الدكتورة وعيل ضيفة المنتدى الثقافي

قراءة في التراث الصوفي

قراءة في التراث الصوفي
الدكتورة شفيقة وعيل
  • القراءات: 1082
مريم. ن مريم. ن

استضاف المنتدى الثقافي الجزائري، مؤخرا، ندوة ثقافية نشطتها الدكتورة شفيقة وعيل في موضوع "النص الصوفي: أي قراءة اليوم؟" حيث اعتبرت أن هذا النص ذو ملمح روحي تراثي، ومن هنا تساءلت ما الذي نريده من قراءة نص صوفي ولمن نقرأه، وأي خبرة تستخدم في قراءة هذا النص؟.

لا زال التصوف مجالا يثير العديد من التساؤلات عند جمهور الباحثين، لما فيه من تحولات وتساؤلات منها "ما هوية هذا النص؟ ما طبيعته؟ كيف نشأ؟ ماذا يريد هذا النص؟ كيف يقرأ؟ وما هي علاقته بالدين والأخلاق والجمال؟".

حاولت ضيفة المنتدى الإجابة على بعض التساؤلات، وأشارت إلى أن هذا التركيب شائك وملغم، لأن فيه الكثير من التساؤلات، معتبرة أن النص الصوفي يحمل تجارب مختلفة، فالصوفية تجربة متفتحة ومتميزة، كما رأت أنه حين نتحدث عن النص الصوفي لابد أن نتساءل "ما معنى النص الصوفي؟ هل النص الصوفي هو النص الذي يكتبه صوفي شهد منه أنه يتولى قضايا التصوف؟ وسميت هذه التجربة بالتجربة الروحية المتعالية، أم أننا نتعامل مع نص صوفي بمعنى نص ذي لغة صوفية ولا يهم صاحبه؟"، ففي هذه الحالة قالت؛ إننا سنتعامل مع نص يبدو أنه ذو منحى أدبي أكثر، ولا يعنينا إن كانت تجربة روحية أم لا؟ كونه لم يصرح بذلك، فرأت أن الحكم عليه هنا صعب جدا، لأنه سيعتبر تفتيشا للنوايا.

تناولت الدكتورة وعيل النص الصوفي بصفته نصا يحمل ملمحا روحيا دينيا في تجربة متعالية، بالتالي حصرت نفسها في نص صوفي تراثي، ومن هنا تساءلت ما الذي نريده من قراءة نص صوفي مثل هذا، ولمن نقرأه، وأي خبرة سنستخدم في قراءة هذا النص؟.

ترى الدكتورة أن كل المدارس القرائية وجدت لنفسها مكانا، كون التجربة الصوفية تعايش كل مناحي الحياة، وأما قراءتها، فهي تنصب حول النص الصوفي بوصفه ظاهرة أنطولوجية، وبوصفه محاولة لفهم الوجود، وأضافت أن النقد الأنطولوجي هو ما ركزت عليه في طرحها. قالت الدكتورة، إنه يوجد نوع من الاهتمام الشديد والإنتاج الثري في الحقل الصوفي، حيث هناك الكثير من الإبداع، لكن هذا الإبداع فيه الكثير من المآخذ، حسبها، مثل قراءة التجربة الصوفية وفق مصطلحات وقوالب معينة، لا تساير التجربة نفسها، بل هي قراءة تجربة بأدوات قراءة تجربة أخرى، أو هي قراءة معرفة بلغة معرفة أخرى، وعاتبت هذه الظاهرة بالقول إن التجربة الصوفية هي بنت ذاتها وبنت لحظتها المتجددة.

في نقطة أخرى، أشارت الدكتورة وعيل إلى طبيعة النص الصوفي وتساءلت إن كانت طبيعته روحية أم وجدانية أم مجتمعية، أم هي دينية، ومن ثمة أشارت إلى الذين حاولوا وصف النص الصوفي، فمثلا "كاتز"الذي رأى أن التجربة الصوفية هي نتاج إطارها الثقافي، لكنه لم ينف وجود عامل مستقل ينتمي إلى جوهر الحقيقة المتعالية، حيث رأى أن اللغة تتحرك في هذه الحقيقة المتعالية التي ينبغي أن تخضع لها كل محاولة للتأويل، وأما "لايكوف وجونسون" فاعترفا أن خبرتنا في العالم الواقعي بمقدورها أن تفسر أي تجربة، عن طريق الاستعارة التصورية، أما في الجانب الإسلامي فقد تحدثوا عن ضرورة إرجاع التجربة الصوفية إلى المعارف القبلية في القرآن، بل اعتبروا أن التصوف هو تذوق وجداني فردي للغة القرآن، وأما "جيمس بار" فقد قال، إن اللغة في حد ذاتها لا تحمل رؤية ميتافيزيقية مرتبطة بسياقها الثقافي، وعليه يمكن للتجربة، حسبه، أن تنتقل من نسق ثقافي إلى آخر، دون أن تفقد شيئا من حمولتها.

للإشارة، الدكتورة وعيل باحثة في التراث الفكري والأدبي العربي والإسلامي، متحصلة على ليسانس وماجستير في الدراسات الإسلامية في الجزائر، وعلى دكتوراه في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأمريكية في بيروت، إضافة إلى أنها تحضر للدكتوراه في الدراسات القرآنية، ومنشغلة بمراجعة المفاهيم التراثية، وتسعى إلى تجريب قرائي يعيد توليد المعرفة برؤى أكثر تجريبا بالتراث.