حازورلي يتذكر "أعصاب وأوتار"

الجودة تسبق النجومية

الجودة تسبق النجومية
  • القراءات: 891
 مريم . ن مريم . ن

  استحضر المخرج الكبير محمد حازورلي مؤخرا عبر صفحته الإلكترونية، ذكرياته مع رائعة "أعصاب وأوتار" التي ميزت الرمضانيات الجزائرية لسنوات طويلة، وبقيت راسخة بكل أبطالها وحكاياتها في مخيلة الجمهور الجزائري. كما كانت هذه الوقفة تحية من المخرج لبعض النجوم، منهم هؤلاء الراحلون.

توقف المخرج عند طبعة 1986 من "أعصاب وأوتار" مع الراحلة وردية، التي وضع لقطة من مشاركتها في السلسلة مع الفنان بن زراري. كما أشار إلى أن هذه السنة عرفت مشاركة الفنانة نوال زعتر لأول مرة، ولاقت نجاحا منقطع النظير، وكل الممثلين كانوا في قمة الانسجام. كما ترحم حازورلي على من رحلوا، ومنهم عمي البشير ورشيد زغيمي، وقبلهما كمال كربوز. وعاش حازورلي سنوات المجد مع سلسلته "أعصاب وأوتار" التي لم ينطفئ وهجها لأكثر من عقدين؛ لاحترافية ممثليها، ولبعدها الاجتماعي الذي غاص في يوميات الجزائريين بأسلوب ساخر. "أعصاب وأوتار" سلسلة كوميدية من إخراج محمد حازورلي، بدأ عرضها سنة 1976 وتوقفت عام 1998. وكانت أحداثها تدور حول مشاكل المواطن الجزائري في قالب ساخر وهادف. وحققت السلسلة شعبية استثنائية حتى خلال العشرية الحمراء. وتميزت باستمرار نجاحها رغم الإمكانات البسيطة وارتجال الممثلين، وحتى بعد توقفها مازالت مطلوبة وناجحة، خاصة في حلقاتها الرمضانية.

ولم يقتصر نجاح السلسلة على منطقة قسنطينة وما جاورها أو العاصمة، بل امتدت إلى كل مناطق الجزائر، وحققت نفس النجاح، وامتد نجاحها إلى دول المغرب العربي عامة، وأصبح نجومها مرحبا بهم حيثما ذهبوا وارتحلوا. وتشهد "المساء" على استقبال نجوم "أعصاب وأوتار" كاستقبال الفاتحين بالعاصمة التي أغلقت شوارعها ذات رمضان، وجاء الجمهور والعائلات من كل صوب وحدب لتحية هؤلاء النجوم بإحدى القاعات (سينما الجزائرية) بشارع ديدوش مراد، ومعها عادت الذكريات الجميلة وزمن الفن الجزائري الهادف الذي كان يستوطن كل البيوت، لذلك بقي حيا في الوجدان الجماعي للشعب الجزائري. هؤلاء الفنانون صنعوا نجوميتهم بأعمالهم الراقية والهادفة، وأصبحوا جزءا من تراثنا الفني، كما كانوا إلى جانب شعبهم في السنوات الحمراء ولم يغادروا، وبقوا واقفين رغم الصعوبات.

ومن بين نجوم السلسلة نجد السيدة فتيحة سلطان، التي تلقى دوما أجمل عبارات العرفان نتيجة أعمالها الهادفة التي تخدم العائلة الجزائرية. ومن الفنانين أيضا الراحل عبد الرشيد زغمي، وكذا حسان بن زيراري، وعلاوة زرماني، وعنتر هلال، ونور الدين بشكري وكذا المخرجان محمد حازورلي وعلي عيساوي. حينها قال بعض هؤلاء الفنانين لـ "المساء"، إنهم يملكون صورة جميلة عن جمهورهم الجزائري، وهم لا يريدون أن يفسدوها بأعمال هم غير مقتنعين بها، لذلك يفضلون الانسحاب عوض الحضور الرديء. وقال أحدهم: "أحب القديم على الجديد، الذي قد يمحو ماضيا صنعتُه وصنعني". وبالنسبة للبطل عنتر هلال فإن هذه السلسلة تحرك بداخله ذكريات أيام جميلة وذهبية، خاصة بالنسبة للفن القسنطيني، هذه المدينة العريقة التي كانت تمول التلفزيون الجزائري بكل ما هو فن، ترك بصمته لدى الجمهور الجزائري. "أعصاب وأوتاركانت فضاء يعرض اهتمامات المجتمع ومشاكله اليومية بأسلوب جزائري خالص، وبالتالي كان العمل مرآة، ينقل الواقع الجزائري، للبحث عن حلول لمختلف المشاكل التي تُطرح.

والنرفزة، حسب المتحدث، رمز للجزائري ذي الدم الحامي. ويراها الأستاذ عنتر صحية؛ لأنها أول طريق للحل، وهي أيضا دليل على أن شعبنا ليس بليدا. ويرى المخرج حازورلي أن الفنان الحقيقي هو ذلك الذي ينطلق من ثقافة بلده وهويتها، ويصل إلى أن يكون القدوة؛ لذلك انطلقت "أعصاب وأوتار" من الواقع، وتحدثت إلى الشعب وباسمه، وجعلته يلتفت إلى مشاكله، ويبحث لها عن حلول. وبالنسبة لقسنطينة، فقد كانت، حسب حازورلي، محطة، يلتقي فيها أبناء المغرب العربي، وبالتالي كانت كل شعوب المنطقة تتجه نحو التلفزة الجزائرية، ومن ذلك "أعصاب وأوتار"، وموعد "الجسر الكبير" الذي حقق نجاحا كبيرا، واستضاف الفنانين والمثقفين من ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا، وبالتالي جسّد الفنان الوحدة المغاربية بامتياز.