الكاتبة الصحفية زهية منصر لـ «المساء»:

«رائحة الفضة» أجبرتني على تقديم الأفضل

«رائحة الفضة» أجبرتني على تقديم الأفضل
زهية منصر... مجموعة قصصية بعنوان «رائحة الفضة
  • القراءات: 1386

بعد أن اهتمت بتوثيق الأحداث المتعلقة بالصحافة في كتابين، صدر للصحفية زهية منصر مجموعة قصصية بعنوان «رائحة الفضة» عن دار «الجزائر تقرأ». وبهذه المناسبة اتصلت «المساء» بها، وطرحت عليها أسئلة عن مولودها الجديد، وعن تعلقها بالقراءة والكتابة وغير ذلك، فكان هذا الحوار. كيف نما حب الكتابة في داخلك؟   

منذ السنوات الأولى لدخولي المدرسة كان الكتاب والمطالعة وسيلتيَّ لصناعة عالمي أو بالأحرى إعادة تشكيله. نشأت في أسرة أمازيغية، كانت فيها القبائلية لغة أمي وطفولتي وأحلامي. اكتشفت عندما دخلت المدرسة أنني عاجزة عن التواصل مع غيري من الأطفال. أبي، رحمه الله، عهد بي إلى مدرسة المسجد، هناك نجحت في تجاوز إعاقتي اللغوية. وأكثر من ذلك اكتشفت أن العربية لغة تنطوي على موسيقى خاصة، فكنت ألتهم كلّ ما أجده أمامي من جرائد ومطبوعات وكتب، أستعيرها من أقاربي أو من مكتبة المدرسة، وكنت في تلك السن المبكرة أحاول أن أثبت لمحيطي المدرسي أن بإمكاني أن أتفوّق على الأطفال «العرب»، فاشتركت في المجلات الحائطية للمدرسة، وبدأت في تدوين خربشاتي وعرضها على أساتذتي، الذين أخذوا بيدي في الاتجاه الصحيح. 

تحبين المطالعة كثيرا، هل كان ذلك حافزاً كي تقتحمي عالم الكتابة، أم حاجزا قد يدفعك إلى المقارنة مع ما يكتبه الآخرون؟

المطالعة ضرورة مثلها مثل أيّ عادة يومية. في البداية كانت وسيلتي لصناعة جسر مع محيطي، كنت أقرأ في المراحل الابتدائية بالعربية، ثم في مرحلة المتوسط بدأت أقرأ بالفرنسية، ومؤخرا أيضا بدأت أتصالح مع لغتي الأم وأقرأ بالأمازيغية وإن كان بصعوبة. وفي اعتقادي، فأيّ محترف قلم سواء كان صحفيا أو كاتبا، تصبح القراءة بالنسبة له في حكم الواجب أو الفرض، وإلا صار متصحرا.. أكيد أن الكاتب في البدء هو قارئ جيد حتما.

بالنسبة للمقارنة فلم يسبق لي أن طرحت هذا السؤال على نفسي، لأني أكتب عندما أشعر أنني بحاجة لفعل ذلك، لكن لا أنكر أن ما خُزّن في لا وعي الإنسان سواء كان تجارب حياتية أو قراءات، هو الذي يشكّل حتما الخلفية التي ينطلق منها الإنسان.

هل استلهمت مما عشته من تجارب لكتابة قصصك، أم أنها من محض الخيال؟

هي مزيج بين الاثنين، أكيد أن لما عشته دورا في الشكل الذي جاءت به نصوصي الأولى، لكن للخيال مساحة واسعة، لأنّ الأدب ليس صورة سالبة «نيقاتيف» للواقع، لكنه صورة قابلة للحدوث. وفي مجموعتي الأولى الكثير من النصوص التي كتبتها في المستشفى أثناء تجربة المرض، وكانت انطلاقتها من حالات أو مشاعر عشتها هناك، لكن الكثير من تلك القصص كان للخيال النصيب الكبير فيها.

هل كان مخاض ولادة عملك الأول عسيرا؟ وهل تشعرين ببعض الارتياح بعدها؟

عادة تعيش الفكرة في ذهني أشهرا أو أسابيع، وعندما أشعر أنها اكتملت أكتبها. ليس لي طقوس معيّنة في الكتابة، أكتب في قاعات التحرير، في وسيلة النقل، في البيت، في المطبخ، وقد أستلهم الفكرة من لقطة فيلم، من مقطع أغنية، من حديث عابر أو حتى من رصيف طريق. وبالنسبة للارتياح أعتقد أن الكتابة قلق دائم.

هل تشعرين أنك مختلفة بعد صدور مجموعتك القصصية؟

ليس كثيرا ما عدا أنني تورطت في العلن، فمن قبل كنت أخربش في السر بدون التزام معيّن، أما بعد الآن فعليّ أن أواجه رهان الاستمرار وتطوير الأدوات وتقديم الأفضل.

كيف كان التواصل مع دار «الجزائر تقرأ»؟ وماذا عن مشاركتك في الصالون الدولي للكتاب ككاتبة وليس كصحفية؟

مدير نشر الدار عبد الرزاق بوكبة كان همزة وصل بيني وبين الدار، هو صديق أيضا، كما كان قارئا في السر.  عرضت عليه النصوص، وعرضها بدوره على الدار، وأنا مدينة له بالجهد الذي بذله في ترقيع وتصحيح نصوص المجموعة، وحرصه على أن تخرج في تلك الحلّة الجميلة.

وبالنسبة لحضوري أعتقد أنّ حمل قبعتين في نفس الوقت أمر متعب، لكنني طالما انتصرت للصحفية بداخلي، وأعتقد أنني سأبقي دائما أنحاز للصحافة.

هل تؤمنين بوجود أدب نسوي أم أن الأدب لا جنس له؟

الأدب لا جنس له، والرهان في الأدب على الجودة فقط؛ أي اختلاف بين نصوص النساء والرجال هو اختلاف إبداعي لا جنسي، لأن حتى نصوص الرجال لا يمكن تصنيفها وفق معايير ثابتة.

صدرت لك مؤلفات أخرى قبل المجموعة القصصية، هل يمكن الحديث عنها؟ وكيف كان الانتقال من كتابات يمكن أن نقول عنها واقعية إلى عالم آخر؛ عالم القصة؟

صدر لي كتابان من قبل؛ «صلاة قبر نجمة» و»على خط النار»، وهما كتابان يتعلقان بشهادات عن عالم الصحافة في فترة زمنية حرجة يمكن إدراجها في سياق التوثيق، لأنني أعتقد أننا نفتقر إلى هكذا تجارب يمكن الاستعانة بها لتثمين تضحيات رجال ونساء الإعلام. بعض نصوص المجموعة القصصية كتبتها قبل كتاب الشهادات، أنتقل بين «الكتابة الواقعية» كما أسميتها وبين كتابة القصة بدون أي إشكال؛ لأنني أعتقد أن بين هذا وذاك رابطا وقرابة، هي الإخلاص للروح التي تخرج منها النصوص، ولا يهم الشكل الذي تأتي فيه.