«مرايا أمازيغية» مجموعة قصصية أنثوية

«مرايا أمازيغية» مجموعة قصصية أنثوية
  • القراءات: 1397
 ق/ث ق/ث

 تدخل الروائية نجاة دحمون، في مجموعتها القصصية الأولى» مرايا أمازيغية «العالم المغلق» و«السري» للمرأة في مجتمع رجالي تحكمه عادات صارمة وضعت «خطوط حمراء» لمنع مخالفة المعمول به في المحيط الأسري والاجتماعي. 

توغلت الكاتبة باحتشام في السرداب العميق الذي يحتفظ بأسرار وحكايات غريبة عن حياوات نساء من كل الأعمار و المستويات الاجتماعية والثقافية. واختارت نجاة دحمون ابنة المنطقة في مؤلفها -الذي يضم مجموعة من 30 قصة- إيصال أوجاع ومآسي المرأة الامازيغية من خلال منظور واقعي للأمور بعيدا عن الذاتية فجاءت بحكايات مختلفة زمنيا ومشتركة في مكان منطقة القبائل الصغرى. 

 تنقل الكاتبة عبر نسائها «المناضلات» اللواتي قضين العمر كله في السعي لتحقيق غايات قد تبدو بسيطة في نظر البعض لكنها «مصيرية» بالنسبة لهن حتى وان تعلق الأمر بأبسط الأمور كلقمة العيش اليومي بأدق تفاصيل تركيبة المجتمع القبائلي في وصفها للطبيعة والعادات وكذا المحيط الذي يتواصل مع سكانه. 

 اشتغلت أيضا الكاتبة على اللغة وانتقاء الكلمات والمفردات المناسبة مع تسليط الضوء على أدق تفصيل ملامح بطلاتها وحركاتهن كما في «تمدريت» (اللاجة)، حيث تترصد حركة العجوز «نا يمينة» كأنها عين كاميرا مخرج مهووس بالدقة والتفاصيل. 

يبدو أن نجاة دحمون تعرف عن قرب هذا المجتمع وعاداته وسلوكياته الاجتماعية فهي تحرص على نقل هذه الجزئيات في مؤلفها لتجعل القارئ يعيش تلك الأجواء المشحونة بأحاسيس تجمع بين الجفاء والقسوة وفيض من المحبة والتآزر ونكران الذات وذلك كله تحت مظلة «الطابوهات والمحرمات» و«خطوط حمراء» لا يجوز تجاوزها. 

في مقدمة هذه «المحرمات «قضية الشرف وعزة النفس وهي قيم ساعدت رغم» التطرف» أحيانا أبناء المنطقة في الحفاظ عليها والصمود في وجه القهر والجوع وسط طبيعة قاسية أضفت بظلالها على قلوب القرويين.  

نقلت الكاتبة في هذا العمل القصصي الأول لها والصادر عن منشورات المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار «أقساطا» من مسارات  ومعاناة نساء مختلفة وذلك من خلال تناولها في عدة قصص لهموم الأميات ومخاوف من حالفهن الحظ في نيل قسط من التعليم لكن يبقى الانتماء لهذا المجتمع التقليدي المتجذر في عادات وتقاليد صلبة. 

تتشابه القصص التي تحتضنها الصفحات الـ461 من المؤلف باختيار الكاتبة في بنيتها السردية لنهايات «مفتوحة» ما عاد في بعض القصص التي جاءت نهايتها مأسوية سوداوية كما في «دقة واقلب»(الشرف في قرطاس) حيث تقوم العجوز «نا هبوبة» بإصدار وتنفيذ حكم الإعدام في حق ابنتها «عوبة» «المتهمة» بـ«جريمة» «العشق الممنوع» أو في حكاية «لمعنى ارثذماس»(جمال الوجه أهم) حيث تنتهي البطلة «حورية» بانتحار.  

كشفت الكاتبة في مقدمة المؤلف أن «مرايا امازيغية» تروي» قصص حقيقة عن نساء عاديات بطريقة اختلط فيها الواقع بالخيال والكذب بالصدق كما يمتزج فيها الحب بالكراهية والجمال بالقبح والفرح بالحزن».

ولنجاة دحمون روايتين الأولى بعنوان «زهرة زعتر» والثانية «سيرة امراة ووطن» وهي تنشط في الحقل الثقافي والإعلامي ولها العديد من الإصدارات الأدبية في دوريات وطنية وعربية.