نقابات تختار "الضغط" وأولياء التلاميذ غاضبون

رُبع قرن من الاضرابات في المدارس.. لماذا وإلى متى؟

رُبع قرن من الاضرابات في المدارس.. لماذا وإلى متى؟
  • القراءات: 545
ايمان بلعمري ايمان بلعمري

❊ روينة: يجب البحث في دوافع الاحتجاجات بدلا من تشويهها

❊ بوديبة: اللقاءات المتكررة مع الوزارة لم تأت بأي جديد

❊ دزيري: اطراف تريد الاستثمار في هذه الاضرابات

دخلت أربع عشرة نقابة بقطاع التربية منذ، أمس، في إضراب يدوم ثلاثة أيام كاملة  تزامنا مع تنظيم وقفات احتجاجية أمام مديريات التربية في محاولة لافتكاك مطالبها المرفوعة للسلطات الوصية منذ فترة. ويتساءل الجزائريون مع كل إضراب يعرفه هذا القطاع الحساس، عن سرّ لجوء النقابات إلى هذا الخيار كوسيلة ضغط على الوصاية والسلطات العمومية لدفعها إلى تلبية مطالبها الاجتماعية والمهنية.

ويتواصل مثل هذا السيناريو على مدار أكثر من ربع قرن ضمن إضرابات دورية وفي فترات مفصلية في الموسم الدراسي ليعود السؤال، ألم تحقق النقابات مطالبها أو على الأقل جزءا منها أم أنها مطالب تتغير مع تغير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؟

ومحاولة منها تفكيك لغز هذه الاضرابات ارتأت "المساء" استقراء آراء قيادات بعض نقابات قطاع التربية لتنوير الرأي العام بخصوص معضلة أصبح أولياء التلاميذ يعتبرونها عقابا لأبنائهم كونهم أول من يدفع ثمن هذه الاحتجاجات خاصة بعد موسم كاد يكون أبيض بسبب جائحة كورونا العام الماضي.وأكد زوبير روينة، الأمين العام لنقابة مجلس أساتذة الثانويات الجزائرية في اتصال مع "المساء" أن الفترة الزمنية لشنّ الإضرابات فرضتها معاناة العمال من أجل تلبية مطالبهم المستعجلة لحفظ كرامتهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة. وهو ما جعله يصف تصريح الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، سليم لباطشة الذي دعا  من خلاله الى عدم الانصياع لـ"النداءات المجهولة التي تدعو للاحتجاج"، بمثابة سابقة خطيرة في تاريخ النضال النقابي وكان يتعين على الاتحاد العام للعمال الجزائريين تبني الإضراب والبحث في دوافع هذه الاحتجاجات بدلا من تشويهها.

وقال مسعود بوديبة، الناطق باسم المجلس الوطني المستقل لأسلاك التربية "كنابست" من جانبه، ردا على بيان الوزارة الأولى الذي دعا إلى مراعاة الأزمة الاقتصادية والصحية التي تمر بها البلاد، أن الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد تعود لسياسيات الحكومات المتعاقبة وعلى المسؤولين وضع سياسات اقتصادية خالقة للثروة من شأنها تحسين القدرة الشرائية للموظفين من جهة وتضمن حلّ مشاكلهم العالقة من جهة أخرى. وكشف بوديبة في اتصال مع جريدة "المساء"، أن اللقاءات المتكررة المنعقدة مؤخرا مع وزارة التربية لم تأت بأي جديد ولم تحقق أي نتائج إيجابية بالنسبة للمطالب المرفوعة، متهما الوصاية بالدفع بالشريك الاجتماعي إلى تبني خيار اللجوء إلى الإضراب وهي  بالتالي تتحمّل مسؤولية الوصول إلى طريق مسدود، بسبب عدم جديتها ووفائها  بالتزاماتها.

وبرر الاحتجاجات التي شهدها قطاع التربية بتجاهل وزارة التربية لمختلف المطالب القديمة ـ الجديدة المرفوعة منذ سنوات والتي تتعلق أساسا بالظروف الاجتماعية والمهنية على غرار رفع القدرة الشرائية التي وصلت إلى أدنى مستوياتها بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية  وملف السكن بالإضافة إلى التأخر في تفعيل القانون المنظم لملف طب العمل الصادر سنة 1988 والخدمات الاجتماعية وملفي التقاعد والتوظيف. ودعا بوديبة، المسؤولين الى ضرورة تلبية مطالب  النقابات، بقناعة أن مصلحة التلميذ تمر عبر الاستجابة لمطالب موظفي القطاع وأن استقرار القطاع واستكمال السنة الدراسية مرهون بمدى تلبية المطالب المرفوعة لأن الأستاذ الذي لا يستطيع توفير أو ضمان قوته اليومي لا يستطيع  ـ كما قال ـ أداء مهامه تجاه المتمدرسين.

وأكد صادق دزيري، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، أن الظروف الاجتماعية للمعلم والأستاذ هي التي حركت النقابات، معترفا بوجود أطراف تريد الاستثمار في هذه الإضرابات وأن للحكومة كافة الوسائل للكشف عن هذه الأطراف وفضح الغرض من مخططاتها. وأضاف أن تحرك النقابات جاء تزامنا مع الانتخابات التشريعية بهدف تلبية بعض المطالب التي بقيت عالقة  طيلة سنوات على غرار القانون الأساسي الذي يراوح مكانه منذ 2008 وملف الأجور الذي لم يفتح هو الآخر منذ 2008، فاستقرار القطاع مرهون بمعالجة أهم الملفات.

وبين مطالب مختلف النقابات قال عز الدين زروق رئيس جمعية أولياء التلاميذ أن شنّ النقابات  لإضراباتها في مثل هذا التوقيت هدفه ممارسة ضغط على الحكومة قبل موعد الانتخابات التي تعد  فرصة لحل مشاكل القطاع وتحقيق مطالب الأستاذة المؤجلة منذ سنوات. وهو ما جعله يدعو إلى فتح باب الحوار  بين الطرفين، كونه الحل الوحيد لضمان استكمال الموسم الدراسي لأن الإضرابات المفتوحة التي تدعو إليها بعض النقابات أضرت بمصلحة التلميذ وأثرت سلبا على موسم دراسي، متأثر أصلا بتداعيات الأزمة الصحية لازالت تلقي بضلالها على الموسم والمستوى الدراسي.