سعيكم مشكور وذنبكم مغفور

  • القراءات: 960
بلسان: جمال لعـلامي بلسان: جمال لعـلامي

في العيد العالمي للعمال، مثلما يطالب عمّالنا وعاملاتنا، ونحن منهم طبعا، بالتغيير والإصلاحات، عليهم كذلك أن يشاركوا في هذا التغيير وهذه الإصلاحات، وقد تكون البداية وأولوية الأولويات، بتغيير الذهنيات وتبديل العقليات التي جعلت من العمل رقما ثانويا، وأحيانا صفريا في معادلة التنمية والبناء المنشود.

للأسف، أصبح العمل عندنا خلال السنوات الماضية ـ وهذا ليس من باب جلد الذات وتعذيبها ـ ولكن من أجل وضع اليد على الجرح وتضميده والتخلّص نهائيا من الوجع، أصبح هذا العمل، مجرّد كلمة لا تعني الكثير في عالم الشغل، باستثناء انتظار آخر الشهر لصرف الأجرة، وانتظار المنح والعلاوات، وماعدا ذلك "شكر الله سعيكم"!

أليس من الموبقات أن العامل الجزائري- وليس كلهم طبعا- عندما يكون متوجها إلى عمله يقول: "أنا ذاهب إلى العمل"، عوض أن يقول: "أنا ذاهب للعمل"؟.. أليس من المنكرات، أننا كعمال وموظفين ومستخدمين، توارثنا جيلا بعد جيل فيروسات "سرقة الوقت"، في الصباح والمساء، وإذا خاطبك الأتقياء والنزهاء قلنا: "مالكم"؟

فعلا، علينا أن نغيّر ما بأنفسنا ليتغيرّ سوق العمل، وتعود قيمة العمل إلى أصلها، ولن يتحقّق ذلك إلاّ بالعدل والإنصاف والمساواة في الأجر وفي الجزاء والعقاب، وفي بذل الجهد والاجتهاد، والمثابرة وفي النزاهة والصدقة والوفاء والولاء للمؤسسة التي توظفك والمعمل الذي يشغّلك ويضمن لك رزقك، وإن كان "الرزق على الله".

لا يُمكن بأيّ شكل من الأشكال، لا اليوم ولا غدا، تطوير مؤسّساتنا الإنتاجية والاقتصادية والإدارية بأساليب "الهفّ" وممارسات "التبلعيط"، ولهذا وجب علينا جميعا، كلّ في منصبه وموقعه ومسؤولياته، أن نحارب البيروقراطية في دواخلنا، ونتغلّب على الأنانية والنرجسية والنّظر إلى "حدبة" الجمال التي تسبقنا وتحيط بنا، دون أن ننظر إلى حدبتنا وعيوبنا وسلبياتنا ونواقصنا التي تكاد أن تقتلنا "ناقصين عمر" والعياذ بالله.

من حقّ كل عامل أن يحتفل بعيده العالمي على غرار كلّ عمال العالم، لكن أليس من واجبنا وبلغة الضمير والأخلاق، والاعتراف بالخطيئة إن وُجدت وبعدها التوبة النّصوحة، أن نقيّم حصائلنا وما بذلناه وما حقّقناه، قبل أن نلوم ونحاسب غيرنا، و«ندّبر" على هذا وذاك، دون أن نستمع للآخر ودون أن نقبل الملاحظة والانتقاد؟

لقد تحوّلت أغلب المصانع والإدارات والمؤسّسات العمومية وحتى الخاصة، خلال سنوات الركود والجمود إلى هياكل بلا روح، جثث لا حياة لمن تنادي فيها، عناوين بلا معنى، وأرقام لا تغيّر العملية الحسابية في أوّلها وآخرها، وكلّ ذلك كان بسبب سوء التسيير والإهمال والتسيّب واللامبالاة والاتكالية وعقلية "ملك البايلك" وعدوى النّهب والسلب والإفلاس الاحتيالي والفساد و«أفسدة" الجميع، وفي هذه المطبّات و"الجرائم" تنافس وتسابق العامل الصغير مع العامل الكبير وتساوى المسؤول مع رعيّته!

المطلوب منّا اليوم، وقد وضعنا خطوات نحو تشييد الجزائر الجديدة التي حلم بها الجزائريون في حراكهم الأصلي والأصيل، أن نغيّر نظرتنا لمفهوم العمل ومصطلح العامل، وأن نمتثل إلى قاعدة النجاعة والمردودية التي مفادها: "لا يستوي الذين يعملون مع الذين لا يعملون"، وقد يكون هذا أحد مخارج النّجدة، لنعيد الاعتبار للعمل والعامل معا، وطبعا يستحيل بناء الأمم من دونهما حتى ولو تمّ تعويضهما بروبوتيك لا يعرف كلمة "أفّ"!