع المخرج دافيد لينش، قامت خلالها بمونتاج أفلامه في الفترة الممتدة بين سنتي (1986-2001)، وعلى رأسها «طريق مولهولاند». كما أنتجت لينش فيلم «الإمبراطورية الداخلية» قبل أن تتّجه للإخراج فتقدم «بارابو» عام 2009.

اللجنة تضم أيضا المخرجة وكاتبة السيناريو الصينية لي يو، التي اختير فيلمها «مفقود في بكين» لمهرجان برلين 2007، وتوّج فيلمها التالي «جبل بوذا» عام 2010 بجائزة أفضل مساهمة فنية في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان طوكيو السينمائي الدولي. وتشارك المنتجة الأسترالية روبين كرشو التي أنتجت مائة وخمسين ساعة من الدراما السينمائية والتلفزيونية، منها مسلسل «كاث وكيم» الحائز على جائزة «إيمي» المعادلة للأوسكار في عالم التلفزيون. وتمثل السينما العربية الممثلة والمنتجة الأردنية صبا مبارك، الفائزة بجائزة «إيمي» عن المسلسل القصير «الاجتياح»، والتي قدمت عددا من الأفلام السينمائية والمسلسلات الناجحة في الأردن وسوريا ومصر،  من بينها «سفر الأجنحة»، «خارج التغطية»، «مملكة النمل» و«بنتين من مصر».

من بولندا، يشارك المخرج فيليب باجون المستمر في صناعة الأفلام من عام 1972 إلى يومنا هذا، منها خمسة أفلام نالت جوائز من مهرجان الفيلم البولندي في فئات مختلفة، بينما يكتمل أعضاء اللجنة التسعة بعضوين مصريين، أولهما المخرج هاني خليفة الذي مثل فيلمه الأول «سهر الليالي» انقلاباً في مسيرة السينما المصرية في القرن الحادي والعشرين، والذي غاب لسنوات قبل أن يعود في العام الماضي بفيلمه «سكر مُر». أما العضو المصري الثاني فهي الممثلة الشابة أروى جودة، إحدى المواهب الواعدة في السينما المصرية، التي قدمت أدوارا شُهد لها بالنجاح في أفلام مثل «فيلا 69» و«الجزيرة 2» و«زي النهاردة» و«الوتر».