انتقلت إلى جوار ربها، أول أمس، رشيدة زرقي التي تعد أقدم مريضة في الجزائر بعد أن قضت 27 سنة كاملة من عمرها، طريحة مصلحة الإنعاش والعناية المركزة بمستشفى الدكتور بن عودة بن زرجب بولاية وهران. وتحوّلت الفقيدة التي فارقت الحياة عن عمر قارب 37 عاما، إلى أشهر مريضة في المستشفى المذكور وفي مدينة وهران كلها، أولاها الأطباء الذين تداولوا على مصلحة الإنعاش والممرضين عناية خاصة رأفة بوضعها الصحي وحالتها الاجتماعية إلى حد أنها تحوّلت إلى عنصر حيوي في المصلحة الطبية التي كانت ترقد بها طيلة هذه السنوات.

وتعود قصة الفقيدة رشيدة زرقي إلى سنة 1993 عندما أدخلت مستشفى بن زرجب وهي في سن التاسعة من عمرها بعد أن استحال التكفل بها بمستشفى ولاية البيض التي تنحدر منها بسبب وضعها المعقد الذي تسبب فيه إصابتها بتشوّهات على مستوى قلبها في حالة نادرة استعصى حتى على الأطقم الطبية في مستشفى وهران إيجاد علاج شاف لها. وهو ما استدعى نقلها إلى أحد المستشفيات الفرنسية المختصة في أمراض القلب والذي استحال على أطبائه هم كذلك حل لغز مرض تلك الطفلة الصغيرة المفعمة بالحياة بعد أن خلصت التحاليل الطبية التي أجريت لها أن مرضها حالة نادرة وميؤوس منها ضمن قرار وقع كالصاعقة على طفلة في عمر الزهور لتفقد الأمل في الشفاء. ووجدت نفسها مرغمة على البقاء متنقلة من مستشفى إلى آخر لينتهي بها المطاف في مستشفى الشهيد بن زرجب طيلة كل هذه المدة ويشاء القدر أن تنهي مسيرة حياتها فيه ومنه إلى مثواها الأخير بمسقط رأسها في بلدية بوعلام.

وعندما أيقن أطباؤها أن شفاءها ميؤوس منه تحوّلت إلى عضو من التركيبة البشرية لمصالح الإنعاش تم على إثرها تخصيص سيارة إسعاف تحت تصرفها تكفل خلالها الأطباء والممرضون بعلاجها والسهر على خدمتها وتوفير كل ما يخدم راحتها حتى في المناسبات الدينية والأعياد. ولأن عائلتها تعيش فقرا مدقعا فقد تكفل أطباؤها والممرضون الذين سهروا على خدمتها ومحسنون ومواطنون خيرون وحتى إدارة المستشفى على إتمام كل إجراء التكفل بمراسم دفنها. ولأن شعبيتها تعدت جدران مستشفى بن زرجب فقد أصبحت تحظى بمحبة واهتمام وجوه بارزة في عاصمة الغرب الجزائري من بينهم مطرب الأغنية الشبابية الراحل الشاب حسني واللاعب الدولي لخضر بلومي وعدة شخصيات معروفة.