لونيس بن علي عن «الجزائر تقرأ»
«عزلة الأشياء الضائعة» ... لوحة سريالية في عالم غرائبي

- 2197

«عزلة الأشياء الضائعة، القصة المريبة لمصرع موراكامي»، هي الرواية الجديدة للناقد والكاتب وأستاذ تعليم عالي، لونيس بن علي، صدرت حديثا عن دار «الجزائر تقرأ»، تقع في 91صفحة، من الحجم الصغير.
تشبه رواية «عزلة الأشياء»، القصة المريبة لمصرع موراكامي، للكاتب والناقد لونيس بن علي، لوحة سريالية تقحمك في عالم غرائبي، والبداية بزاهر، الكاتب، الذي فقد والده حينما كان يطالع رواية الكاتب الياباني الشهير، موراكامي بعنوان: «الغابة النرويجية» فهل لتلك الفعلة علاقة مع رحيل والده يا ترى؟
غرق زاهر في حزن شديد بعد وفاة والده المفاجئة اثر وعكة صحية، وذات يوم، وصلته رسالة لم يشأ أن يقرأها في حالته النفسية المتردية، إلا أن صاحب الرسالة أعاد إرسالها مرة ثانية، وأمام هذا الإصرار، قرأها وتعجب لفحواها، حيث اكتشف أن والدة المرسل، توفيت أيضا حينما كان، يطالع رواية «الغابة النرويجية»، هل حدث ذلك بمحض الصدفة؟ لا يعتقد زاهر ذلك..
وفي هذا السياق، كتب زاهر رسالة إلى صاحب رواية «الغابة النرويجية»، الياباني موراكامي، وطلب منه موعدا في الغابة وأخبره أنه يراه ساحرا لعينا، لأن روايته مثلت له أرخبيلا جديدا عذريا، لم يكتشف بعد، كما سأله عن علاقة وفاة والده بروايته، وأضاف: «صرت مثل شخصيات غابتك النرويجية، أتحرّك فوق حقل شاسع المساحة، وفي هذا الحقل المنطلق على امتداد قدرة العين والخيال على النظر والرؤية، ثمة آبار مخيفة مزروعة في مكان ما، تفتح أفواهها الشرسة، دون أن يدري أحد أي بئر ستبتلعه».
ولمحاولة معرفة المزيد عن عالم الغابات، التقى زاهر أدهم، بصديقه الافتراضي ميمون، وهو كاتب ومعارض سياسي، تحول إلى صديقه على أرض الواقع، ووعده بزيارة لغابة الجبل الأزرق، كما أخبره بحلمه الذي رأى فيه نفسه مع زاهر في هذه الغابة، وشاهدا بيتا مهجورا وفي داخله والد زاهر يقرأ رواية «الغابة النرويجية» ويلّوح لهما بيديه.
وأكد ميمون، لصديقه زاهر، قدرته على التنبؤ وقص له قصته مع هذه الموهبة التي كانت في أغلب الأحيان، لعنة، دفعت بوالده إلى سوء معاملة والدته، والى قتل هذه الأخيرة لزوجها وهروبها من البيت وربما انتحارها.
فجأة وجد زاهر نفسه وحيدا في الغابة وهناك التقى بطفلة ترتدي فستانا أزرق، اكتشف أنها الموت، كما التقى أيضا بموراكامي الذي لم يتخيل انه عجوز مقوس الظهر، وسأله عن رأيه بروايته «الغابة النرويجية» لقيت ، وقال إنها لقت نجاحا كبيرا رغم سوداويتها، كما تساءل عن سبب نجاح الروايات التي يدور موضوعها حول الموت والانتحار، ليطالبه بالمسير معا لانجاز المهمة التي أتى زاهر لأجلها.
وفي طريقهما لإنجاز زاهر مهمته، فكرّ هذا الأخير في طريقة لقتل موكارامي، الذي قتل ولو بطريقة غير مباشرة، والده، فقد كتب الأديب الياباني، رواية أطلقت لعنة خطيرة أودت بحياة والد الشاب، هذا الأخير أكد لطبيب الأمراض العصبية الذي عيّن من طرف الشرطة لفهم حيثيات جريمة سيفصح عنها لاحقا، بأن كل رواية خطيرة لا يمكن أن تترك دون معاقبة كتّابها.
وأكد زاهر للطبيب الذي دوّن الكثير من الملاحظات، أن العالم الحقيقي ليس إلا محاكاة لعالم خفي وغريب يتجاوز قدرة العقل على إدراكه، مشيرا إلى أنه تحول إلى دانتي أليجري آخر، الذي حاول انقاذ ابنته من الجحيم بعد أن انتحرت، في حين يحاول وزاهر الانتقام لوالده من قاتله، فكان ذلك ورمى زاهر بمواركامي في حفرة سحيقة وقال كلاما موجها للطبيب: «سيدي، لا تسألني أين توجد الحفرة، إنها في مكان ما داخلي، في داخل كل واحد منا يخفي مقبرة مليئة بجثث قتلاه».
وعاد زاهر أدراجه فالتقى بامرأة عجوز، شبهها بأنها والدة ميمون، وبكت وعاتبت زاهر تركه لميمون أمام غربان الموت، وطلبت منه أن لا يصدق الطفلة صاحبة الفستان الأزرق لأنها الموت، إلا أن زاهر لم يستجب لرغبتها، وتحدث مع الطفلة بعد أن شاهد والده يداعبها، لكنه لم يستطع أن يصل إليه، وطلبت منه الفتاة، أن يقدم قربانا ليتمكن من الاقتراب من والده، والمتمثل في قطع عروقه بخنجر، ففعل وأغمي عليه، بعد أن شاهد والده يضمد له جراحة ويطلب منه مغادرة الغابة.
ووجد زاهر نفسه في مشفى ولم يصدق أحد حكايته، لا الطبيب ولا الرجل، أسوء من ذلك، فقد وجد نفسه، متهما بقتل ميمون، وألصقت به أيضا تهمة معارضة النظام السياسي، لتكون خاتمته الزج في مصحة للأمراض العقلية.
ووارد زاهر أدهم حلما يتمثل في تقديم الطبيب له لكأس الماء، فهل كانت قصته أو جزءا منها، مجرد هذيان، ليتساءل: «ماذا سيكون موقفك وأنت تقرأ كل هذا الهراء. كم هو فظيع هذا العالم، إنهم مستعدون لأن يبيدوا نصف سكان المعمورة لأجل الدفاع عن حقيقتهم؟».