ديوان حماية وترقية سهل ميزاب بغرداية

50 سنة في خدمة حماية تراث ميزاب

50 سنة في خدمة حماية تراث ميزاب
  • القراءات: 675
ق. ث ق. ث

احتفل ديوان حماية وترقية سهل ميزاب (غرداية) بالذكرى الخمسين لإنشائه، والذي يصادف تاريخ 27 يناير 2020، ويعتبر الديوان مؤسسة مكلفة بحماية واستعادة بريق الماضي المعماري الرائع، وأصالة مهارات معمارية لا مثيل لها في المجالات الثقافية والعمرانية والاجتماعية للمنطقة. تتطلب الخصوصية الحضرية لمنطقة ميزاب، التي تتميز بنسيج حضري عريق وموروث معماري ثمين، من خلال القصور المشيدة وفق هندسة معمارية فريدة من نوعها، وضع أداة للمحافظة وترميم وتثمين هذا التراث الثقافي المادي وغير المادي.

لمواجهة التدهور الذي يثقل كاهل هذا التراث الثمين الذي لا نظير له، قررت السلطات العمومية استحداث في 27 يناير 1970 هذه الهيئة، التي كانت تدعى ”ورشة ترميم سهل ميزاب”، قبل أن تتحول إلى التسمية الحالية ديوان حماية وترقية سهل ميزاب. حددت هذه الهيئة التابعة لوصاية وزارة الثقافة، هدف حماية وترقية التراث الثقافي المادي وغير المادي، واستحداث آليات بما يسمح بالمحافظة عليه وتطويره، باعتماد دراسات وخبرات ناجحة في مجال الترميم والتجديد، مثلما أوضح لـ«وأج”، مدير الديوان. 

نجح ديوان حماية وترقية سهل ميزاب طيلة الخمسين سنة، في إعادة تأهيل أكثر من ستين معلما تاريخيا بسهل وادي ميزاب، ومناطق متليلي وبريان والقرارة والضاية بن ضحوة والمنيعة، حيث ساهم في تصنيف ضمن التراث الوطني، سهل ميزاب في 1971، قصر متليلي (1982)، قصر المنيعة (1985) وقصري بريان والقرارة في 1998، مثلما شرح السيد كمال رمضان. كما ساهمت نفس المؤسسة في تصنيف سهل ميزاب تراثا عالميا، من قبل المنظمة الأممية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في 1982.

هذا المجمع الحضري الغني بالآثار التاريخية وروعة مبانيه العريقة، يعد اليوم تراثا ودعامة حضارية يتعين المحافظة عليه، وإعادة تأهيله بغرض تثمينه، ويعد تصنيف هذا الفضاء المعماري من قبل ”اليونسكو”، ثمرة مسار طويل لتراكم تاريخي وللعمليات المنتظمة وإعادة التأهيل التي قامت بها السلطات العمومية من جهة، وارتباط سكان سهل ميزاب وغيرهم من الفاعلين المحليين بتراثهم المادي من جهة أخرى، حسبما شرح السيد رمضان.

المحافظة على البنية المعمارية العريقة 

تمكنت منطقة غرداية مع مجموع قصورها التي صممها الأجداد ببراعة، على شكل معماري ”مدرج” فوق موقع صخري، مع مراعاة الخصوصية المناخية والمقتضيات الدينية، من المحافظة على بنيتها المعمارية طيلة أكثر من 10 قرون، قبل أن تتحول إلى محل اهتمام المنظمة الأممية، حسبما أضاف نفس المسؤول.

تستقطب الهندسة المعمارية المميزة لسهل ميزاب ملهمة المهندس المعماري الشهير لوكوربوزيي، وكذا النظام التقليدي لتقسيم المياه سنويا، العديد من الباحثين والمختصين في هذا المجال، كما ذكر مدير الديوان. لا يعد هذا التراث تاريخي ومعماري فحسب، بل أيضا تراثا ثقافيا وتقليديا غير مادي، حيث يشكل تصنيفه ضمن قائمة التراث العالمي، معطى إضافي للتنمية الاقتصادية للمنطقة التي تعتمد على السياحة، مثلما جرى توضيحه. تطلبت حماية هذا التراث وتثمينه، إنجاز ما يزيد عن 200 مخطط عمراني و539 من أعمال المسح الطبوغرافي، ونحو ثلاثين دراسة تقنية، بالإضافة إلى عمليات ترميم.

تم في نفس الشأن، ترميم زهاء 2000 سكن قديم عبر مختلف قصور سهل ميزاب، والتي تم تدعيمها أيضا بواجهات جديدة وأكثر من عشرين عملية إعادة تأهيل لأبراج حراسة، ونحو عشرين عملية تجديد لأبواب مداخل القصور العريقة، فضلا عن عمليات إعادة الاعتبار للمعالم الجنائزية وفضاءات الصلوات والمساجد والحصون والنظام التقليدي، لتقسيم مياه الأمطار وساحات الأسواق، كما أطلق أيضا مخطط لحماية والمحافظة على تراث المواقع الأثرية الصخرية بالمنطقة، واعتماد تطبيق ”بلاي سطور” بالهواتف الذكية، بهدف ترقية المواقع والمعالم التاريخية بسهل ميزاب.

من جهة أخرى، شرع ديوان حماية وترقية سهل ميزاب كذلك في تنفيذ منظومة المعلومات الجغرافية للقطاع المحفوظ بسهل ميزاب، وتسمح هذه المنظومة بجمع معطيات موضوعاتية حول سهل ميزاب، بهدف تحكم أفضل في تطوره المكاني والحضري، وحصر أيضا مختلف مشاكل القطاع المحفوظ.

يركز الديوان اهتمامه على حماية والمحافظة على هذا الرصيد الطبيعي والمعماري، وتراث سهل ميزاب المصنف تراثا ماديا وغير مادي إنساني، كما ذكر المسؤول عينه. يبرز هذا الاهتمام من خلال العمليات الموجهة لحماية الطابع العمراني لقصور المنطقة، التي تعد ”متحفا مفتوحا على الطبيعة” بامتياز، وإطلاق مخطط المحافظة على سهل ميزاب المصنف ”قطاعا محفوظا” في 2005، بمرسوم تنفيذي رقم 05/209، ويوجد مخطط المحافظة المنسجم مع قانون التراث 04/98 لـ 15/7/1998 قيد الإعداد، مثلما ذكر مدير ديوان حماية وترقية سهل ميزاب.