انطلَقوا من الخشبة

مسرحيون نجوم في الشاشة الرمضانية

مسرحيون نجوم في الشاشة الرمضانية
  • القراءات: 1272
 دليلة مالك دليلة مالك

تشهد الشبكات الرمضانية مع كل عام، تألق الممثلين في الكوميديا أو الدراما، وأغلبهم قدِموا من المسرح، امتهنوا فن التمثيل انطلاقا من الخشبة، فكانت بمثابة مدرسة، خرّجت وجوها، حققت لها مكانة في الشاشة الصغيرة، ولفتت انتباه المتفرجين، فأضحوا نجوما لهم محبوهم ومتابعوهم. الشاشة الصغيرة أحسن وسيلة لصناعة الشهرة، وهي الميزة التي تُفتقد في فن المسرح إلا في ما ندر.

ومنح التلفزيون لممثلين مسرحيين الفرصة كي يحظوا بجماهيرية واسعة لا يضمنها أبو الفنون؛ فالموسم الرمضاني الحالي أبان عن عدد من الإمكانيات الهائلة في مجال التمثيل. ويتعلق الأمر بأسماء عديدة لا يمكن حصرها في مقال وحيد، غير أن بعضهم تميزوا فعلا، منهم الممثل المسرحي مختار حسين الذي أدى دور "منير" في "مسلسل 7 حجرات" للمخرج مهدي تساباست؛ حيث قدّم أداءً محترما وجيدا؛ بتشخيصه دور الصديق، الذي يحاول فك لعنات صديقه "هشام صخراوي"، فأتقن دوره على أساس أنه شخصية بسيطة صادقة، صاحب عفوية إيجابية ومرحة، ولذلك استطاع أن يكون محور اهتمام الجمهور المتفرج على هذه السلسلة، لا سيما في شق تطورات علاقته بـ "حليمة" (موني بوعلام).

ومن المسلسل نفسه، تمكن الممثل المسرحي إلياس مشاكرة، من تجسيد دوره المركّب، من خلال شخصية "شاكر"، وهو شاب أحد ضحايا تعجرف وقسوة "هشام صخراوي"، ومن جهة ثانية ضحية أسرته، المتمثلة في شخصية الوالد (كمال رويني)، الذي عانى منه الأمرّين بسبب أن شاكر لا يجد عملا رغم كل مساعيه. وما يلفت في أداء إلياس مشاكرة تبنّيه الدور بشكل عميق حتى التصديق بأنه على تلك الحال من الاضطراب النفسي، ويعبّر عن حالته هذه بشكل ممتاز، ويُنتظر أن يكون له مستقبل واعد في الشاشة الصغيرة. وانتبه مسلسل "7 حجرات" لإمكانيات الممثل المسرحي في التلفزيون، لذلك كان الاعتماد عليهم في أداء أحداث القصة لافتا. ومن بين هؤلاء الممثلين الممثلة القديرة ليديا لعريني، التي وُفقت في تقمّص دور "أم هشام". وتُعد الفنانة من بين أهم الممثلات اللواتي أنجبهن المسرح الجزائري. وأوجدت لنفسها مكانة في المشهد التلفزيوني الدرامي، بسبب الشخصية والكاريزما التي تتمتع بها سواء على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا.

وفي مسلسل "ليام" لنسيم بومعيزة، أقنع الممثل المسرحي نصر الدين جودي في تجسيد دور "عقبة"، بأداء متميز بالرزانة والهدوء، بدون تكلف أو تصنع زائد يمكن أن نلاحظه، وهو ممثل يجيد الدراما كما الكوميديا، حري بالمنتجين والممثلين الانتباه إليه لاحقا، وكذلك باقي الممثلين السابق والآتي ذكرهم. وفي هذا الشأن تميز الممثل المسرحي علي ناموس في دور "يحيى" الشاب البسيط والمحافظ، الذي يبحث عن سر زج الوالد بالسجن. ويحاول فهم المبهمات التي تدور حوله. ونسجل الحضور الذي يتمتع به رغم أنه يؤدي دورا ثانويا في مسلسل "ليام".

ولا يختلف اثنان في أن الساحة الفنية الجزائرية بمثابة خزانة كبيرة للممثلين، لاسيما من كانت لهم قاعدة في التمثيل المسرحي، لكن تبقى بعض الأخطاء التي تشوب الدراما الجزائرية، مصدرها ضعف السيناريو، وهشاشة الكتابة الدرامية للمسلسلات باستثناءات بسيطة، وكذلك الأمر بالنسبة لعملية الإخراج وتقنيات التصوير، وهما عنصران أساسيان يليق بهما التطور، والتحلي بالجرأة لكسر القوالب الكلاسيكية بقوالب فنية حديثة مبدعة ومدهشة.