سوق الخضر والفواكه واللحوم بتيارت

تحفة معمارية مهملة منذ ثلاث سنوات

تحفة معمارية مهملة منذ ثلاث سنوات
  • القراءات: 541
نورالدين خيالي نورالدين خيالي

مازالت معاناة سكان المدينة القديمة بتيارت مستمرة منذ ثلاث سنوات، إثر غلق سوق الخضر والفواكه واللحوم والأسماك من أجل التهيئة التي لم تر النور إلى حد الأن، بسبب عدم أخذ الأمور بجدية من قبل الهيئات المشرفة، التي قررت في وقت الوالي السابق بن تواتي عبد السلام المنتهية مهامه، إزالة السوق نهائيا وإعادة بنائه من جديد على نفس الأرضية، لكن قوبل هذا المقترح بالرفض من قبل غالبية سكان المدينة، الذين أرادوا الإبقاء على السوق كما هو، خاصة أن نشأته تزيد القرن، إضافة إلى طابعه المعماري والهندسي المتميز، فيما طالبوا بإعادة تهيئة السوق ومحيطه والطابق الأرضي المخصص لبيع الأسماك، دون المساس بهذا المعلم الذي تحول إلى رمز من رموز المدينة.

بادرت بلدية تيارت في هذا الشأن، بالإجراءات الإدارية والتنظيمية، وقامت بتسليم المشروع لإحدى المقاولات التي قام صاحبها بتسييج محيط السوق، والشروع في عملية التهيئة التي مست كل أرجائه، حيث تم الانطلاق في الأشغال التي كان مقررا إنهاؤها في ستة أشهر، لكن بعد مرور ثلاث سنوات، مازالت الأمور تراوح مكانها، وبعد اتصالات عديدة وحملات تحسيسية مكثفة من قبل العديد من الجمعيات ووسائل الإعلام، قامت بلدية تيارت بفسخ عقد المقاولة المكلفة منذ خمسة أشهر، وبقاء سوق الخضر والفواكه واللحوم والأسماك بتيارت، عبارة عن أطلال في قلب المدينة، فيما تحول إلى ملاذ للحيوانات الضالة والروائح الكريهة.

تجار القدماء يطالبون بأخذ الأمر بجدية

الخاسر الأكبر في كل هذا؛ تجار سوق الخضر والفواكه واللحوم والأسماك، الذين غادروا السوق على أمل العودة إليه بعد ستة أشهر، لكن تمر ثلاث سنوات والوضع مازال يراوح مكانه والسوق مغلوق، مما أجبر عددا كبيرا منهم على البحث عن محلات للكراء ومزاولة نشاطهم التجاري، مع تواجدهم اليومي بمحيط السوق أو بمقر البلدية للاستفسار عن مصير هذا الفضاء التجاري، فيما لم يجدوا جوابا مقنعا، غير الوعود التي سئموا منها منذ سنوات، مع أن الحلم مازال يراودهم في عودة هذا السوق إلى النشاط، بعد إنهاء أشغاله وتسليمه مجددا للحركة التجارية المحلية التي أصبحت الآن منعدمة بوسط المدينة.

التجارة الموازية تستفحل بعد غلق السوق

ساهمت الوضعية الحالية لسوق الخضر والفواكه بقلب مدينة تيارت، في استفحال ظاهرة التجارة الموازية للخضر والفواكه بمحيط السوق والأحياء والشوارع المتاخمة له، التي تتحول يوميا إلى فوضى عارمة، مع الاكتظاظ المروري وغلق الممرات وانتشار الأوساخ وبقايا الخضروات، وسط ديكور يخاله المرء أنه وسط محيط ريفي، وليس بمدينة حضرية كانت ذات يوم عاصمة لأول دولة إسلامية بشمال إفريقيا والمغرب العربي؛ الدولة الرستمية، ومن أقدم ولايات الوطن التي تعود ترقيتها إلى ولاية سنوات الخمسينات من القرن الماضي. كل هذا لتعويض غلق السوق وعدم إيجاد البديل، خاصة سكان المدينة القديمة الذين يضطرون إلى التعامل مع الوضع، إما باقتناء مستلزماتهم من الأسواق الموازية، أو قطع مسافات كبيرة للذهاب إلى الأسواق الجوارية، كحي السوناتيبا أو فولاني.

تصميم معماري رائع يتحول إلى أطلال

يتفق الجميع بتيارت، خاصة سكان المدينة القدماء، على أن وضعية سوق الخضر والفواكه بقلب المدينة القديمة، بعد ما كان أحد المعالم والتراث المعماري الذي يعود إنشاؤه إلى أكثر من قرن، والذي كان نقطة التقاء السكان، وفضاء تجاري مميز ومنظم، أصبح اليوم نقطة سوداء تضاف إلى العديد من المنشآت والهياكل بالمدينة التي اندثرت بفعل فاعل، كمقر المحافظة العقارية القديم المحاذي لمقر البلدية، الذي هدم على أمل إنجاز حديقة، لكن بعد ثماني سنوات، تحول إلى مكان للقمامة ومرحاض عمومي في الهواء الطلق، أمام مرأى الجميع، ومسجد صلاح الدين الأيوبي الذي لم ير النور منذ انطلقت أشغال إنجازه منذ 45 سنة، إثر تهديم الكنيسة والشروع في بناء المسجد مكانها.

السكان يطالبون بإنهاء أشغال التهيئة

الوضعية المزرية لسوق الخضر والفواكه واللحوم والأسماك بقلب مدينة تيارت، منذ أكثر من ثلاث سنوات، جعلت سكان المدينة وتجار السوق يناشدون الوالي التدخل، لإنهاء هذا الكابوس، مع ضرورة تعيين مقاولة متخصصة لاستكمال ما تبقى من أشغال، وإعادة فتح السوق وتسليمه للتجار الأصليين، والقضاء على هاجس تحوله إلى مكان للقمامة وانتشار القوارض والحيوانات الضالة، التي شوهت كثيرا المنظر الجمالي لوسط مدينة تيارت، وإعادة بعث النشاط التجاري وتسهيل اقتناء مختلف احتياجات سكان المدينة القديمة الذين عانوا من هذا الوضع كثيرا.