عارض الحرب التي شنّتها بلاده على الشعب الجزائري
الرئيس بوتفليقة يعزّي نظيره الفرنسي في وفاة ميشال روكار

- 577

بعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ببرقية تعزية إلى نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند على إثر وفاة الوزير الأول الأسبق ميشال روكار، أشاد من خلالها بمواقف الراحل ومساهمته في بناء علاقات يطبعها الاحترام المتبادل بين الجزائر وفرنسا.
وقال الرئيس بوتفليقة في برقيته:«تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة الوزير الأول الأسبق ورجل الدولة الفرنسي ميشال روكار، الذي كانت لقناعته وسيرته بصمة عميقة في عصرنا".
وأضاف رئيس الجمهورية قائلا: "لقد سبق ميشال روكار، صاحب النفس الطيبة والروح العالمية، زمانه في العديد من المواقف وتبوأ مكانة مرموقة في تاريخ فرنسا وتاريخ أمم أخرى منها بلادي التي شعر مبكرا بتطلعها للحرية".
واستطرد قائلا أنه "بنفاذ بصيرته وشجاعته والتزامه، كان الفقيد من الذين أدركوا أن عظمة فرنسا ستقاس على قدر تمكن قادتها من مساوقة مواقفهم مع منطق التاريخ بتقبل استقلال الجزائر الذي انتزعته غلابا، قبل أن يساهم في بناء علاقات ثنائية يطبعها الاحترام المتبادل".
وقد كان ميشال روكار أيضا -يضيف الرئيس بوتفليقة- "رجلا عمليا دأب بإبداع وإصرار على فتح سبل جديدة للديناميات الاجتماعية والتفاعلات الإنسانية، وكان ذلكم الذي سار على خط رائع ومثالي تمثل في التفكير في الأوضاع على المدى البعيد وتقبل الحلول المعقدة إن كانت المشاكل معقدة".
وأكد رئيس الدولة أن ميشال روكار "الذي تعاطى بذكاء مع الإيديولوجية والسياسة اللتين ساهم في إثرائهما وتكييفهما مع متطلبات التطور البشري، قدم مؤخرا قبل رحيله ببضعة أيام نصيحة أخيرة لمعاصريه قائلا: "إن الاشتراكية الحقة هي إتاحة نشاطات العقل للجميع".
وتابع الرئيس بوتفليقة قائلا بأن فرنسا "لتفتقد في ميشال روكار قلبا طيبا وعقلا نيرا وتفقد فيه الجزائر صديقا مخلصا والبشرية رجلا استثنائيا".
وأضاف قائلا: "دعوني، في هذا الظرف الأليم، أتقدم إليكم ومن خلالكم إلى أسرة الفقيد وذويه، باسم الجزائر شعبا وحكومة وأصالة عن نفسي، بأخلص تعازينا وأصدق مشاعر تعاطفنا".
وخلص رئيس الجمهورية إلى القول: "هذا، وإذ أجدد لكم تضامني في هذا المصاب، أرجو أن تتفضلوا، فخامة الرئيس وصديقي العزيز، بقبول أسمى عبارات مودتي وتقديري واعتباري".
وقد توفي الوزير الأول في عهد فرانسوا متيران ميشال روكار الذي كان قد عارض الحرب التي شنتها فرنسا على الشعب الجزائري أول أمس السبت عن عمر يناهز 85 سنة.
هذا المناضل النشيط جدا في التيار اليساري الفرنسي عارض السياسة " الفرنسية" المنتهجة من طرف غي مولي ليدخل في انشقاق و بصفته أمينا للطلبة الاشتراكيين ناهض الحرب التي شنتها أسرته السياسية ضد الشعب الجزائري و أسس الحزب الاشتراكي المستقل.
وقد سلم في 17 فبراير 1959 وهو موظف عمره 28 سنة تقريرا حول الظروف السائدة بمخيمات اعتقال الجزائريين (رجال و نساء و أطفال) للمندوب العام للجزائر.
وقد أشار التقرير إلى واقع كان يجهله الرأي العام بخصوص أكثر من مليون جزائري معتقل في ظروف غير إنسانية بهذه المخيمات وهي إحدى المأساة غير المعروفة لحرب الجزائر التي سجلت نسبة وفيات كبيرة لدى الأطفال.
وأكد ميشال روكار في تقريره أن حوالي 500 طفل كانوا يوميا مهددين بالجوع. وبعد مساعي صاحب التقرير قرر مكتب حافظ الأختام لحكومة ميشال ديبري ادموند ميشلي تسليم هذا التقرير للصحافة.
وحسب المؤرخين فقد كان هذا التقرير مصدرا لمظاهرة المثقفين الفرنسيين "121" ضد "حرب الجزائر" ندد فيها الموقعون بممارسة التعذيب وتعهدوا برفض "حمل السلاح ضد الشعب الجزائري".
وبقي ميشال روكار الذي شغل منصب رئيس حزب وموظفا ساميا وسيناتورا ونائبا ووزيرا ووزيرا أول يشكل مرجعية ثقافية لليسار الفرنسي. كما يعد نموذجا لجيل سياسي " كفئ ونزيه".