رسائل الستينية

  • القراءات: 8360
بقلم :  سميرة بلعمري  بقلم : سميرة بلعمري

مرة أخرى ولن تكون الأخيرة، يخرج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الاحتفالات بذكرى الاستقلال عن المألوف، ويجعلها استثنائية بامتياز، بعد أن وشحها مجددا برمزية خاصة، مؤكدا أن المشروع الإصلاحي المتكامل الذي جاء به، والمتمثل في تأسيس جزائر جديدة، تستمد قوتها من علاقة الثقة الموجودة بين الحاكم والمحكوم، أصبح واقعا يترجمه التفاعل الحاصل بين الرئيس وشعبه، والتناغم والتكامل الموجود بين مؤسسات الدولة، يتقدمها التناغم الاستثنائي الموجود بين الرئيس وجيشه.     

الاحتفالات بالذكرى المزدوجة للاستقلال وعيد الشباب هذه السنة، وفي ستينية الاستقلال حملت رسائل ومغزى وأبعادا ورمزية، وإن كانت هذه الرمزية التي غابت عن هذه الاحتفالات لعقود من الزمن قد عادت مع أول احتفالات بالذكرى أشرف عليها الرئيس تبون، عندما حرص على استرجاع جماجم أبطال المقاومة الشعبية وخص استلامها بمراسم استقبال استثنائية موجها رسالة واضحة لفرنسا مفادها أن الجزائري أكبر من أن يعرض بمتحف الإنسان بباريس. 

احتفالات ذكرى الاستقلال التي وشحها الرئيس برمزية خاصة، جعلها في الستينية أكثر استثنائية وإبهارا، فاحتفالات وزارة الدفاع بالترقيات التي تسديها سنويا لإطاراتها السامية، أشرف عليها الرئيس تبون مجددا بصفته رئيسا للجمهورية ووزيرا للدفاع وقائدا للقوات المسلحة، وقلد الرتب وأسدى الأوسمة لإطارات الجيش بقصر الشعب، وإصرار منه على أن يكون قصر الشعب مكانا لاحتضان الاحتفالية التي خرجت من مبنى وزارة الدفاع منذ تولي الرئيس تبون تسيير شؤون البلاد وحطت بين ”أحضان” قصر الشعب هي رمزية تؤكد الحرص على إبراز التلاحم الحاصل بين الشعب وجيشه، هذه اللحمة التي تجعل من الجزائر عصية على كل من يترصد أمنها واستقرارها. 

ثاني رمزية طبعت الاحتفال بذكرى الاستقلال هذه السنة، هو ذلك الاستعراض العسكري الضخم الذي نظمته مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، وأشرف عليه رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني وقائد الأركان الفريق أول السعيد شنقريحة، استعراضا خطف إعجاب الجزائريين، الذين تفاعلوا واطمأنوا وافتخروا بجزائريتهم، في الوقت ذاته حقق رسائله المتمثلة في أن الجيش الوطني الشعبي جاهز جوا وبرا وبحرا كضامن للسيادة الوطنية، مقدما دليلا على قدرة واستطاعة الجزائر على لعب أدوارها المحورية كقوة إقليمية في المنطقة. 

ثالث رمزية تشكل مبعث فخر واعتزاز لكل جزائري، هي مشاركة قادة دول أجنبية الجزائر أفراحها، ولم يكتف الرئيس بهذا فقط، بل جعل الجزائر حاضنة لمصالحة تاريخية بين الفرقاء في فلسطين، في لقاء جمع اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رسالة أن بلد المليون ونصف مليون شهيد قادر على توحيد الصف العربي في قمة الجامعة العربية المرتقبة بالجزائر. 

رابع رمزية، وهو ما تعلق بالبروتوكول الذي اعتمد في الاحتفالات والحرص على حضور مجاهدين وآخر قادة الثورة التحريرية الاحتفال، في خطوة تؤكد انفتاح مؤسسات الدولة، وتكاملها خاصة أن الرؤية الجديدة، والمشروع الأساس وأولوية الأولويات بالنسبة للرئيس تبون هو تجسيد لم الشمل وتحقيق وحدة الصف، لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية باستماتة عبر الدفاع عن تاريخ الجزائر وتحقيق أهدافها في مستقبل زاهر وآمن.