في الذكرى المئوية لميلاد الرئيس الراحل

«أبو بكر بلقايد» تستحضر «ابن بلة في بعديه الوطني والدولي»

«أبو بكر بلقايد» تستحضر «ابن بلة في بعديه الوطني والدولي»
  • القراءات: 1077
ل.عبد الحليم ل.عبد الحليم

تستعد ولاية تلمسان لتنظيم الذكرى المئوية للزعيم الراحل والرئيس الأسبق أحمد بن بلة، المصادفة لتاريخ ميلاده، حيث يعكف قسم التاريخ بجامعة تلمسان بالتعاون مع المجلس الشعبي الولائي، على تنظيم ملتقى وطني بعنوان «أحمد بن بلة في بعديه الوطني والدولي» يومي 4 و5 من شهر ديسمبر المقبل بقاعة المحاضرات الكبرى، قطب وسط المدينة.

تتطلّع الجزائر من خلال هذا الملتقى ـ حسب منظميه- إلى تمجيد هذه الشخصية القوية، المتواضعة، التحرّرية التقدميّة، الحكيمة، الكاريزمية والإنسانية التي طبعت التاريخ السياسي للحركة الوطنية وجزائر الاستقلال، إلى جانب ارتباطها بتاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية الجزائرية كغيرها من ألمع القادة الذين عرفوا بشجاعتهم النادرة المشيّدة بما يتحلّون به من سامي الأخلاق ورفيع السجايا، وظهرت عبقريتهم السياسية والعسكرية متحدية كل المشاريع والمخططات التي وضعها الاستعمار للقضاء على الثورة.

أضافت ورقة تقدّم هذا الموعد الأكاديمي، أنّ الرجل المتميّز أحمد بن بلة الذي رحل ولم ترحل معه الذاكرة التي تحكي مسيرة نضاله الطويل، من بين هؤلاء القادة الروّاد الوطنيين النشطاء الذين آمنوا بالنضال السياسي والعمل المسلّح، ومن أبرز رموز ثورة التحرير الجزائرية الذين يذكرهم ويمجّدهم التاريخ في مسيرة الكفاح، وهب حياته من أجل أن تحيا الجزائر حرّة مستقلّة.

وبغية البحث وتقصّي الجوانب المختلفة لشخصية ابن بلة ومساره النضالي وتأثيراته في البناء الوطني وفي الفكر السياسي الجزائري والعالمي، سيتطرّق هذا الملتقى من خلال أهدافه إلى التاريخ النضالي والبطولي للراحل أحمد بن بلة وإسهاماته في الحركة الوطنية وثورة التحريرية وإبراز منزلة الرجل ومكانته العالمية، وكذا التعريف بكلّ جهوده ومناقبه وكل عبقريته السياسية والعسكرية والفكرية والإنسانية على مستوى مختلف الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.

في هذا السياق، اعتبر الدكتور أحمد بن داود الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة «أبي بكر بلقايد» وعضو لجنة الإشراف على تنظيم هذا الملتقى، أنّ هذا الموعد الذي ستنظمه الجامعة يعدّ حدثا ثقافيا علميا هاما، ذلك أنه سينكب على دراسة تاريخ أوّل رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة بطريقة علمية أكاديمية من مختلف الجوانب، حيث كان أوّل رئيس للجزائر المستقلّة وعاش مرتبطا بقضايا الأمّة الجزائرية وداعما للقضايا المغاربية والعربية والإفريقية، ودافع عن الحرية والكرامة الإنسانية، ولأجل ذلك حظي بتقدير الأوساط الرسمية وغير الرسمية الإقليمية والعالمية. فحسبه، ابن بلة ليس رئيسا أو مجاهدا فقط، لكن هو رئيس ومجاهد وسياسي ومفكّر وله آراء صائبة في كثير من القطاعات، علاوة على كونه حكيما لأنه بفعل ممارسته السياسية والعسكرية اكتسب خبرة جعلته يضعها في خدمة قضايا السلم والأمن في العالم، لهذا الرجل لم يفتر نشاطه سواء في السجن أو حتى بعد أن أطلق سراحه.

