من أقدم الأسواق المغطاة بقسنطينة

سوق "بومزو" يفقد سمعته بسبب ارتفاع الأسعار

سوق "بومزو" يفقد سمعته بسبب ارتفاع الأسعار
  • القراءات: 668
 زبير. ز زبير. ز

كان مقصدا لمحدودي الدخل، بسبب موقعه الهام بقلب مدينة قسنطينة، وقربه من مدينة الحامة المشهورة بمنتجاتها الفلاحية، إذ يعد أيضا مقصد عدد كبير من الفلاحين وتجار هذه البلدية، وهو الأمر الذي وفر تنوعا في السلع بأسعار تنافسية، ويتعلق الأمر بسوق "بومزو" بقسنطينة، أو كما يطلق عليه القسنطينيون "المرشي الكبير".

يعد سوق "بومزو" بوسط مدينة قسنطينة، من أقدم الأسواق المغطاة في عاصمة الشرق، موقعه استراتجي بالقرب من ساحة أول نوفمبر، تحت ساحة "لابريش" مقابل المسرح الجهوي، ومجلس قضاء قسنطينة السابق والبريد المركزي، جعله يكتسي أهمية تجارية كبيرة، حيث كان مقصدا لمئات، إن لم نقل الآلاف، من المتسوقين يوميا، خاصة أنه كان في وقت سابق، يقع بجوار محطة حضرية لنقل المسافرين، سواء عن طريق الحافلات أو سيارات الأجرة، التي تنقل الركاب من وسط المدينة نحو أحياء المدينة الغربية؛ فيلالي، السيلوك وبوالصوف، وهو الأمر الذي يسهل على المواطنين التسوق بأريحية.

عرف سوق "بومزو" بوسط المدينة، خلال السنوات الفارطة، العديد من التغيرات التي فرضتها الضرورة على وسط المدينة، بداية بغلق محطة الحافلات لنقل المسافرين، التي كانت تقع أسفل ساحة "دنيا الطرائف"، وتحويلها خارج المدينة القديمة، إلى تشييد مشروعين كبيرين بجواره، ويتعلق الأمر بفندقي "إيبيس" و"نوفوتال"، مع إجراء عمليات ترميم وتحسين ساحة "دنيا الطرائف". كل هذه الأمور أثرت نوعا ما على عدد قاصدي السوق، وانخفاض الزوار مقارنة بسنوات خلت، حين كان السوق يشهد أيامه الذهبية.

سوق "بومزو" الذي بات يعاني من حالته المتدهورة، رغم عمليات التنظيف التي شهدها خلال السنوات الفارطة، من طرف المصالح المعنية ببلدية قسنطينة، لم يرق بعد إلى مستوى البنايات التراثية، نظرا لتدهور أسقفه، وحتى أرضياته، وكميات الأوساخ التي تتجمع يوميا، ويخلفها الباعة الذين يتركون وراءهم أطنانا منها. ويعد السوق الذي بني خلال الحقبة الاستعمارية، فوق أحد أبواب قسنطينة السبعة، من تراث المدينة، حيث قام الفرنسيون ببناء السوق فوق باب سيرتا، اكتشف سنة 1935، وكان يعد مدخلا للمدينة في عهد الرومان.

يضم سوق "بومزو" العديد من الأجنحة، منها أجنحة لبيع اللحوم بأنواعها الحمراء والبيضاء ومشتقاتها من "مرقاز" و"كاشير" وغيرها، إضافة إلى أجنحة خاصة ببيع مختلف أنواع الخضر والفواكه، التي تعرض داخل المحلات أو على الطاولات. كما يضم السوق جناحا لبيع الأسماك بمختلف أنواعها، ومحلات لبيع المواد الغذائية والتوابل، مع توفره على مقهى ومحل لبيع الأكل السريع. كما يستقطب السوق عددا كبيرا من التجار المتجولين الذين يضعون سلعهم، خاصة الخضر والفواكه، وكذا الدجاج والأرانب التي تربى في المنازل، وحتى زيت زيتون، خارج السوق، وبالتحديد في الباب السفلي،  بمحاذاة الجدار السفلي للسوق مقابل حظيرة ركن الشاحنات والسيارات. ومن ميزات السوق، أنه يعمل إلى ساعات متأخرة من المساء، مما يسمح لأرباب العائلات الذين يرتبطون بأوقات محددة في العمل، حيث يجدون ضالتهم ويتمكنون من اقتناء حاجياتهم عند الخروج من العمل.

كان سوق "بومزو" بورصة للأسعار في مدينة قسنطينة، حيث كانت الأسعار المعروضة به جد تنافسية، كما كان مقصدا للكثير من المواطنين من أجل اقتناء اللحوم البيضاء، سواء الدجاج الموضب أو شرائح لحم الدجاج أو الديك الرومي، بأسعار جد مقبولة، لكن بسبب ارتفاع أسعار المواد المعروضة في السوق مؤخرا، على عكس ما كانت عليه سابقا، عرف هذا التجمع التجاري عزوف عدد كبير من المتسوقين، وبدأ يفقد بريقه وسمعته وشهرته في عرض السلع بأسعار مقبولة وفي متناول جيب المواطن البسيط، كما أن انتشار الأوساخ داخله، جعل العديد من سكان المدينة يتجهون إلى أسواق أخرى مجاورة، على غرار سوق "بطو عبد الله" على بعد حوالي 500 مترا بمدخل شارع مسعود بوجريو (سان جاون)، رغم أسعاره المرتفعة، أو سوق "العاصر" داخل المدينة القديمة.