مضيفا في سياق حديثه، أن الجامعة تحاول جمع تراث الرجل السياسي العسكري الفكري، ثمّ تقديمه في قالب علمي أكاديمي يفهمه العلماء والعالم من حولنا بعيدا عن كل استرجاع سياسي شعبوي، وعلى حد قوله، في هذا الشأن فإن الجامعة قامت بالإعلان عن الملتقى وبعث أكثر من 50 متدخلا من مختلف ولايات الوطن بملخصاتهم للمشاركة.

وأضاف المتحدّث أنّ لجنة التقييم ستجتمع وتدرس كلّ الاقتراحات وسيتم ترتيبها حسب محاور الملتقى الكبرى واختيار التي تتماشى، وما هي  أهداف والسير السليم لهذا الملتقى من خلال أربعة محاور، المحور الأول سيتطرّق من خلاله المتدخلون إلى مولده والأوضاع الأسرية لأحمد بن بلة وكذا نشأته وتربيته وتنشئته الاجتماعية والثقافية. أما المحور الثاني فسيركز المتدخلون فيه على نضاله في الحركة الوطنية ودوره في التحضير للثورة، إلى جانب أحمد بن بلة قائدا في الثورة (قيادة الثورة في الخارج وتأثيرها على الثورة داخليا)، وأحمد بن بلة ودوره في الإمداد بالسلاح وعملية الاختطاف.

أما المحور الثالث فتدور أشغاله حول أحمد بن بلة الرئيس في ظل الجزائر المستقلة وبنائه الدولة الوطنية وميثاق الجزائر، وكذا صياغة أوّل دستور جزائري وتأكيد مبدأ السيادة الوطنية وأحمد بن بلة والخيارات الكبرى للأمة، في حين المحور الرابع والأخير سيتطرق فيه الدكاترة والأساتذة المتدخلون إلى البعد العالمي للزعيم أحمد بن بلة وإسهامات الرجل في العالم من أجل القيم الإنسانية ونضالاته على الصعيد الدولي وأحمد بن بلة بعيون الآخر (قراءة في النصوص العربية والأجنبية).

للإشارة، ولد الرئيس أحمد بن بلة يوم 25 ديسمبر 1916 بمدينة مغنية، واصل تعليمه الثانوي بمدينة تلمسان وقد أدى الخدمة العسكرية سنة 1937، حيث تأثر بعمق بأحداث 8 ماي 1945، فانضم إلى الحركة الوطنية باشتراكه في حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية، حيث انتخب سنة 1947 مستشارا لبلدية مغنية ليصبح بعدها مسؤولا عن المنظمة الخاصة، حيث شارك في عملية الهجوم على مكتب بريد وهران عام 1949 بمعية السيدين حسين آيت أحمد ورابح بطاط، ليتم إلقاء القبض عليه سنة 1950 بالعاصمة، وقد حكم عليه بعد سنتين بسبع سنوات سجنا، وفي سنة 1952 هرب من السجن ليلتحق في القاهرة بآيت أحمد ومحمد خيضر، حيث كوّن فيما بعد الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني، قبض عليه مرة أخرى سنة 1956 خلال عملية القرصنة الجوية التي نفذها الطيران العسكري الفرنسي ضد الطائرة التي كانت تنقله من المغرب نحو تونس رفقة أربعة قادة آخرين لجبهة التحرير الوطني (بوضياف، بطاط، آيت أحمد، لشرف)، ليطلق سراحه سنة 1962، حيث شارك في مؤتمر طرابلس الذي تمخض عنه خلاف بينه وبين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وفي 15 سبتمبر 1963 انتخب أول رئيس للجمهورية الجزائرية، إلى غاية 19 جوان 1965 عزل من طرف مجلس الثورة وظل معتقلا إلى غاية 1980، وبعد إطلاق سراحه أنشأ بفرنسا الحركة الديمقراطية في الجزائر، ليلتحق نهائيا بالجزائر في تاريخ 29 سبتمبر 1990، وبقي فيها إلى أن توفي في الجزائر يوم 11 أفريل 2012.